هل سينهار النظام اقتصادياً..ومتى؟!

هل سينهار النظام اقتصادياً؟، ومتى سينهار؟...سؤالان كانا وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات من أكثر الأسئلة إلحاحاً دون وجود إجابة وافية.

توقع الكثيرون من مسؤولي المعارضة انهياره اقتصادياً خلال أشهر قليلة من انطلاق الثورة, كما أكدت قناتا العربية والجزيرة نقلاً عن محللين اقتصاديين أن الاقتصاد السوري سينهار في رمضان 2011. وتوالت الأشهر والسنوات ولازال النظام قادراً على دفع فاتورة الحرب العبثية التي يشنها على شعبه على كامل الأراضي السورية, و يدفع رواتب موظفيه ويقوم بعمليات الاستيراد رغم وجود العقوبات العربية والأجنبية. ولازالت الأسواق السورية مليئة بالبضائع رغم الارتفاع الهائل في الأسعار.

ما سر قوة النظام الاقتصادية ؟، هل يكفي القول أنه مدعوم نقدياً من إيران وروسيا والعراق ولذلك استمر؟...رغم صحة هذا الادعاء لكنه لا يكفي..دعمت روسيا النظام بالسلاح وبعقود مؤجلة الدفع مقابل امتيازات معينة في قاعدتها البحرية في ميناء طرطوس وأمور أخرى كطباعة كمية كبيرة من عملته الوطنية مجاناً. أيضاً دعمت إيران النظام بفتح خطين ائتمانيين لشراء المواد اللازمة لاستمرار قطاع الكهرباء والنفط في أداء عملهما بشكل متوسط وشراء مستورداته الأساسية من المواد الغذائية. ودعمته العراق بالنفط. ولكن هذا لا يكفي ..

إن موارد النظام الأساسية ثلاثة: 1- عائدات الضرائب. 2-عوائد قطاعي التصدير والسياحة..3- عائدات النفط.

 انخفضت عائدات النفط بشكل كبير ولم تنقطع رغم كثرة الشائعات عن انقطاعها. أيضاً عائدات الضرائب انخفضت بشكل كبير بسبب هجرة أغلب رؤوس الأموال السورية إلى الخارج, وتوقف المصانع والمعامل, وهذا أدى إلى انخفاض كبير في عائدات التصدير. أما عائدات السياحة, فالسياحة الخارجية انخفضت عائداتها إلى ما يقارب الصفر, وتم الاعتماد على السياحة الداخلية حيث نلاحظ امتلاء أغلب الفنادق من الدرجة الرابعة وما دون في العاصمة دمشق وفي طرطوس واللاذقية بمهجري المحافظات ذوي الدخل المتوسط.

إذاً، كيف يقوى النظام على الاستمرار في ظل انخفاض هذه العائدات ؟؟....السبب الأساسي لاستمراره هي أموال المعارضة التي تصرف في الداخل للإغاثة, ورواتب للناشطين وللعسكريين وأيضاً تحويلات المغتربين التي تصرف بالليرات السورية وبسعر صرف يقل عن سعر صرف السوق السوداء بما يتجاوز العشرين ليرة سورية للدولار الواحد.

شهدت السنوات الثلاث الماضية تدفق قطع أجنبي إلى الداخل بما يتجاوز حلم النظام نفسه عندما كان يتطلع إلى تدفق القطع الأجنبي عبر منح امتيازات هائلة للاستثمار العربي والأجنبي. وفي الداخل لا يمكنك أن تشتري وتبيع بالدولار, وبالتالي عملية التحويل إلى الليرة السورية هي حتمية، وهكذا يعود الدولار إلى خزائن النظام ليحافظ على تماسك ليرته من الانهيار ويدعمها عبر دخوله عن طريق المصرف المركزي في السوق بائعاً للقطع الأجنبي إلى شركات الصرافة، يسانده في ذلك شركاؤه التجار بضخ مزيد من الدولار بالسوق المحلية، وهذا يفسر سبب صمود سعر صرف الليرة مقابل الدولار بحدود 165 إلى 170 للدولار الواحد كل هذه المدة، رغم توقع الكثير من المحللين الاقتصاديين انخفاضها إلى 800 ليرة للدولار في نهاية السنة الأولى من عمر الثورة.

أيضاً هناك سبب آخر لا يقل أهمية عن السبب الأول، وهو أن أغلب مدفوعات النظام هي داخلية، وبالتالي هي بالليرات السورية، حيث أوقف النظام سداد ديونه الخارجية منذ أن صدرت بحقه العقوبات الأوروبية بحجة أن هذه الأقساط هي مجمدة في حساباته في بنوك الخارج وسيدفعها حالما ترفع العقوبات.

وطبعاً استفاد النظام من انخفاض سعر صرف الليرة من 50 ليرة للدولار إلى 170، بزيادة حجم موجوداته من الليرة السورية، حيث تضاعفت أكثر من ثلاث مرات مقارنة مع كتلة الدولار المقابلة لها، والتي هي في خزائنه نتيجة السبب الأول.. ونلاحظ هذا في كتلة الرواتب والأجور في ميزانية الدولة والتي هي أكبر إنفاق جاري في الموازنة، إذ لم تزد هذه الكتلة بالليرات السورية ولكنها انخفضت بما يعادلها من الدولار بما يزيد عن ثلاث مرات.

ويبقى السؤال: إلى متى سيستمر النظام، اقتصادياً، هاجساً يشغل بال المحلليين الاقتصاديين والمعارضين السياسيين؟!!!

هند دمشقي – باحثة اقتصادية سورية

ترك تعليق

التعليق

  • سنددات
    2014-06-25
    شو مشان اصدار و بيع سندات خزينة؟