هل وجود السوريين بتركيا في خطر؟ (1-3)

تتجدد اليوم مخاوف السوريين في تركيا من أن يكونوا ضحية الصراع السياسي -الدعائي المحموم بين المعارضة والحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، جراء الانتخابات الرئاسية المُزمع إجراؤها في شهر آب المقبل.

ويحظى السوريون بمزايا، يعدّها الكثير منهم، مهمة في تركيا، مقارنة بأقرانهم في بلدان اللجوء المجاور لسوريا. لكن كابوس التجربة المصرية ما يزال مخيماً على مخيلات بعضهم. حينما تعرض السوريون المقيمون في مصر لحملة شعبية مناوئة لوجودهم، بفعل تحريض إعلامي اتهمهم حينها بدعم "الإخوان المسلمين" في صراعهم مع سلطة الجيش الذي انقلب على الرئيس محمد مرسي في 30 حزيران من العام الماضي.

اليوم، تركز بعض أحزاب المعارضة التركية على ملف "وجود السوريين"، كأحد ملفات الصراع ضد رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا الذي يعتزم شق طريقه قدماً نحو كرسي الرئاسة.

ورغم أن معظم المراقبين الأتراك والغربيين يجمعون على غلبة فرص أردوغان في اقتناص كرسي رئاسة تركيا، يعتقد سوريون بأن دعاية بعض أحزاب المعارضة التركية ضدهم ستأتي بنتائج تطال "طيب عيشهم" على الأرض التركية.

وكانت الدعوة التي انتشرت في صفحات بعض الناشطين الأتراك في مواقع التواصل الاجتماعي، للتظاهر ضد وجود السوريين في مدينة غازي عينتاب، جنوب البلاد، وفي باقي المدن التركية، قد أججت مخاوف السوريين ودفعت بعضهم إلى التحذير من يوم الأحد، الموعود، مطالبين أقرانهم بالتزام "ضبط النفس"، وعدم الوقوع في حالة "احتكاك سلبي" مع الشارع التركي.

لكن يوم الأحد، الماضي، "مرّ على خير"، وكانت تظاهرات الأتراك المطالبين بطرد السوريين المقيمين في مدينة غازي عينتاب، لا تُذكر. وحسب مصادر إعلامية، منها "راديو روزنة"، فإن عدد المتظاهرين لم يتجاوز 15 شخصاً فقط.

لكن وجهات نظر أخرى تعتقد بأن الأمر لم يمرّ بسلام كليةً. فبعض التجاوزات التي يرتكبها سوريون مقيمون في تركيا، زادت من نطاق "الضيق" بالسوريين في الشارع التركي.

وكانت "اقتصاد" أجرت حواراً مع ناشط إغاثي مقيم في غازي عينتاب، في أيار الماضي، ذهب فيه إلى أنه "لولا الدعم الرسمي التركي، ربما كان الأتراك طردوا السوريين من مناطقهم". مؤكداً وجود "استياء شعبي تركي بالفعل". مرجعاً ذلك إلى "التصرفات غير المنظمة التي وسمت السوريين في كل مكان، واستخدام الرشوة من جانب بعضهم". إلى جانب تأثير منافسة العمالة السورية لنظيرتها التركية في سوق العمل، إذ كان "التركي يحصل على 120 دولارا أسبوعياً، أما اليوم فالعمالة السورية تقبل بـ 50 دولاراً".

وكانت الأشهر الأخيرة قد عززت وجهة النظر المُشار إليها آنفاً، والتي تقول بأن سلوكيات بعض السوريين، أدت إلى انتشار "ضيق" في الشارع التركي حيالهم. إذ شهدت أنقرة، العاصمة، وبعض بلدات "إقليم هاتاي –لواء إسكندرون" بجنوب البلاد، صدامات واشتباكات محدودة بين سوريين وأتراك، دفعت بعض وكالات الأنباء العالمية إلى اعتبار "ضيق" الأتراك بالسوريين، ظاهرة قابلة للتعميم.

وقد جاءت حادثة جديدة لتزيد من قوة وجهة النظر سابقة الذكر. إذ إنه بعد أيام معدودة على فشل الدعوات للتظاهر ضد وجود السوريين بغازي عينتاب، حصل، أمس، توتر وصفه الإعلامي السوري، سمير متيني، بـ "الخطير".

وكتب الإعلامي السوري، في أحد تعليقاته على صفحته في "فيسبوك"، أن الشرطة التركية أخلت 25 سورياً من شارع زين العابدين في حي كارايلان في مدينة غازي عنتاب بعد أن تجمع سكان الحي في الشارع لضرب السوريين القاطنين فيه.

وأضاف متيني: "وحسب الادّعاءات فإن بعض السوريين الذين يعيشون في المحالّ التجارية ضربوا أطفالاً يلعبون كرة القدم في الشارع بسبب إثارتهم الضجة ثم لاحقوهم بالسكاكين المطوية. عقب ذلك تجمّعُ سكان الحيّ واقتحامُهم البيوت والدكاكين التي يسكنها اللاجئون السوريون في الحي. وعلى إثر ذلك اتصل بعض السوريين بشرطة النجدة التي أرسلت عدداً كبيراً من فرقها إلى الحي وعملت على تهدئة سكان الحي. وانتشرت هناك قوات فك الاشتباك لمنع التجمعات. وتحت إلحاح أهالي الحي على إخلائه من السوريين، قامت قوات الأمن بحماية 25 سورياً ونقلتهم بسياراتها إلى مديرية الأمن؛ وسيتم نقلهم إلى مخيمات اللجوء حال توفر شواغر فيها".

الحادثة سابقة الذكر، وهي أحدث حالات "الاشتباك السوري –التركي"، سبق أن حدثت بصورة مماثلة تقريباً في العاصمة التركية أنقرة، وأدت إلى ترحيل السوريين من أحد أحيائها.

فهل ما يزال الأمر مجرد "حوادث فردية" و"تطورات جانبية" لا تؤثر على مصير وجود السوريين في تركيا؟

تختلف الإجابات على ما سبق، الأمر الذي يتطلب شيئاً من التدقيق واستمزاج الآراء بين بعض السوريين المقيمين في تركيا، وهو ما ستفعله "اقتصاد" في الجزئين الثاني والثالث من هذه السلسلة.

يتبع في الحلقة القادمة...

ترك تعليق

التعليق