سقطت خطوط النظام الحمراء.. خبز المواطن بلا دعم

اتخذت حكومة النظام قرارها أخيراً ورفعت سعر كيلو الخبز من 9 إلى 15 ليرة ورفع سعر ربطة الخبز من 15 إلى 25 ليرة.

القرار بات بمثابة نعوةٍ رسمية للأمن المجتمعي الذي سقطت آخر خطوطه الحمراء منتصف ليل أمس حين دخل قرار رفع أسعار الخبز حيز التنفيذ.

لم يكن الخبز بالنسبة للمواطن السوري فقط قيمة اقتصادية إنما هو بمثابة حماية للمهمشين اجتماعياً واقتصادياً وتكريساً للعقد الذي فرضته الدولة على المواطن والقائم على الرواتب المنخفضة مقابل الدعم الذي تقدمه هي بدورها عن المواد الرئيسية، ليغض المواطن بدوره الطرف عن أكثر من 40 % من الناتج المحلي تذهب لجيوب الفاسدين في ظل تزاوج السلطة السياسية مع السلطة الاقتصادية.

أتى الدور إذاً على الخبز هذه المرة فبعد حوامل الطاقة، ورفع الدولة يدها عن دعم العديد من المواد الغذائية جاء دور الخط الأحمر الذي لم تتجرأ حتى حكومة عطري التي بدأت بنهج اقتصاد السوق الاجتماعي، وفتحت الأبواب أمام الليبرالية الاقتصادية لم تتجرأ على الاقتراب من الخبز لإدراكها قيمته الحقيقية بالنسبة للمواطن.

في سوريا إذاً وفي الألفية الثالثة حيث الناس تموت جوعاً، تتجه حكومة النظام إلى إفقار الناس أكثر، وتهميشهم اقتصادياً لنوايا تبدو أشبه بـ"الغربلة" إن صح التعبير فلا مكان في البلاد إلا للموالين والفاسدين.

والمفارقة السافرة أن حكومة النظام تعفي كبار التجار بمستحقات القروض وتساعدهم في قروضٍ وصناديق لدعم إنتاجهم وتسامحهم في الضرائب، لكنها تلاحق ذوي الدخل المحدود على فاتورة الكهرباء والضرائب والمازوت والبينزين، والآن على خبزه وقوت عياله.

الخبز سيفتح الباب واسعاً أمام الوجع الاقتصادي الذي يعانيه السوريون منذ ما يزيد عن أربعة عقودٍ من الزمن، فاليوم بات أكثر من 75 % من الشعب السوري وقد سقطوا في خطوط الفقر، ومن قصر النظر اعتبار السنوات الثلاث الماضية هي أساس المشكلة، إنما هي بنية اقتصادية قائمة على إفقار الشعب هكذا أرادها نظام الأسدين أن تكون، في سنوات الخطة الخمسية العاشرة لم يحصد ثمار النمو إلا 10 % فقط من المواطنين، والباقي ذهب لجيوب أصحاب رأس المال الشريحة التي زادت غنى في حين زاد الفقراء فقراً.

وفي زمن الأسد الأب ذهب الفساد للمتنفذين حين كان رأس المال هو للدولة فهي الوصية على كل جوانب الاقتصاد، وما ذهب لاحقاً لجيوب رأس المال الخاص "القائم على شراكات ما في النظام"، كان يذهب لجيوب القيّمين والمتنفذين في دولة الأسد، والدوائر الضيقة المحيطة في العائلة وهي الثابتة التي تحصل على حصتها أياً كان شكل الاقتصاد القائم.

أما الآن فخزائن النظام أولى بثمن الخبز من الفقراء، هكذا يعتبر النظام في سره وعلنه، فتأمين الموارد سبق وطرق لأجله النظام العديد من الأبواب، وما عمل عليه من تخفيض لسعر الليرة "ولصقها في ظهر المضاربين"، لم يعد يجدي نفعاً الآن، وطباعة العملة جعلت من التضخم يحلق في الأسواق السورية، وما من حل سوى جيوب الفقراء، عبر الخبز والمحروقات ولاحقاً أسعار السكر والرز ومن ثم أسعار الكهرباء.

وإذا كان الاقتصاد هو علم المفاضلة بين الخيارات الأقل سوءاً للوصول إلى الحلول فيبدو أن النظام وجد في خبز الناس هو ذلك الخيار، متجاهلاً زيادة الاستهلاك لمادة الخبز بنسبة 40 %/، وغاضاً الطرف عن آلاف العائلات التي بات الخبز هو الوسيلة الوحيدة لإشباع البطون الخاوية.

هذا هو نظام الأسد ولسان حاله ما زال يقول: "فليمت الشعب وأبقى أنا".

ترك تعليق

التعليق