"داعش".. التُهمة التي يتقاذفها الجميع

باتت "داعش" اليوم تُهمةً يتقاذفها كل الأطراف السورية المحلية، والإقليمية والدولية، على حدٍ سواء.

فالمعارضة السورية المُشتتة والمنقسمة على نفسها، عسكرياً وسياسياً، تتفق، في معظمها، على اتهام نظام الأسد وإيران في تمويل ودعم "داعش" و"خليفتها" أبي بكر البغدادي.

ونظام الأسد يتهم خصومه، وخصوم حلفائه، دول الخليج، وحكومة إقليم كردستان، وصولاً إلى مصرف لبنان المركزي، بدعم شبكة تحويل أموال لـ"داعش" و"خليفتها".

وأخيراً، من موسكو، تحدث إدوارد سنودن، المنُشق عن وكالة الأمن القومي الأمريكي، عن أن "داعش" هي صناعة استخباراتية غربية –إسرائيلية، عبر وثائق لم يُظهرها على الملأ، مع التذكير بأن الرجل يعيش في كنف "الدب الروسي"!

وفي السياق نفسه، يبدو أن أكراد شمال العراق الغاضبين من "التلكؤ" الأمريكي حيال القبول بفكرة "استقلال الأكراد"، قرروا بدورهم رمي تُهمة "داعش" على الأمريكيين، لتنقُل وكالة "باسنيوز" الكردية العاملة انطلاقاً من كردستان العراق، تسريبات عن موقعٍ غير معروفٍ، ينقل عن إدوارد سنودن المُشار إليه آنفاً، تفاصيل عن عملية استخباراتية باسم "عش الدبابير"، حيث تعاونت استخبارات أمريكا وبريطانيا وإسرائيل على خلق "داعش"، وأن "خليفتها" المُنتظر "أبو بكر البغدادي"، هو عميل للموساد الإسرائيلي، تلقى تدريبات مُكثفة في فنون الخطابة وفي علم اللاهوت. والهدف من عملية "عش الدبابير"، إنشاء جماعة متطرفة تشكل خطراً على كل دول المنطقة وتستنزفها، كي ترتاح إسرائيل....وكأن إسرائيل كانت "مُتعبة" قبل أن تنشأ "داعش"!

وبهذا الصدد، استضافت إذاعة صوت روسيا، محللين روس وسوريين، تحدثوا عن "تقارير رسمية للإدارة الأمريكية، لم يُظهروها أيضاً للعلن، على نفس مبدأ "فلاشة طالب إبراهيم التي بقيت في السيارة!"، تؤكد هذه التقارير أن "داعش" وأميرها هما صناعة أمريكية. ولتأكيد "دور الفلاشة العجيبة" استضافت الإذاعة المذكورة طالب إبراهيم ذاته، ليؤكد بأن زعيم "داعش" البغدادي، متعاون مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وبطبيعة الحال، لا تخلو الصحف الخليجية، وبصورة شبه يومية من اتهامات لإيران ونظام الأسد بالمسؤولية عن خلق "داعش"، وترد عليها إيران، أحياناً بلسان نوري المالكي، وإليها على العراق، باتهامات للسعودية تحديداً بدعم وتمويل "داعش".

لكن مقابل كل ما سبق، يبدو أن الأمريكيين، على كثرة علاتهم، هم الوحيدون الواقعيون في تحليلهم لحالة "داعش"، إذ يقول جون كيري في إحدى تصريحاته الأخيرة: "النظام القمعي للأسد، حوّل سورية إلى بؤرة جاذبة للجهاديين والمقاتلين الأجانب من كل أنحاء العالم لتجميعهم، ثم إعادة نشرهم خارج سورية"، معتبراً أن الأسد " من الأسباب الرئيسية لوجود داعش، وفي رحيله نهاية له".

وهكذا باتت "داعش" تُهمة يتقاذفها الجميع.

ترك تعليق

التعليق