حموي يافستق!.. لعنة المحصول الذهبي تصب على رؤوس الموالين

لطالما تهكم الموالون المطلعون على بواطن الأمور بفساد وتفكك جيشهم وشبيحتهم، وهم يتحدثون عن فشله المتكرر والذريع في السيطرة على بلدة "مورك" الحموية الاستراتيجية، رغم مرور أشهر على محاولات اقتحامها ورغم إرساله عشرات الأرتال الضخمة، التي نادرا ما يعود أحد منها سالما.

ولطالما كان تهكم الموالين مختصرا بعبارة واحدة "ما خلص موسم الفستق"، ويقصدون الفستق الحلبي الذي يشتهر بزراعته ريف حماة ومنه "مورك"، والذي يمثل مصدر رزق واسع يدر الملايين على مخابرات وجيش النظام المتحكم بريف حماة، ويجعلهم يؤخرون "الحسم" حسب رواية المؤيدين.

أغلى من النفط

من يوم أسس حافظ الأسد جيشه "العقائدي" تحولت هذه المؤسسة إلى بيئة خصبة للرشاوى والصفقات المالية المشبوهة والدسمة، وقد جاءت الأزمة لتزيد من خصوبة هذه البيئة، وتضع طرق سوريا وممراتها الحيوية في قبضة ضباط وعناصر همهم الأول والأخير جني أكبر قدر من الثروة. واستطاعت كتائب ثورية كثيرة الضرب على هذا الوتر، فأمنت عبور شحنات الذخيرة والطعام لمقاتليها، تحت سمع وبصر حواجز النظام!

وفي ريف حماة الغني بموارده، لاسيما الزراعية، كان للفستق الحلبي كلمته الفصل التي لا يستطيع أكبر ضابط على الحواجز أن يخالفها، كيف لا؟، وهو المحصول الذي يدر ذهبا على صاحبه قبل الأزمة، وارتفاع أسعاره إلى حدود جنونية، حتى إن كيلو الفستق بات أغلى من برميل النفط في سوريا، حيث إن كيلو الفستق الحلبي يصل في بعض الأحيان إلى 5 آلاف ليرة في المدن الكبرى مثل دمشق، فيما يبيع تنظيم البغدادي برميل النفط المستخرج من آبار النفط التي يسيطر عليها في سوريا بمبلغ ألفي ليرة، كما تناقل ذلك ناشطون!

لكن "فوائد" جيش النظام ومخابراته انقلبت إلى "مصائب" حلت على مؤيديه من أصحاب مزارع الفستق، حيث انطلق موسم المساومات بالتزامن مع موسم قطاف المحصول الحيوي، وبات على كل صاحب شاحنة تحمل الفستق أن يدفع "المعلوم" وربما غير المعلوم، ليمرر شحنته بسلام.

وقد نقلت صفحات أسدية قصة علوي موال للنظام خسر حمولة سيارة كبيرة من الفستق، بعد أن تسلط عليه أحد الحواجز الأمنية في ريف حماة.

وذكرت الصفحات أن "حسن محمد شعبان" من قرية الطليسية، جنى مع جيرانه قرابة 18 طنا من الفستق، وحملها بسيارة كبيرة، وعند اقترابه من حاجز قريته ظهرت له عدة سيارات يركبها عناصر أمن مدججون بالسلاح.

"أبو اللبن"

ساوم عناصر الأمن "شعبان" على مرور محصوله بشتى الطرق، لكن المزارع رفض دفع أي مبلغ لهم، بل إنه زاد على ذلك بعبارة احتجاج قال فيها: "لماذا لم نركم ولم نر سياراتكم عندما هاجمنا المسلحون وهتكوا شرفنا وأعراضنا"، فأجابه أحد عناصر الأمن بكل صفاقة: "لم يكن هناك فستق حلبي حينها"!

ولكن قصة "شعبان"، الذي رفض دفع "الأتاوة" ووبخ أمن النظام الذي يواليه، لم تنته، فقد تمت "مصادرة" السيارة، واحتجزت في فرع الأمن العسكري في حماة مدة أسبوع تقريبا، كانت كافية لإفساد حمولتها من الفستق الطري (غير المقشور).

وعندما تأكد أمن النظام من فساد المحصول المحتجز أفرجوا عنه وسلموه إلى "شعبان"، الذي أخذ يقلب كفيه ندما وحسرة على ضياع الموسم، وهو يؤول إلى "المزبلة" بعد أن أصبح تالفا.

ومع هذه الحادثة وأشباهها، لم يعد تصريح الموالين بأسماء المرتشين حتى ولو كانوا من كبار الضباط خطا أحمر، وبات اسم "حاتم أبو اللبن" مسؤول المخابرات الجوية في منطقة مورك يتردد على الألسن، بوصفه المتعهد الحصري لموسم الفستق في عموم ريف حماة الشمالي، وهو المسؤول الوحيد الذي لا تمر سيارة فستق في المنطقة دون موافقته.

ولا يقتصر دور "أبو اللبن" على نهب محصول مزراعي الفستق بعد قطافه، بل إنه يقوم أحيانا بسرقة المحصول "على أمه" أي من الشجرة مباشرة، حيث يجند ثلة من عناصر الجوية للعمل في قطاف الفستق، وقد يعطي -أو لا يعطي- صاحب المزرعة 150 ليرة مقابل كل كيلو يقطفه عناصره!

ورغم أن الفستق ينسب إلى حلب، فإن حماة تفوقت منذ سنوات في إنتاجه على حلب، وباتت الأولى على مستوى سوريا، بإنتاج يعادل 30 ألف طن، علما أن المساحة المزروعة بالفستق في حماة أقل من مساحته في حلب.

 

ترك تعليق

التعليق