كم دفع الأسد لروسيا؟: لا جدوى اقتصادية ولا أجهزة لكشف التزوير في الأوراق النقدية الجديدة

لا يبدو أن شكوك شخصيات اقتصادية معارضة حيال دوافع حكومة الأسد في طبع أوراق نقدية جديدة من فئة الـ 500 ليرة، من قبيل "سوء الظن". خاصةً إن صدر تفنيد لحجج مصرف سوريا المركزي من مسؤول مصرفي سابق، مطلع على حقيقة ما يدور في كواليس "عالم المصارف والعملات" السوري.

فقد أطلق مدير عام المصرف التجاري السوري، السابق، دريد درغام، تصريحات كشف فيها أن البروباغندا التي روّج لها أديب ميالة، حاكم مصرف سوريا المركزي، لتبرير طباعة أوراق نقدية جديدة من فئة الـ 500 ليرة، ليست دقيقة.

وعبر موقع خاضعٍ لسيطرة النظام، ذكر درغام أن "الثقوب الجديدة على العملة الجديدة والتي قال المركزي بأن غايتها منع التزوير، ستتطلب تعديلات بالجملة على أجهزة كشف التزوير المتاحة حالياً". وأضاف أن الثقوب تعني أعباء ونفقات إضافية، ووقتاً وجهداً في وضع إضاءات مناسبة لرؤية الثقوب بالعين المجردة.

ما سبق يعني أن حكومة الأسد لا تملك أجهزة قادرة على كشف التزوير في الأوراق النقدية الجديدة، بمعنى آخر، ليست مخاطر التزوير هي السبب وراء طباعة هذه الأوراق النقدية، فهل يعني ذلك أن السبب الحقيقي، هي طباعة عملة من غير تغطية، بتواطئ مع روسيا، الدولة التي طُبعت لديها هذه الأوراق، خاصة في ظل ما يُشاع عن نيّة حكومة الأسد زيادة الرواتب للموظفين، كتغطية لزيادة أسعار العديد من السلع الأساسية في الفترة الأخيرة...هل قررت حكومة الأسد تمويل زيادة الرواتب المُرتقبة عبر أوراق نقدية من غير تغطية؟، وماذا يعني ذلك؟

كانت صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام قد كشفت سابقاً أن الأوراق النقدية من فئة الـ 500 ليرة، التي أصبحت الآن قيد التداول، كانت قد طُبعت في العام 2013، مما فتح باب التساؤل عن أسباب التأخر في طرحها حتى الآن...هل كان مصرف سوريا المركزي يريد اختبار قدرته على التحكم بسعر صرف الدولار في السوق المحلية السورية خلال الأشهر الستة الماضية، قبل أن يخوض مغامرة طرح أوراق نقدية بلا تغطية، مع ما يحمله ذلك من مخاطر تدهور سريع لقيمة العملة المحلية، وارتفاع سعر الدولار، وحصول تضخم كبير؟....وهل عزّز نجاح المركزي النسبي في ضبط سعر الدولار سابقاً، بالاعتماد على الحوالات الواردة للسوريين من الخارج، ثقة المركزي بنفسه لخوض مغامرة طرح أوراق نقدية بلا تغطية؟

دريد درغام كشف في تصريحاته عدم الجدوى الاقتصادية من طبع أوراق نقدية جديدة بطريقة "التثقيب الليزري" لتكلفتها العالية، فـ "اعتماد التثقيب دولياً بقي محدوداً بسبب الغلاء الهائل لتكلفة التصنيع التي لا تعوض إلا بطباعة كميات ضخمة، وعند مقارنة مخاطر التزوير مع تكلفة التثقيب الميكروي “الليزري” فإن معظم الدول أذعنت أو أجلت الاستثمار بهذه التجهيزات أو طباعة النقود بتلك التكلفة".

ما سبق يعني أن مصرف سوريا المركزي دفع مبالغ طائلة، لروسيا، لطباعة الأوراق النقدية الجديدة بما فيها من "ثقوب وتخريمات مجهرية"...فهل كان ذلك رشوة لروسيا لتصمت عن طباعة عملة من غير تغطية؟

بكل الأحوال، لو صح التحليل السابق، فهي عملية تجارية رابحة، بمعنى أن ما دفعته حكومة الأسد من مبالغ طائلة لروسيا مقابل الصمت عن طباعة عملة من غير تغطية، سرعان ما ستسترده حكومة الأسد عبر "مصادرة" الحوالات الآتية للسوريين من الخارج بالدولار، وإعطائهم مقابلها عملة محلية، لا قيمة حقيقية لها (كما هو معلوم فالحوالات، بقرار من المركزي، لا تُسلم لأصحابها بالدولار، بل بالليرة السورية، والمركزي يشتري الدولار من مكاتب الصرافة بالليرة). والخلاصة: سيكون المواطن السوري هو الضحية الأولى لهذه العملية، حينما سينعكس ذلك على أسعار السلع، بتضخم كبير.

يبدو أن قادم الأيام سيكشف حقيقة ما حدث في كواليس مصرف سوريا المركزي، لكن الوقائع المُكتشفة يوماً تلو الآخر، تؤكد أن ظنون اقتصاديين معارضين للأسد بأن الأخير أعطى الضوء الأخضر لطباعة عملة من دون تغطية، يبدو أنها في مكانها.

ترك تعليق

التعليق

  • من المعلوم بأن تزوير العملة عملية مكلفةٌ و صعبةٌ ليست بالسهلة , و من يريد تزوير العملة عليه أن يتكلف و يبذل جهداً كبيراً في إتقان القطع النقدية المزورة حتى لا تكشف بسهولة , و بالتالي فلن يكون من المربح له أن يزور قطعاً نقدية ضئيلة القيمة كأن يزور دولار أمريكي واحد أو ريال سعودي واحد , و سيكون من المربح له تزوير قطعٍ نقديةٍ كبيرة كقطعة 100 دولار أمريكي أو 500 ريال سعودي , طبعاً أنا لا أشجع على جريمة تزوير العملة , حاشا لله , و لكنني أتحدث عن أمرٍ واقعٍ , و ما أثار استغرابي أنه منذ عدة أيام خرج علينا حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة و هو يتحدث عن الميزات الآمنة لقطعة 500 ليرة سورية الجديدة و كأنه قد حقق انتصاراً كبيراً في مكافحة جريمة تزوير العملة ! ! , و السؤال هنا من هذا الغبي جداً الذي سيفكر و يبذل جهداً في تزوير قطعة 500 ليرة سورية لا تساوي في قيمتها 3 دولارات أمريكية أو 11 ريال سعودي ! ! و حتى داخل سورية لا تشتري إلا بضعة كيلو غرامات خضار ! ! , اللهم ثبت علينا العقل .