"صدقة الفطر" لا تحظى باهتمام سوريين في "الغردقة" المصرية

رغم أن صدقة الفطر تعتبر من الأركان الأساسية في الإسلام، كما أنه يمكن اعتبارها مثالاً بارزاً على التكافل الاجتماعي، كما يجب أن يكون في المجتمع المسلم، إلا أنه في بعض الأحيان، تظهر حالة تساهل في تصريف هذه الصدقة، بحيث أنها لا تصل للشرائح التي من المُفترض أن تكون المستفيدة الرئيسية منها.

وكمثال على ذلك، رصدت "اقتصاد" عبر مراسلها في مدينة الغردقة المصرية، حيث تتواجد نسبة ملحوظة من السوريين هناك، أن "صدقة الفطر" ليست من الأولويات سواء في دفعها أساساً، أو في تصريفها، رغم أن الكثير من السوريين، والمصريين، على حد سواء، يعانون من فقر مدقع، يجعل هذه الصدقة حلاً مؤقتاً، ولو خلال أيام العيد، لمشكلاتهم الاقتصادية المُزمنة.

ورغم أن مظاهر الفقر لا تظهر بوضوح في مدينة الغردقة المصرية على البحر الأحمر، بحكم أن المدينة سياحية، ويعمل معظم ساكنيها في قطاع السياحة بدخول مقبولة مقارنة بأقرانهم في المجتمع المصري في بقية المناطق، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود حالات فقر، أو حالات لعائلات فقدت المُعيل، والتجأت إلى هذه المدينة المُتطرفة عن قلب مصر النابض في دلتا النيل.

يقول هشام، وهو سوري مقيم في الغردقة: "لم أجد من أدفع له، فاضطررت لتقديم الفِطرة لمتسولة على قارعة الطريق". وحينما سألناه إن كان واثقاً أنها تستحق، وانها لا تدعي الفقر ولا تمتهن التسول، أجابنا: "لا، لكن ما البديل؟".

لا توجد في الغردقة تنظيمات ناشطة تجمع السوريين كحال نظرائهم في مدن مصرية أخرى، خاصة في القاهرة، إلى جانب أن الكثير من السوريين يحرصون على الابتعاد عن هذه التنظيمات بعد ما ظهر في الكثير منها من فساد ومحسوبية، بحيث فقد الكثير منها ثقة السوريين.

تقول هيام: "الفِطرة مبلغ صغير، لا تتجاوز 15 جنيها عن الفرد (دولارين تقريباً)، بالتالي (مو حرزانة)، لذا ندفعها لصاحب سوبرماركت قريب، مصري، ومعروف بنزاهته، يُقال أنه يساعد الفقراء". سألناها: "هل أنتِ واثقة؟"، قالت: "لا".

ابتسام أخبرتنا أنها حينما سألت صديقة سورية لها: "هل تعرفون أحداً حولكم يستحق صدقة الفِطرة؟"، انزعجت صديقتها منها، وفهمت العبارة وكأنها موجهة لها، وألمحت لابتسام بأن محيطها بأكملهم من أبناء "الطبقات المحترمة"، وأنها انتقلت أخيراً إلى السكن في منطقة راقية، ملمحةً لابتسام بأنها تسكن في حي شعبي لا يليق بها.

أما وسام، وهو صاحب محل مأكولات سوري، قال لنا: "إذا لم نجد فقيراً، ماذا نفعل؟"، سألناه: "هل بحثت؟"، قال لنا: "لقد أعطيت الصدقة لشخص أعرفه قال أنه يعرف أحد المحتاجين". سألناه: "هل تحققت؟"، قال مستنكراً: "حرزانة؟!".

أما مهند فأخبر "اقتصاد" أنه دار على كل مساجد الغردقة بعد عشاء أمس، حتى وصل إلى مسجد "المينا"، المعروف، وهناك وضع "الفِطرة" في صندوق مخصص لها، على أمل أن يكون القيّمون على المسجد "يخافون الله".

نبيل بدوره أكد أنه تعب حتى استطاع تصريف صدقة الفطرة، ذلك أنه كلما دخل مسجداً أصرّ عليه خادم المسجد أن يعطيه الفطرة واعداً إياه بالتكفل بتصريفها للمحتاجين، لكنه لم يكن واثقاً من ذلك.

في هذه الأثناء، حيث تظهر درجة ملحوظة من التساهل حيال تصريف زكاة الفطرة من جانب الكثير من السوريين، وأيضاً، من جانب نظرائهم المصريين، يعيش الكثير من السوريين في مناطق مصرية مختلفة في حالات مؤلمة من العوز، ويضطر الكثير منهم إلى دفع أبنائهم للعمل، مستغنين عن تعليمهم تحت ضغط النفقات التي يعجزون عن سدادها.

ترك تعليق

التعليق