المركزي يرمم قطعه الأجنبي من جيوب المعارضة

جزم الخبراء في الفترة الماضية بنفاذ القطع الأجنبي من خزائن المركزي، إلا أن النظام استطاع امتصاص أموال المعارضة، سواء عبر الاستفادة من حصار بعض المناطق أو عبر طرح التحويلات وصرفها في السوق المحلية.

توقعات الخبراء كانت ستكون صائبة لولا أموال المعارضين، فرغم أن عدداً من المسؤولين تحدث في بداية الثورة عن احتياطات قطع أجنبي بلغت 18 مليار دولار، إلا أن موازنة المركزي في العام 2010 تتحدث عن أموال مودعة لدى المركزي من قبل البنوك العاملة في سوريا بقيمة 13 مليار دولار في حين أن أموال المركزي منها لا تتجاوز 5 مليار دولار.

وتكاليف الحرب وحدها والتي تقدر شهرياً بـ2 مليار دولار، كفيلة باستنزاف هذا الاحتياطي خلال ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، إلا أن الواقع على الأرض فرض معطياتٍ جديدة، فعلاوةً عن المساعدات التي وصلت للنظام من حلفائه، فإن هناك صفقاتٍ أبرمت في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والمحاصرة من أجل إدخال بعض المواد التي تنفع كغذاء مثل العلف والشعير.

في الغوطة الشرقية سبق وعقد النظام صفقةً تتضمن إدخال الشعير والعلف، للمحاصرين حين اقتات المحاصرون لأيامٍ على الملفوف والحشائش، بسعرٍ يتجاوز 350 ليرة لكيلو الشعير في الوقت الذي لا تتجاوز أسعاره 30 ليرة، وكانت قيمة الصفقة تتجاوز المليار ليرة، تقاضاها النظام بالقطع الأجنبي، ونوه أحد الناشطين إلى أن ما أتى من قطعٍ أجنبي عبر دعمٍ إغاثي ذهب دفعةً لجيوب النظام.

الحصار حقق مكاسب للنظام على الصعيد النقدي على الأقل، فمثل صفقتي الشعير والعلف هناك العديد من الصفقات الأخرى، مع العلم أنه لم يعرض إدخال موادٍ استراتيجية مثل القمح، ليبقي هدف الحصار قائماً.

ومن ناحيةٍ ثانية، فإن الأموال والتحويلات التي تدخل للناشطين من أجل الإغاثة تصرف هي الأخرى في السوق من أجل شراء المواد، وهنا ينوه خبير اقتصادي، فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه الأموال أصبحت موارد بديلة للنظام، حيث أصبحت منابع جديدة للقطع الأجنبي لم يكن يتوقعها.

من الصعب تحديد وإحصاء رقمٍ دقيق للمبالغ التي يتم ضخها شهرياً في الإغاثة، لكن يمكن مقاربة الرقم عبر فرضيات معينة، وهنا يشير الخبير إلى أنه إذا كان عدد النازحين داخل سوريا هو 6 مليون مواطن، ومعلوم أن غالبية الجهد الإغاثي يقوم على عمل أهلي، وحسب تصريحات حكومة النظام نفسها على لسان رئيسها وائل الحلقي، فإن 80 % من الإغاثة تقوم بها مجموعات أهلية، وجميعنا يعلم أن بعض هذه المجموعات تعتمد على أموال متبرعين من الداخل، لكن البعض الآخر يعتمد إما على مساعدات منظمات إنسانية أو على تبرعات مغتربين، لنفترض أن 10 % فقط من النازحين يحصل على مساعدة مجموعات تحصل على دعم مالي خارجي، يعني هناك 600 ألف نازح "من أصل 6 مليون" يحصل على سلة شهرية غالباً ما تصل قيمتها وسطياً إلى 5000 ليرة، أي أننا نتحدث عن ثلاثة مليارات ليرة سورية تصرف شهرياً على هذه العائلات أي 20 مليون دولار، تدخل شهرياً إلى خزائن النظام.

أما إذا رفعنا نسبة تغطية المجموعات الأهلية التي تتقاضى تبرعات خارجية للنازحين، فستكون الأرقام صادمة، ماذا لو كان نصف النازحين داخلياً تتم تغطيتهم أهلياً، يعني أننا نتحدث عن 100 مليون دولار شهرياً، أي أكثر من مليار دولار سنوياً من جيوب الإغاثة فقط، حسب ما ينوه الخبير.

الفرضية السابقة تدلل على حجم الأموال التي يحصدها النظام فقط من الإغاثة، أما إذا وسعنا الدائرة ودخلنا في الحديث عن التحويلات التي تصل للمعارضين والناشطين كرواتب، إلى جانب أموال المعارضين في الخارج وتحويلاتهم لذويهم في الداخل، فسنكتشف أرقاماً مرعبة، من شأنها أن ترمم جزءاً يسيراً من احتياطات المركزي، وربما أبعد من ذلك من شأنها أن تغطي تكلفة الحرب، ليصح هنا المثل العام القائل "من دهنو سقيلو".

ترك تعليق

التعليق