تنظيم "الدولة" يصلح سد الموصل لتأمين المدينة بالماء والكهرباء

قال شهود اليوم السبت إن تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على أكبر سد في العراق في هجوم أثار قلقا دوليا جلب مهندسين لإصلاح السد في حين سارع الأكراد للتزود بالسلاح دفاعا عن إقليمهم الذي أصبح على مشارف مواقع التنظيم.

ويسيطر التنظيم على مناطق واسعة في شمال العراق منذ يونيو حزيران وأعدموا الأسرى من غير المسلمين السنة وشردوا عشرات الآلاف مما دفع الولايات المتحدة لشن أول ضربة جوية في المنطقة منذ سحبت جنودها من العراق في 2011.

وبعد أن دحروا القوات الكردية في وقت سابق الأسبوع الماضي أصبح مسلحو الدولة الإسلامية على بعد 30 دقيقة بالسيارة من أربيل عاصمة إقليم كردستان التي تفادت الصراع الطائفي في أنحاء أخرى بالعراق على مدى عشرة أعوام.

ولاذ موظفون في شركات نفط أجنبية بالفرار، بينما أقبل الأكراد على شراء بنادق كلاشنيكوف من أسواق السلاح خشية هجوم وشيك رغم أن هذه البنادق لن تجدي نفعا أمام التفوق الكبير في قوة النيران لمقاتلي الدولة الإسلامية.

وفي ظل تصاعد خطر الدولة الإسلامية قال مصدر في الحكومة الإقليمية الكردية إن الحكومة تلقت إمدادات إضافية من الأسلحة الثقيلة من الحكومة المركزية في بغداد و"حكومات أخرى" على مدى الأيام القليلة الماضية لكنه رفض الخوض في تفاصيل.

وأبلغ مهندس يعمل في سد الموصل رويترز أن مقاتلي الدولة الإسلامية أحضروا مهندسين لإصلاح خط كهرباء الطوارئ للمدينة وهي أكبر مدينة عراقية في الشمال. وكان خط الكهرباء قد انقطع قبل أربعة أيام مما أدى لانقطاع الكهرباء ونقص في المياه.

وقال المهندس "إنهم يجمعون الناس للعمل في السد."

وقال أحد المشرفين على إدارة السد إن المتشددين يرفعون أعلام تنظيم الدولة الإسلامية السوداء ويقومون بدوريات مراقبة بسيارات نقل تحمل مدافع آلية لحماية المنشآت التي انتزعوا السيطرة عليها من القوات الكردية في وقت سابق الأسبوع الماضي.

ويشكل تنظيم الدولة الإسلامية المؤلف بشكل أساسي من المقاتلين العرب والأجانب ويريد إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط أكبر خطر على العراق المصدر الرئيسي للنفط منذ الإطاحة بصدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003.

ووصل المتشددون المسلحون إلى شمال العراق للمرة الأولى في يونيو حزيران قادمين من سوريا حيث احتلوا أيضا مناطق واسعة من الأراضي خلال الحرب هناك.

واجتاح المتشددون المنطقة دون أي مقاومة تذكر من قوات الحكومة العراقية التي دربتها الولايات المتحدة كما هددوا بالزحف على بغداد بعد استيلائهم على دبابات وناقلات جند مدرعة وأسلحة آلية من القوات العراقية الهاربة.

وفي هجومهم الأحدث سيطر المقاتلون على حقل نفطي خامس سيساعدهم على تمويل العمليات إلى جانب عدد من البلدات بالإضافة للسد الذي قد يسمح لهم بإغراق مدن بالمياه أو قطع إمدادات المياه والكهرباء الحيوية.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن طائرتين من طراز إف/إيه -18 انطلقتا من حاملة طائرات في الخليج وأسقطتا قنابل زنة كل منها 500 رطل موجهة بالليزر على قطع مدفعية تابعة للدولة الإسلامية. واستهدفت ضربات جوية أخرى مواقع قذائف مورتر وقافلة تتبع التنظيم.

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن التحرك كان ضروريا لوقف تقدم المتشددين وحماية الأمريكيين في المنطقة، فضلا عن عشرات آلاف من المسيحيين وأتباع أقليات دينية أخرى فروا من ديارهم للنجاة بحياتهم.

كما أسقطت الطائرات الحربية الأمريكية إمدادات إغاثة لأتباع الطائفة اليزيدية الذين تجمع عشرات الآلاف منهم على قمة جبل بحثا عن ملاذ من مقاتلين أمروهم باعتناق الإسلام أو مواجهة الموت.

وقال مسؤول في مشرحة الموصل لرويترز إن مقاتلي الدولة الإسلامية نقلوا جثث عشرة من رفاقهم قتلوا في ضربة جوية أمريكية على الحدود الكردية.

وأعادت حملة الدولة الإٍسلامية العراق إلى مستويات من العنف لم يشهدها منذ ذروة الحرب الأهلية في عامي 2006-2007 خلال الاحتلال الأمريكي.

وفي بلدة المدائن جنوبي بغداد قتل مسلحون قياديا في ميليشيا مدعومة من الحكومة ومعارضة للدولة الإسلامية. وقالت مصادر في الشرطة ومصادر طبية إن المسلحين قتلوا أسرته أيضا.

وعلى المشارف الجنوبية للعاصمة في بلدة العويرج قالت الشرطة إن السلطات عثرت على جثث أربعة رجال موثقي الأيدي قتلوا بإطلاق الرصاص على الرأس.

وأثار تقدم مسلحي الدولة الإسلامية الذين يسيطرون أيضا على ثلث سوريا وحاربوا خلال الأسبوع المنصرم في لبنان قلقا في أنحاء الشرق الاوسط وبات تقدمهم يهدد بتقسيم العراق.

وتركز الاهتمام على محنة اليزيديين والمسيحيين وأقليات أخرى في شمال العراق الذي كان من أكثر المناطق تنوعا في الشرق الأوسط.

وفي واشنطن قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الطائرات أسقطت إمدادات إضافية ليصل إجمالي المساعدات إلى 36 ألفا و224 وجبة طعام جاهزة و6822 جالونا من مياه الشرب للمدنيين المهددين في سنجار موطن الأقلية اليزيدية في شمال العراق.

وكان إقليم كردستان يعتبر إلى الآن المنطقة الوحيدة في العراق التي أفلتت من الصراع الطائفي الذي شهدته البلاد على مدى عشرة أعوام دون تهديد أمني خطير.

وتسيطر قوات البشمركة الكردية على مساحات شاسعة خارج حدود الإقليم شبه المستقل لاذ بها مسيحيون وأقليات أخرى حين اجتاح متشددو تنظيم الدولة الإسلامية المنطقة الشهر الماضي.

ولكن في الأسبوع الماضي انهارت قوات البشمركة أمام متشددي التنظيم الذين استولوا على أسلحة ثقيلة من القوات العراقية التي تخلت عن مواقعها في يونيو حزيران كما نهبوا مبالغ كبيرة من البنوك.

لكن إنتاج كردستان من النفط والذي قدر بنحو 360 ألف برميل يوميا في يونيو حزيران لم يتأثر بتوغل التنظيم حسبما أفادت وزارة الموارد الطبيعية الكردية اليوم السبت.

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن نحو 200 ألف شخص فروا أمام تقدم المتشددين ووصلوا مدينة دهوك على نهر دجلة في كردستان العراق، وقال مسؤولون أتراك إن عشرات الآلاف فروا شمالا إلى الحدود التركية.

وتمسك اوباما- الذي سحب القوات الأمريكية من العراق في 2011 التزاما بتعهده في الانتخابات -بأنه لن يرسل قوات برية للتصدي للدولة الإسلامية وقال إنه لن يسمح "بجر الولايات المتحدة لخوض حرب أخرى في العراق".

لكن تثور تساؤلات في واشنطن عما إذا كانت الضربات الجوية الانتقائية لمواقع التنظيم وإسقاط المساعدات الإنسانية ستكون كافية لتحويل دفة المعركة ضد الدولة الإسلامية.

ترك تعليق

التعليق