16% منهم يفكر بالانتحار.. الشباب السوري في لبنان بين البطالة والعنصرية

يزداد العبء يوماً بعد يوم على الشباب السوري النازح إلى لبنان، وليس عبثاً أن تخرج واحدة من الدراسات لتتحدث عن أن 61 % من الشباب السوري المقيم في لبنان يفكر في الانتحار.

وظهرت في لبنان حالات انتحارٍ عديدة لشبابٍ سوريين، دون أن يتم الاكتراث بالحالة الاجتماعية والاقتصادية وتأثيراتها النفسية على هؤلاء الشباب، الذين تبلغ نسبتهم 16 % من إجمالي عدد اللاجئين المسجلين في لبنان البالغ عددهم مليون و115 ألف نازح.

الغرف التي يستأجرها الشباب السوري في لبنان توحي بسوء أحوالهم، فقد يعيش في غرفةٍ واحدة ما يقارب ثمانية أشخاص، يتقاسمون أجرتها فيما بينهم "200 دولار".

أحمد أحد هؤلاء الشباب من السلمية قدم إلى لبنان بعد ملاحقته الأمنية ورفضه أن يكون معتقلاً للمرة الثالثة في سجون الأسد، ودفع ليصل إلى هنا ما يزيد عن 1500 دولار أمريكي، وهو اليوم لا يجد أي عمل، يتحدث بلوعةٍ عن عدة أعمالٍ مارسها خلال الستة أشهر الماضية وأخذ عليها أجراً أقل بكثير مما يجب أن يحصل عليه، حيث يقول: عملت في دهان أحد المحلات ووفقاً للمتعارف عليه يجب أن يكون أجاري اليومي لا يقل عن 30 دولار، لكن صاحب المحل لم يعطني إلا 10 دولار يومياً، على اعتبار أنني كنت أنام في الورشة وفي ظروفٍ لا إنسانية.

سجل أحمد في مفوضية اللاجئين مبدياً رغبته في السفر والحصول على لجوءٍ إنساني أو سياسي إلى أي بلد، لأن العيش في لبنان لم يعد يطاق ليس لأسبابٍ اقتصادية فقط إنما أيضاً بسبب التمييز العنصري تجاه السوريين على حسب تعبيره.

الاعتقال ليس الهاجس الوحيد الذي يخيف الشباب السوري ويدفعهم للعيش في لبنان، فهناك أيضاً الخدمة العكسرية، كحالة وجيه الذي قدم إلى هنا ليستطيع الحصول على ورقة إقامة من المختار، ويقدمها في سوريا ليتمكن من تأجيل عسكريته، حيث بمقدوره زيارة سوريا مرة واحدة خلال العام، بموجب إقامته في لبنان، ويقوم بتجديدها كل ستة أشهر مقابل 200 دولار، لكنه هو الآخر يتنقل بين عملٍ وآخر ليكون قادراً على العيش.

ويقول: كعامل سوري ليس من السهل أن أجد عملاً هنا، رغم أنهم يعطونا أجوراً بخسة، لكن بموجب القوانين اللبنانية فإن الأولوية في العمل هي للبنانيين، لذلك لا أعمل في شهادتي واختصاصي في الاقتصاد والتجارة، حيث بدأت في العمل مع محلات المعجنات.

وبينما يجد بعض السوريين عملاً وإن كان بأجورٍ زهيدة، فهناك من لا يجد نهائياً هذا العمل، ويتنقل بين الأردن ولبنان، وينتهي به المطاف في التفكير جدياً بتسوية أوضاعه مع النظام، وهو ما يفكر به جاد الذي سافر إلى الأردن تاركاً زوجته وابنته في سوريا، عاش في الأردن بضعة أشهر ثم انتقل بعدها إلى لبنان، وتم منع زوجته من السفر، ولا يستطيع إيجاد أي عمل يقوم به، ما دفعه إلى التفكير جدياً في تسوية أوضاعه مشيراً إلى أنه الآن بات عاجزاً عن فعل أي شيء وجميع الأبواب مغلقة أمامه، يتنقل بين بيوت أصدقائه غير القادرين أساساً على تأمين احتياجاتهم، ليكون عبئاً جديداً عليهم.

جاد لا يستطيع أن يتناول أكثر من منقوشةٍ واحدة في اليوم، وإن اشترى واحدة ثانية عليه أن يجوع في اليوم الثاني، لأن ما ترسله له زوجته شهرياً من سوريا، لا يكفي أكثر من ذلك.

في لبنان كثيرون هم الشباب الذين يفكرون في السفر عن طريق التهريب إلى أوروبا، والمانع الوحيد هو أن أرخص العروض وأكثرها خطورةً ليس بمقدرهم تأمين تكاليفها "3000 دولار".

وهناك جزء آخر من الشباب السوري أخبرته المفوضية بموافقتها على سفره لكن الإجراءات تأخذ وقتاً لا يقل عن ثمانية أشهر تقريباً، ورغم أن هؤلاء هم الأوفر حظاً، لكنهم يعانون من الصمود والعمل ريثما يحين موعد السفر، وهو ما دفع سليم إلى بيع الماء في لبنان ليستطيع الحصول على ما يقارب 800 دولار شهرياً تكفيه لعيش الكفاف.

ترك تعليق

التعليق