صيادو الأسماك الغزاويون ضحية الحصار الإسرائيلي

عاين صيادو أسماك فلسطينيون حصيله صيدهم بعد ساعات من إلقاء شباكهم قرب شاطئ غزة مع ضوء الفجر ليجدوا أنهم استطاعوا بالكاد صيد القليل منها.

ويقول الصيادون إن السبب في ذلك يعود إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على سفن الصيد، حيث لا تسمح لها إلا بالإبحار حتى ثلاثة أميال بحرية فقط (5.6 كيلومتر) من الشاطئ بعد انقطاع تام عن الصيد لمدة شهر بفعل القتال الذي اندلع مؤخرا.

ووقع قطاع الصيد في غزة -الذي كان يوما أحد أكثر الصناعات إنتاجية- على مدى سنوات ضحية للصراع البحري بين القطاع المحاصر وبين إسرائيل وهو جزء من صراع أوسع بينهما.

والحقوق البحرية واحدة من القضايا الحساسة المطروحة للنقاش أثناء المحادثات غير المباشرة التي يجريها وسطاء مصريون مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين لإنهاء الحرب التي بدأت في الثامن من يوليو تموز.

ويريد الفلسطينيون أن تسمح إسرائيل للصيادين بالإبحار حتى 12 ميلا بحريا من الشاطئ -حد المياه الإقليمية المتعارف عليه دوليا- كي يتسنى لهم صيد كميات أكبر من الأسماك الأكبر حجما.

وحددت إسرائيل طوال السنوات الثماني الماضية ستة أميال بحرية كحد للصيادين في غزة عندما تكون التوترات أقل وتقلصها إلى ثلاثة أميال بحرية في حالة تصاعد الأعمال العدائية.

وتقول إسرائيل إن الحصار البحري والجوي والبري يستهدف منع حركة حماس التي تدير قطاع غزة من الحصول على أسلحة أو مواد قد تستخدم ضدها.

وفرضت قيودا أكبر على الصيادين، ولم يسمح لهم تقريبا بمغادرة الشاطئ منذ أن بدأت العمليات القتالية الأخيرة عندما ردت على الصواريخ التي تطلق من غزة بضربات جوية وتوغل بري.

وقال خالد أبو رياض (50 عاما) وكان على رصيف قبل أن يخرج إلى البحر قبل الفجر "أعادونا إلى نقطة الصفر."

* مياه خطرة

وتقول منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن 3600 أسرة في غزة تعمل في الصيد وأنه لا يوجد لأقل من نصف هؤلاء مصدر آخر للدخل.

قال سيرو فيوريللو رئيس عمليات منظمة الأغذية والزراعة في الضفة الغربية وقطاع غزة "تضررت مصادر رزق هؤلاء الناس بشكل كامل."

وتقدر الوكالة أن الحرب الأخيرة حرمت الصيادين من حوالي 200 إلى 250 طنا من الأسماك أو ما بين تسعة وعشرة بالمئة من متوسط حصيلتهم السنوية من خلال الصيد في حدود ستة أميال بحرية.

ويصف الصيادون كيف تتعرض سفنهم لإطلاق النار والمضايقات من سفن البحرية الإسرائيلية وأحيانا عندما يكونون داخل حدود منطقة الصيد المحددة التي يجري تحديدها بإشارات حمراء للتحذير. ويقولون إن إسرائيل تصادر أحيانا معداتهم وأنهم يضطرون للتخلي عنها في أحيان أخرى عندما يتعرضون لإطلاق النار.

قال صبح الحصي وهو صياد عمره 36 عاما "تجاوز حد الستة أميال خطير جدا.. قد تتعرض لإطلاق النار."

ويكسب الحصي ما بين 20 و30 شيكل (من ستة إلى تسعة دولارات) في اليوم لكنه كثيرا ما يعود صفر اليدين. وكانت الأعوام الأربعة السابقة صعبة بشكل خاص ويقول إن أسعار الوقود ارتفعت إلى ثلاثة أمثال منذ عام 2006 وتزايدت المنافسة لأن أعدادا أكبر من الرجال بدأوا يعملون في الصيد بعد أن فقدوا أعمالهم.

ويقول الصيادون إنهم في حاجة إلى توسيع منطقة الصيد إلى عشرة أميال بحرية على الأقل ومن الأفضل توسيعها إلى 12 ميلا حيث أسراب الأسماك أكثر انتشارا.

قال صياد عمره 49 عاما يدعى أبو محمد "غزة ممر للأسماك." وأضاف أن الأسماك لا تبقى قريبة من الشاطئ لكنها تجرف بعيدا في أماكن يحتاج الصيادون إلى الوصول إليها.

وتقدم مطاعم الأسماك الممتدة بالقرب من الشاطئ أسماك المزارع أو الأسماك المهربة من مصر عبر الأنفاق بدلا من تقديم الأسماك التي يمكن صيدها من على بعد أميال.

ويتذكر أسعد أبو حصيرة (53 عاما) حال المطعم الذي يملكه قبل عام 2000 عندما كانت الصناعة مزدهرة.

ويقول أبو حصيرة الذي تعمل عائلته في هذا المجال منذ عام 1955 "كان الوضع رائعا.. السياح كانوا يأتون من البلدان العربية. وكان هناك سياح أجانب ومحليون ووفود دولية."

وقبل 20 عاما كان الإسرائيليون يأتون كسياح إلى غزة ويأكلون في المطاعم. وكان الصيادون يصدرون صيدهم إلى إسرائيل.

وبالنسبة إلى "أبو حصيرة" فإن الحصار البحري يعني ما هو أكثر من الإضرار بسبل كسب العيش إنه يضر بعلاقته بالبحر.

وقال أبو حصيرة الذي ينتمي لعائلة تعمل في الصيد "يعيش جزء من الشعب الفلسطيني بجوار البحر ويعمل في البحر. لديه تراث في الصيد أعظم من تراث الصيد في إسرائيل".

وختم: "أحب السمك وأنا كالسمك أموت إذا ابتعدت عن البحر."

ترك تعليق

التعليق