تركة القطاع العام السوري.. بضاعة كاسدة لا تباع ولا تشترى

كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن توجه النظام نحو خصخصة القطاع العام، وهو ما تحدث عنه وزير المالية في الحكومة المؤقتة ابراهيم ميرو قبل أيام، كما استندت تقارير إعلامية إلى تصريحات من اعتبرتهم كبار الموظفين في حكومة النظام، أكدوا فيه بدء عمليات الخصخصة لصالح الدول الحليفة للأسد، لكن ماذا يملك النظام ليبيع؟.

لا يبدو الحديث عن الخصخصة واقعياً، ليس لأن النظام لم يحاول عرض ما لديه، لكن لأن الدول لا مصلحة لها بقطاعٍ عام أكثر من ثلثيه بين خاسرٍ ومخسر.

مؤسسات القطاع العام السوري وقبل الثورة والتي يزيد عددها عن 250 مؤسسة، تعاني من الترهل والتآكل والأسباب عديدة تتمثل في الفساد والهدر وسوء الإدارة وفقدان التقنيات الحديثة في العمل، وتضخم العمالة فيه وتحولها إلى بطالةٍ مقنعة، كل ذلك جعل من مؤسسات القطاع العام عاجزة خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة عن المنافسة بفعل انفتاح السوق السورية والتوجه نحو الليبرالية، ورغم جهود حكومة عطري في ذلك الوقت لإدخال القطاع الخاص عبر نظم التشاركية، إلى القطاع العام إلا أنه فشل في ذلك، لأن أحداً لن يقترب من قطاعاتٍ خاسرة، سيكلف إعادتها للربح ما يزيد عن كلفة بناء مشروعٍ خاص من الصفر.

وحتى مشروع إصلاح القطاع العام الصناعي، الذي كان بالتعاون مع المنظمات الدولية بقي في أدراج الحكومة، ودائماً كان السبب التكاليف المرتفعة لتطبيقه، وبفعل التجاذبات بين الفاسدين وأصحاب المصالح بقي القطاع العام الصناعي مخسراً في الوقت الذي كان من الممكن أن يكون رابحاً.

هذا هو الحال قبل الثورة أما الآن فلم يعد هناك أصلاً قطاع عام حسب ما يشير خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه، مؤكداً أنه حتى الدول الحليفة للنظام لن تغامر بشراء سمكٍ في الماء، فالقطاع الاقتصادي العام غير جاذب للاستثمار في أوقات الاستقرار، كيف سيكون حاله في أوقات الحرب؟ ويجيب الخبير على تساؤله أن القطاعات الرابحة في الاقتصاد السوري تتمثل في الاتصالات والنفط، فالأول لا يمكن بيعه بسبب وجود أكبر صفقات الفساد التي تتمثل في هواتف الهاتف المحمول، لصالح رامي مخلوف، أما قطاع النفط فلم يعد النظام يملك منه شيئاً حتى يبيعه.
ويضيف الخبير الاقتصادي متسائلاً ماذا في يد النظام اليوم جغرافياً؟، فحلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا ذهبت بالكامل، والمناطق الشمالية الشرقية وهي سلة سوريا الغذائية ومنها يتم تأمين المواد الأولية للصناعة، أيضاً هي الآن خارج سيطرته، وكذلك هو الأمر بالنسبة للغوطة الشرقية، وحمص، ما يعني أنه صناعياً وتجارياً لا يملك النظام سوى المنافذ البحرية من منطقة الساحل وهي وحدها لا تكفي.

إذاً لا موارد في يد النظام، وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، وفعلياً الدول الداعمة للنظام لا يمكن أن تبقي دعمها دون مقابل، لكن إن كانت هذه الدول ستأخذ حصتها من سوريا فلن يكون عبر القطاع العام، إنما من خلال الحصول على امتيازات من نوعٍ آخر، كالتنقيب عن الغاز والنفط الذي حصلت عليه روسيا، والحصول على امتيازاتٍ تجارية كما يحدث مع إيران، أو الحصول على تراخيص استثمارية في مناطق سيطرة النظام فقط.

وعلاوةً عن كل ذلك فلا ضمان ببقاء النظام وهذا يعني أن أحداً لن يعترف مستقبلاً بكل الصفقات والاتفاقيات التي قام بعقدها، ويؤكد الخبير الاقتصادي أن برلمانا شفافا وحقيقيا يمثل مصالح الشعب يمكنه إبطال أي اتفاقٍ تم في حال رحل النظام

ترك تعليق

التعليق