"السفير" اللبنانية تتحدث عن تعاون أمني بين الأمريكيين ونظام الأسد أتاح للأخير قصف مواقع لـ "داعش"

ذكرت صحيفة «السفير» اللبنانية أن النظام السوري تلقى في الأيام الماضية من الأمريكيين، معلومات عن مواقع وأرتال «داعش» داخل الأراضىي السورية، لا سيما في المناطق المتاخمة للحدود السورية العراقية في الرقة، وحول مطار الطبقة الاستراتيجي، ودير الزور وحلب.

ونقلت الصحيفة عن ماوصفته بمصادر أمنية مطلعة إن الأجهزة الأمريكية والسورية بدأت تعاوناً ثنائياً في ميدان مكافحة الإرهاب للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل ثلاثة أعوام ونصف العام.. وذلك في تحالف الأمر الواقع ضد «داعش».

ويقول مصدر سوري إن المعلومات الأمريكية عن تحركات «داعش» وأرتالها سمحت في الأيام الماضية، بشن أكثر من 122 غارة على مواقعها في يوم واحد، وهو رقم قياسي للطيران الحربي السوري، وسمحت خصوصاً بمضاعفة الهجمات ضد مقارها وتجمعات قواتها، لا سيما في منطقة الرقة وحول مطار الطبقة وريف حلب الشمالي.

 وسمحت العمليات السورية باحتواء هجمات «داعش» في المنطقة وعرقلة خطوط إمدادها نحو الغرب العراقي وتأخير هجومها على أربيل.

 وبرغم أن العمليات الأمريكية السورية المشتركة ضد «داعش» أملتها ضرورات عسكرية عاجلة لوقف تقدمها على ضفتي الحدود السورية العراقية التي بات «داعش» يسيطر على جزء كبير منها يصل تركيا بالمثلث السوري العراقي الأردني، إلا أن استمرار تدفق قوات «داعش» من ظهيرها السوري سيجبر الطرفين على تعاون أوسع مجدداً.

ويؤكد تقييم أمريكي هذا الاتجاه في ما قاله قائد العمليات فى أركان الجيوش الأميركية الجنرال وليم مايفيل عن أن عمليات القصف الجوي حول أربيل والموصل وجبل سنجار ضد أرتال «داعش»، أسفرت عن تأخيره في الهجوم على أربيل، «لكنه لم يفقد قدرته على مهاجمة الأكراد إلا بصورة مؤقتة».

 ومن غير المنتظر أن يتبلور إطار سياسي لهذا التعاون الأمني في الحرب القاسية ضد جيش «داعش»، شبيه بالاتفاق الإيراني الأميركي، حيث دفع الإيرانيون ثمناً سياسياً وضحّوا بنوري المالكي، لقاء إرسال الطائرات الامريكية لقصف «داعش» ووقف تقدّمه نحو بغداد وأربيل، وموافقة السعودية على تشجيع السنة على الانضمام إلى العملية السياسية، وفصل العشائر عن «داعش»، وإحياء الصحوات في مواجهته.

وقالت الصحيفة إن أي صفقة مشابهة لا يمكن تجديدها في سوريا وقبض أي أثمان سياسية تتجلى في إجراء تعديلات داخل تركيبة النظام السوري، حتى ولو تطورت الحرب الجوية الأميركية على «داعش» داخل الإراضي السورية. إذ لا يبدو أن الاستراتيجية الأمريكية تنحو حتى الآن نحو التخلي عن سياسة استنزاف الجيش السوري و«حزب الله» وإيران عبر «داعش» في سوريا، برغم ازدياد خطره، الذي يجري العمل على احتوائه في المقلب العراقي.

 وأشارت السفير إلى أن الأمريكيين ينشرون بالقرب من الحدود السورية في غرب العراق، قوة «دلتا» الخاصة، التي سبق لها أن عملت في منطقة الموصل عندما طاردت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الكردية، عدي وقصي صدام حسين، وهي القوة نفسها التي توصلت إلى تقصي أثر الرئيس العراقي السابق واعتقاله في الثالث عشر من ديسمبر 2003. وتقوم هذه القوات بتحديد مواقع أرتال «داعش» وتحركاتها بالتعاون مع قوات خاصة بريطانية تنتشر في غرب الموصل.

 ويقول مصدر ديبلوماسي غربي إن الأميركيين والبريطانيين يعملون معاً عبر القاعدة البريطانية «أكروتيري» في قبرص، لملاحقة أرتال ومقار «داعش»، بعيداً عن أي تنسيق مع الأتراك في قواعدهم «الأطلسية» المشتركة في جنوب الأناضول في أنجيرليك وملاطية. ويعمل البريطانيون في المنطقة عبر طائرات الاستطلاع، فيما تنتشر قاذفات «التورنيدو»، للمشاركة في عمليات القصف. ووفقا للصحيفة فإنه يبدو التعاون الأمريكي السوري ضد «داعش»، بالرغم من عدم بلوغه المستوى العملياتي، تعاوناً أمنياً صرفاً وإن بدا غير مسبوق، في ظل الحرب التي تديرها الإدارة الأميركية ضد النظام السوري.

ويقول دبلوماسي غربي إن الأميركيين يطمحون إلى تعاون مع السوريين في النطاق الأمني لتوسيع عمليتهم، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الأميركيين يشارك في القتال في صفوف «داعش».

 ولفتت الصحيفة إلى أن وجود ما يقارب ثلاثة آلاف «مجاهد أوروبي»، منهم فرنسيون وبريطانيون، في كتائب «داعش»، والمئات من الجهاديين الأمريكيين الذين تستهدفهم العمليات، كما تستهدف حماية الاستثمارات النفطية الامريكية والاوروبية في شمال العراق الكردي.

وأشارت السفير إلى أن تعاونا أمريكيا أمنيا سوريا قبل سنوات كان قد ساعد الأجهزة الأمنية الأمريكية والأوروبية، على اعتقال «جهاديين أوروبيين وأمريكيين» وتفادي هجمات في المنطقتين.

 والراجح أن الأمريكيين لا يريدون إعادة تفعيل التعاون ضد «داعش»، سوى للحاق بنظرائهم في الأجهزة الأمنية الأوروبية، التي تحاول منذ عام استعادة التعاون مع الاستخبارات السورية، بعد ترسّخ القناعة أن النظام السوري قد تجاوز مرحلة السقوط، وأن سوريا قد تحولت إلى بيئة حاضنة لـ«الجهاد الأوروبي»، العائد حتماً إلى تهديد عواصم القارة.

ترك تعليق

التعليق