تقرير: تقسيم العراق يؤهل بغداد لتحقيق فائضا كبيرا في الميزانية

قال معهد أبحاث السياسة الخارجية بالولايات المتحدة إن الوضع الاقتصادي في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ينذر بكارثة، باعتباره أنه الأسوأ مقارنة بباقي المناطق الأخرى بالعراق بسبب الاحتياجات الاقتصادية الكبيرة والموارد التي تواجه قيودا شديدة للحصول عليها، مشيرا إلى أن حكومة بغداد تستطيع أن تحقق فائضا في ميزانيتها الأولى في حالة تقسيم البلاد بعد استبعاد المناطق التي تسيطر عليها داعش وإقليم شمال العراق.

وذكر المعهد في تقرير، حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه اليوم الاثنين، أن الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة العراقية في بغداد هو الأفضل حالا حيث لا تزال تستحوذ على 84% من صادرات النفط العراقي، بينما الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لحكومة إقليم شمال العراق يواجه تحديات وإن كان أفضل من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش.

وكشف التقرير أن تنظيم داعش يسيطر على نحو 40% من أراضي العراق بما في ذلك محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، وجزء كبير من كركوك وأجزاء من محافظات ديالى وبابل، ويسكنها ما يتراوح بين 25- 35 % من السكان، يوجد بها نحو 11% من الاحتياطيات النفطية.

ويذكر التقرير أن الأكثر خطورة من نقص الطاقة هو النقص المحتمل من المواد الغذائية، مشيرا إلى أنه في بادئ الأمر من غير المحتمل حدوث نقص في الغذاء بالأراضي الخاضعة لداعش لأن الزراعة هناك نشاط رئيسي.

ويذكر التقرير أن استيلاء داعش على أموال بنحو 500 مليون دولار إلى مليار دولار من البنوك الرئيسية في العراق، مصرفي الرافدين والرشيد، لن تكفي لفترة طويلة، لأن استمرار النزاع مكلف، كما أن مقدارا غير معروف من هذه الأموال يدفع للرواتب ومخصصات التقاعد لموظفي الحكومة والمتقاعدين. وفي حال عدم سداد هذه المدفوعات، فإنه سيقوض الدعم الشعبي لداعش.

ويكشف التقرير أن جزءا من الأموال التي استولى عليها تنظيم داعش ربما يختفي في الحسابات الشخصية لبعض قيادات التنظيم.

وفيما يتعلق بالأراضي الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم شمال العراق، فإنها تبلغ نحو 10% من مساحة العراق، ويقطنها ما بين 15-20% من السكان وتستحوذ على 16% من صادرات النفط، كما يوجد بها نحو 9% الاحتياطيات النفطية.

ويذكر التقرير أن حكومة إقليم شمال العراق لديها وضع اقتصادي أفضل من الأراضي الخاضعة لداعش، إلا أنها تواجه تحديات اقتصادية تتمثل في تضرر خط أنابيب التصدير الرئيسي إلى ميناء جيهان التركي، والذي يصدر أحيانا نحو 400 ألف برميل يوميا في ظل الأجواء الطيبة.

كما أن حجم النفط الذي يمكن تصديره باستخدام خط أنابيب بديل أو أساطيل من الشاحنات الناقلة محدود للغاية، وفي حال تمكن حكومة الإقليم من استعادة الصادرات إلى 400 ألف برميل يوميا، سوف تواجه ازمة مالية ذاتيا.

ورغم أن صادرات النفط توفر غالبية إيرادات حكومة الإقليم، إلا أن صناعة النفط توفر فرص عمل مباشرة قليلة، أقل من 3 % من إجمالي العمالة، ولتعويض نقص الوظائف في صناعة النفط، توسعت الحكومة على مدى العقدين الماضيين بشكل حاد في التوظيف الحكومي، حيث أصبح نحو 32 % من دهوك و 30 % من القوة العاملة في أربيل يعملون حاليا بشكل مباشر في مؤسسات حكومية مقارنة بـ 19% على مستوى العراق.

وفيما يتعلق بالأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة بغداد، ذكر التقرير الذي كتبه فرانك جونتر، العقيد المتقاعد في مشاة البحرية الامريكية العقيد، والذي عمل مستشارا اقتصاديا في العراق لمدة عامين، أنها تمثل نحو 50% من مساحة العراق، ويقطنها ما بين 45و60% من السكان وتستحوذ على 84% من صادرات النفط ويوجد بها نحو 80% من احتياطيات النفط.

ويذكر التقرير أنه على الرغم من فقدان كميات كبيرة من الأراضي والسكان، شهدت المحافظات التابعة لسيطرة بغداد تحسنا في الوضع الاقتصادي.

وبخلاف داعش وحكومة إقليم شمال العراق، يمكن لحكومة بغداد أن تمارس التجارة دوليا عبر موانئ الجنوب في البصرة، حيث الاستمرار في استيراد الحبوب ولوازم صناعة النفط في حين تصدر النفط بواسطة ناقلة المحيط. وحتى مع زيادة النفقات العسكرية، وإذا توقفت بغداد عن دفع رواتب ومخصصات التقاعد للعراقيين في الأراضي التي تسيطر عليها حكومة إقليم شمال العراق وداعش وكذلك وقف الاستثمار في البنية التحتية في تلك المناطق، فإن بغداد ربما تسجل فائضا كبيرا في الميزانية في السنة الأولى بعد تقسيم البلاد.

ومن المتوقع أن تستمر النجف والمدن المقدسة الأخرى التي تهمين عليها الطائفة الشيعية الواقعة في القطاع الذي تسيطر عليه بغداد، في جذب عدة ملايين من السياحة الدينية سنويا من إيران في المقام الأول. كما أن الوضع في أجزاء أخرى من القطاع الخاص الصغير ليس مريحا بسبب مزيج من عدم اليقين السياسي والإجراءات التنظيمية المعادية تجاه شركات القطاع الخاص والفساد المستشري في كل مكان.

ترك تعليق

التعليق