استثمارات ميقاتي في سوريا: 20 عاماً إضافية؟

قد تمثِّل استثمارات طه ونجيب ميقاتي (رئيس الحكومة اللبنانية السابق) أكثر الاستثمارات اللبنانية نجاحاً في سورية، على الإطلاق. وقد تزامنت بداية استثمارات عائلة ميقاتي في سورية ونجاحاتها مع وصول بشار الأسد إلى السلطة. ففي صيف العام 2000، وبعد اعتلاء الأسد كرسي الرئاسة بأسابيع عدة، منحت الحكومة السورية شركة "انفستكوم"، المملوكة من قبل الأخوين، طه ونجيب ميقاتي، رخصة لتشغيل شبكة للهاتف النقال لمدة 15 عاما، في حين مُنحت رخصةُّ أُخرى لشركة "سيرياتل"، المملوكة من قبل رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري.

وعلى الرغم من عدم وجود إثباتاتٍ حول علاقات رأسمالية بين عائلتي الأسد وميقاتي في ذلك الحين، فإنَّ حقيقةَ الأرباح الضخمة التي يدرُّها قطاع الاتصالات الخلوية، والطريقة التي يعمل بها النظام السياسي في سورية، وعدم وجود منافسةٍ حقيقيةٍ عند منح تراخيص الاستثمار لشركتي "إنفستكوم" و"سيرياتل"، كلها أمور كانت موضع جدلٍ مكثَفٍ في دمشق. وبالنسبة لرامي مخلوف، فانَه يعتبر، ومنذ زمن طويلٍ، ممثلا لمصالح عائلة الأسد الإقتصادية.

في العام 2005 أصبحت قيمة أصول شركة "إنفستكوم" في سورية تعادل 340 مليون دولار أميركي، بينما بلغت أرباح أعمالها السنوية قرابة 60 مليون دولار أميركي.

وقررت عائلة ميقاتي في العام 2006 بيع "إنفستكوم" إلى شركة "MTN"، وهي مجموعة من جنوب أفريقيا، وذلك لقاء مبلغ 5 مليار دولار أميركي. وفي حين كانت شركة "إنفستكوم" تنشط في غانا، السودان، اليمن، وأفغانستان، فقد كانت أعمالها في سورية تشكل حوالي 40 % من إجمالي عائداتها. هذا الأمر يسلِط الضوء على أهمية الاستثمار في سورية بالنسبة لثروة عائلة ميقاتي.
واليوم، ما تزال العائلة ميقاتي تمتلك أسهما في مجموعة "MTN"، وبالتالي فإنَ العائلة ما تزال مهتمة بنجاح الشركة في سورية.

وكشفت صحيفة "الفايننشال تايمز"، مؤخراّ، أنَ شركة "MTN" تجري حاليا مفاوضاتٍ مع الحكومة السورية للحصول على رخصةٍ جديدةٍ لمدَة 20 عاما. تقول الصحيفة إنَ المفاوضات حقَقت تقدُماّ ملحوظا في الأسابيع الماضية، وأنَه من المتوقَعِ أن تنتهي قبل نهاية العام. وسيسمح هذا الترخيص لشركة "MTN" ولمساهميها بالحصول على أرباحٍ كبيرةٍ خلال العقدين المقبلين، في سوقٍ تبقى اسعار الاتصالات فيها عاليةّ، وحيث المنافسة محدودة للغاية. وباعتبار أنَّ الحكومة السورية ما تزال تتمتَع باعترافٍ من الأمم المتحدة، فإنَّ أي عقدٍ تبرمه سيكون، على الأرجح، ساري المفعول مستقبلا حتى في حال حدوث تغيُراتٍ سياسيةٍ جوهريةٍ في دمشق.

بالتالي، لا يقتصر الأمر على النجاح الذي حقَقه آل ميقاتي في سورية، بل إنَّه مع تمديد عقد "MTN" لمدَّةِ 20 عاما، فمن المحتمل أن يدوم نشاط العائلة في هذه البلاد أكثر من استمرار بشار الأسد في سدَّةِ الرئاسة.

 

ترك تعليق

التعليق