أطفال ينهشها المرض: "اقتصاد" ترصد حال السوريين في مخيمات بر الياس بلبنان

يلعب أيوب مع بعض الصبية، وقبل أن يمضي الدقائق العشرة، يجلس جانباً وهو يلهث ويده على قلبه، فالربو ومرض القلب والماء في الدماغ التي يعاني منها الفتى ابن العشرة أعوام تمنعه من الاستمرار.

لعل حال أيوب كان سيكون أفضل لو استطاع تلقي الرعاية الصحية المطلوبة، لكن في مخيمات اللجوء أحداً لا يسأل السوريين عن أحوالهم، وهذا هو حال عدد من مخيمات بر الياس المنسية.

في منطقة بر الياس الواقعة في البقاع اللبناني هناك ما يقارب 33 مخيماً، كل واحد منها يضم ما يقارب 250 شخص، جلهم من النساء والأطفال حيث تصل نسبتهم إلى أكثر من 70 %، لا يملكون حتى ما يقتاتون عليه، هذا ما يخبرنا به أحد المتطوعين العاملين لجمع المساعدات للمخيم، فضل عدم ذكر اسمه.

ويشير الناشط إلى أن المخيم يفتقر لأدنى مستويات الخدمات، ولعل أكثرها إلحاحاً هي الخدمات الطبية، لا سيما بوجود عشرات الحالات المرضية المزمنة مثل حالة أيوب، وحالات أخرى بحاجة إلى عملياتٍ جراحية عاجلة، كأحد الأطفال المصابين بفتحةٍ في القلب الذي يحتاج إلى تدخل جراحي عاجل، وهو أمر غير متاح بسبب التكاليف المرتفعة للخدمات الصحية والطبية في لبنان، إلى جانب انتشار الأمراض الجلدية كالأكزيما، وانتشار ربو الأطفال، والاختلال بالدماغ، ونقص الكلس، والأنيميا.

وليس أيوب وحده الذي يعاني حالةً حرجة في هذا المخيم، فمحمد طفل آخر يعاني من عصب مشدود في العنق وخلع في الورك، وزميله أحمد من القصير يعاني من التهاباتٍ مستمرة في منطقة الكتف ناجمة عن صفائح قديمة كان لا بد من إزالتها قبل ما يقارب العام، بعد أن تعالج من آثار قذيفةٍ طائشة.

الأطفال القادمون من الحرب والهاربون إلى لبنان يختزنون في ذاكرتهم كل ما قاسوه في سوريا، لذلك فللأمراض النفسية حصةً من جملة الأمراض المنتشرة، حيث السلس البولي ونقص الأمومة، والبكاء الشديد والمفاجئ، والعديد من حالات العزلة والخوف، حسب ما يشير الناشط.

ويؤكد أن أمراض الربو والسكر والضغط تنتشر بين سكان المخيم، وليس باستطاعة أحد من هؤلاء شراء علبة الدواء التي ربما يصل سعرها إلى 20 دولار.

وإلى جانب كل ذلك يعاني غالبية المقيمون في المخيم من الأمراض البولية بسبب التلوث.

معظم القاطنون في المخيم أتوا من السفيرة وخناصر والقصير، بعضهم استطاع التسجيل في مفوضية اللاجئين وحصل عبرها على مساعدات، وغالبيتهم لم يستطع ذلك.


لا شيء في هذا المخيم سوى الخيم "منها من الخيش ومنها من الشوادر"، مقامة على أرضٍ مستأجرة من أصحابها، لكنها تفتقد لأبسط مقومات الحياة كالصرف الصحي مثلاً واستعاض عنها الأهالي بالجورة الفنية، لذلك تنتشر الأمراض والأوبئة حسب قول الناشط.

أما عن المنظمات الإغاثية والجهات الداعمة للاجئين فيؤكد الناشط أنهم حاولوا التواصل مع بعضها لكنها لم تبدي تعاوناً، ويعلل ذلك إلى أن المنظمات لا تبدأ من الصفر إنما ترغب في التوجه إلى مخيماتٍ تم تأمين بناها التحتية على الأقل، وتقوم هي باستكمال الباقي، ورغم الجهود الفردية التطوعية إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن عمل المنظمات.

ويحذر الناشط من أن الوضع يمكن أن يزداد سوءاً خلال الشتاء.

ترك تعليق

التعليق