الاسكوا: 90% من السوريين فقراء، و140 مليار دولار خسائر

نحو 140 مليار دولار، حجم خسائر أولية تكبدها الاقتصاد السوري خلال ثلاث سنوات، ونحو 90% من السوريين تحت خط الفقر، في العام القادم، وأكثر من 60% منهم سيعجزون عن تأمين حاجاتهم الغذائية، ومصرف سوريا المركزي استهلك 67% من احتياطه من العملة الأجنبية في محاولات تثبيت سعر صرف الليرة.

الأرقام السابقة كانت أبرز ما ورد في تقرير جديد أعدته "اللجنة الاقتصادية الاجتماعية لغرب آسيا" التابعة للأمم المتحدة، "إسكوا".

شارك في إعداد التقرير فريق من الخبراء، بإشراف النائب السابق لرئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، عبد الله الدردري، واعتمد التقرير على بيانات المؤسسات الحكومية السورية وعلى بيانات مؤسسات ووكالات الأمم المتحدة بحسب اختصاصاتها، وعلى تحليلات ومعلومات الخبراء، حسبما قال الدردري في مؤتمر صحفي عُقد في مقر اللجنة في العاصمة اللبنانية بيروت، أمس الأول.

وتعرض التقرير لنقد بعض الاقتصاديين المقربين من النظام، في الوقت الذي تنظر فيه شخصيات معارضة بعين الريبة إلى شخصية عبد الله الدردري، باعتباره أحد أعضاء الحلقة الضيقة في إدارة اقتصاد سوريا خلال العقد الماضي، ويتحمل، في رأي البعض، مسؤولية خلق ظروف اقتصادية – اجتماعية مؤاتية لتعزيز فرص التوتر والاضطراب في البلاد.

تقرير "الاسكوا" الجديد تناول، كالعادة، الأثر الاقتصادي - الاجتماعي للحرب الدائرة في سوريا، وتوقعات المستقبل في حال استمرار النزاع.

وقد انفردت صحيفة السفير اللبنانية بعرض مقتطفات موسعة من التقرير، بعد حضور رئيس تحريرها، طلال سلمان، المؤتمر الصحفي للجنة، وإلقائه كلمة أشاد خلالها باللجنة وعملها.

ولفت التقرير إلى أن "الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بالأسعار الثابتة لعام 2010) انخفض من 60 مليار دولار في العام 2010، إلى 56 مليار دولار في العام 2011، ثم إلى 40 مليار دولار في العام 2012، وإلى نحو 33 ملياراً في العام 2013".
وأن "الاقتصاد السوري تقلص في العام 2013 بنسبة 16.7 في المئة مقارنة بالعام 2012، وبنسبة 28.2 في المئة مقارنة بالعام 2011".

وقدّر التقرير الخسارة الإجمالية للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بأسعار 2010) خلال السنوات الثلاث الماضية بنحو 70.67 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن الاستثمار الخاص تراجع بشكل كبير في العام 2013، حيث تسبب النزاع السوري بهجرة القسم الأكبر من رأس المال السوري الخاص خارج البلد، لا سيما إلى البلدان المجاورة، وتدمير قسم كبير منه، والحد من نمو ما بقي منه.

وأوضح التقرير أن "آلاف الشركات في مناطق النزاع خصوصاً، إما انتقلت إلى بلدان أخرى، وإما تدمرت جزئياً أو كلياً، فتدهورت انتاجيتها حتى بلغت مستويات متدنية جداً"، لافتاً إلى أن "سبب ذلك هو أن معظم هذه المنشآت كانت تنتشر في المدن الريفية والطرفية، أي التي تشكل المسرح الرئيسي للنزاع المسلح".

وأشار التقرير أيضاً، إلى تراجع صادرات معظم السلع الأساسية نتيجة الانقطاع المتكرر لإمدادات النفط، بعد تدمير حقول الانتاج ومرافق التقرير، وإضعاف قطاع النقل والمواصلات، وتراجع الانتاج في المدن والمناطق الصناعية، نتيجة أعمال العنف، فضلاً عن هروب العمال خارج مناطق النزاع، لا سيما في حلب وريف دمشق وحمص.

ويقدر التقرير مجموع الخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوري طوال السنوات الثلاث للنزاع (2011-2013) بنحو 139.77 مليار دولار، منها 69.1 مليار دولار (49.4 في المئة) هي قيمة الخسائر في المعروض النقدي. أما نسبة الـ50.6 في المئة المتبقية، وقدرها 70.67 مليار دولار، فمردّها إلى التراجع الحاد في الناتج المحلي الإجمالي والفرق الشاسع بين مستوياته المتوقعة والفعلية.
وعلى مستوى التوزيع القطاعي للخسائر، تكبّد القطاع الخاص خسائر بقيمة 95.97 مليار دولار (68.7 في المئة) من الخسائر الاقتصادية الاجمالية، بينما بلغت خسائر القطاع العام 43.8 مليار دولار (31.3 في المئة).

وتقدر حكومة النظام السوري الخسائر في المعروض النقدي في مؤسساتها العامة بنحو 814.8 مليار ليرة سورية، أي 17.7 مليار دولار حتى نهاية سنة 2013.

ومع استمرار الصراع في سوريا، يتوقع التقرير أن تترجم انعكاسات التدهور الاقتصادي محنة اجتماعية على مستويات عدّة.

وفي مجال الصحة، أشار التقرير إلى أنه "في العام 2015، يتوقع أن يرتفع معدل وفيات الاطفال دون الخامسة إلى 28.8 طفل لكل ألف نسمة، وأن يصل معدل وفيات الأطفال الرضع دون عمر السنة إلى 28.7 حالة لكل ألف طفل، في مقابل 23.3 في العام 2013"، فيما يتوقع أن "تنخفض نسبة الاطفال المحصنين ضد الحصبة إلى 40 في المئة، وأن يرتفع معدل وفيات الأمهات إلى 73.4 حالة وفاة لكل ألف ولادة".

وفي مجال التعليـم، يتوقـع التـقرير أن "تتـدنى نسبة الالتحاق بالتعلـيم الأسـاسي إلى 50 في المئة مـن الفئـة العـمرية 11-6 سنـة، وإلى 30 في المئة في صفوف التلامـيذ في الصفين الأول والنهائي من مرحلـة التعلـيم الابتدائـي، وهـي نسـبة متدنيـة إلى حـد مخيف ستترك أثرها المدمر على مستقبل البلد لعقود طويلة".

ويشير التقرير إلى أن "الخبراء يتوقعون أن ينشأ جيل من الأطفال دون الـ15 ضحايا للأمية". ويضيف أنه "بالرغم من التوقعات بأن يبلغ الإلمام بالقراءة والكتابة في الفئة العمرية 15-24 نسبة 94.3 في المئة في المستقبل المنظور، فمن المؤكد أن هذه النسبة ستنحدر بشكل كبير خلال السنوات المقبلة بسبب الإنخفاض الحالي والمتوقع في نسب الالتحاق بالتعليم".

وفي العام 2015، يتوقع أن تبلغ نسبة البنات إلى البنين في مرحلة التعليم الأساسي 90.8، وأن تصل إلى 92.5 في مرحلة التعليم الثانوي، و53.6 في التعليم المهني. ويتوقع ان تنخفض نسبة البنات إلى البنين في مرحلة التعليم الجامعي لتصل إلى 76.1.

وفي ما يتعلق بالفقر، لفت التقرير إلى أن «أخطر ما تتضمنه هذه الدراسة هو تقديرات الخبراء بشأن الفقر الذي يتوقع أن يصل خطه الأدنى في العام 2015 إلى 59.5 في المئة، وخطه الأعلى الى 89.4 في المئة، وهذا يعني انه اذا استمر النزاع لغاية العام 2015، فسيكون 90 في المئة من السوريين فقراء، وسيعجز 60 في المئة منهم عن تأمين حاجاتهم الغذائية.

ويشير التقرير إلى أن احتياطي المصرف المركزي السوري من العملات الاجنبية انخفض من 14.4 مليار دولار في العام 2011، إلى 3.5 مليارات دولار في نهاية العام 2013، أي أنه تم استهلاك 67 في المئة منه خلال ثلاث سنوات فقط من أجل تثبيت سعر صرف الليرة السورية عند حدود 150-160 ليرة للدولار، وبالتالي، سيكون مصير الليرة السورية في العام 2015 رهناً بمجريات النزاع ومستوى الدعم الخارجي.

ترك تعليق

التعليق