نزوح جماعي من مناطق سيطرة "داعش" بسوريا تحسباً لهجوم واشنطن

 تتواصل موجة نزوح الأهالي من المناطق، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، والتي بدأت منذ يومين، عقب الخطة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية للتنظيم، بهدف القضاء عليه، فيما يسعى التنظيم إلى تحصين مواقعه بنقلها إلى أماكن أخرى.

وتواترت الأنباء عن محاولات من قبل التنظيم، بإخلاء مقراته في عدد من المناطق بمدينة “الباب”، شمال حلب، وسحب الآليات، والأسلحة الثقيلة، من مدينة العشارة، قبل يومين باتجاه مجهول، بحسب ناشطين معارضين.

وقال الناشط الإعلامي ياسين أبو رائد، أن “تنظيم الدولة يخلي مقراته في مدينة الباب، فيما ترسل عناصره عائلاتهم إلى مناطق أخرى، في وقت ينزح فيه سكان “الباب”، و”الرقة”، إلى مناطق الريف، التي يسيطر عليها الثوار”، على حد تعبيره.

وأضاف “أبو رائد”، في تصريحات للأناضول، أن هناك نزوحا جماعيا، وموجة خوف، وهلع، تصيب سكان تلك المناطق، وتتوارد أنباء عن قيام التنظيم بتغيير مقراته إلى أماكن سرية، من أجل تفادي الضربة العسكرية المنتظرة، من قبل الولايات المتحدة”.

ولفت الناشط الإعلامي إلى أن “المناطق التي يسيطر عليها التنظيم منذ عامين حتى الآن، كانت هادئة، فيما تشهد هذه المناطق حركة غير مألوفة، خاصة بعد التهديدات الأمريكية، حيث ضربت قوات النظام، تلك المناطق دون أن تستهدف مقرات التنظيم منذ فترة”.

وكان ناشطون قد تناقلوا أنباء عن نزوح عشرات السيارات منذ أمس، من مدينة الرقة، الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية منذ شهور، فضلا عن إخلاء التنظيم لعدد من المقرات.

وحول الوضع في الرقة، قال فرات الوفا، مدير شبكة (إعلاميون بلا حدود)، وهو من أبناء المدينة، أن “أبناء محافظة الرقة التي دفنت بالأمس نحو (50) شهيدا قضوا بطيران نظام بشار الأسد، يعيشون كل يوم في حالة خوف، وترقب بانتظار القادم المجهول، وخصوصاً بعد التصريحات الأمريكية حول ضربات عسكرية محتملة، ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي جعل من محافظة الرقة عاصمة له”.

وفي تصريحات للأناضول، أوضح “الوفا”، أن “مدينة الرقة شهدت حركة نزوح نشطة إلى الأرياف، حيث تعتبر أكثر أمناً بنظرهم، كونها بعيدة عن مواقع تجمّع تنظيم داعش، كما أن التنظيم هو الآخر يتحرك على ضوء هذه التهديدات، ولوحظ بشكل واضح، وجلي، التغيرات التي طرأت عليه، وعلى تحركاته”.

ولفت إلى أنه “شوهدت حركة نشطة لبعض أسر المهاجرين، من مواقع إلى أخرى أشد تحصيناً، وتغيير لمواقع الأسلحة، والذخائر، وذلك عبر الشاحنات التابعة للتنظيم، ونقلها إلى أماكن أخرى، وكل هذه التغييرات لم توقفه، أو تثنيه، عن مزاولة مهامه داخل المحافظة، عبر بعض الأجهزة التي أنشأها مثل الحسبة، ومراقبة الأسواق، وتسيير دوريات بين المدنيين، لمتابعة مخالفات قوانينه”.

وأشار إلى أن هذه الرقابة تشمل “التعليمات مثل الالتزام بالزي الشرعي، ومنع التدخين، والتأكد من إغلاق المحال التجارية أثناء الصلوات، ومراقبة المحال التجارية، والتأكد من عدم التلاعب بالسلع، والنشاط الأخير الذي قاموا به، اعتقال أربعة نساء وضربهن في أحد شوارع المدينة أمس، بحجة مخالفتهن للزي الشرعي، وعدم الالتزام بشكل الحجاب المفروض من قبلهم”.

من ناحية أخرى، أضاف “الوفا” أن “عناصر التنظيم يؤكدون بأنهم مستعدون لأي ضربة قد تتعرض لها المدينة من قبل أمريكا، وغيرها، وأنهم سيدافعون عن أمنها، وأمن أهلها، والغارات الجوية التي تتعرض لها المحافظة، وفى الحقيقية هم غير قادرين حتى على حماية أنفسهم”.

وكشف أن “طائرات الاستطلاع بدون طيار، تكاد لا تفارق سماء محافظة الرقة، منذ عشرة أيام تقريباً، وهذه الجولات الاستطلاعية، هي أكثر مايشغل بال كل من يقطن المحافظة من مدنيين، وعسكريين، وبعض الأهالي بدأوا فعلاً الاستعداد للقادم، فمنهم من نزح عن المدينة، وبعض الأهالي الذين يسكنون بالقرب من مقرات تنظيم داعش، يحاولون الابتعاد عن المقرّات بقدر الإمكان، تحسباً لأي استهداف لها”.

وقال “الوفا”: “كل هذه المخاوف ترافق وضعا صحيا مزريا في المحافظة، وخروج بعض المشافي عن الخدمة، والنقص في الكوادر الطبية، والمواد، والمستلزمات، والمشافي غير قادرة على استقبال الحالات الحرجة نهائياً، ويتم إسعاف الإصابات من هذا النوع في مشافي تركيا”.

وشدد على أن “أي قصف قد يستهدف المحافظة في ظل الصعوبات، سيجعل من حياة الكثيرين في خطر، وخصوصاً أن كل الغارات، التي استهدفت المحافظة كانت توقع شهداء، وجرحى، في صفوف المدنيين، وكأنهم المستهدف الأول، والأخير، من الضربات الجوية، التي تعرضت لها المحافظة”.

أما فيما يتعلق ببقية المناطق الأخرى، فيبدو أن الأمور أهدأ نسبيا، في ظل استمرار المواجهات، والعمليات، بين قوات النظام السوري، ومختلف فصائل المعارضة، وبعض المناطق تشهد حصارا من قبل قوات النظام.

وفي مناطق ريف حمص الشمالي، أكد الناشط الإعلامي، “خضير خشفة” أنه المواطنين في الداخل لم يكترثوا إلى موضوع الضربة الأمريكية، فالناس تعودت على كل أشكال القصف، والكل أجمع على أن بشار الأسد هو أول إرهابي، وهو من يستحق أي ضربة، فهو من ذبح الصحفيين الأميركيين في حي “بابا عمرو”، بحمص، والصحفية “ماري كالفين”، وصحفيين فرنسيين”.

وأضاف “خشفة”، في تصريحات للأناضول، أن “النظام أيضا هو من استخدم بداية الذبح بالسكاكين، وذلك عن طريق شبيحته المنتشرة في كل أرجاء سوريا، ومثال ذلك مجزرة “الحولة”، التي ذبح فيها الأطفال، فضلا عن استخدام الكيماوي في الغوطتين بريف دمشق، ومناطق أخرى، وجرائم ارتكبت بحق المعتقلين”.

وشدد الناشط الإعلامي على أن “الهم الوحيد الآن للمدنيين هو كيفية الحصول على لقمة العيش، ولم يكترثوا الى موضوع الضربة الأميركية، ما يهم الناس حاليا هو التخلص من بشار الأسد رأس الإرهاب”، على حد وصفه.

من ناحية أخرى، اعتبر خشفة أن “الأهالي لا يقبلون أن تأتي طائرات أمريكية، أو غيرها لقصف البلاد، فالكل يعتبر أن سوريا هي الوطن الأم، وإن كانت تريد قصف بشار الأسد، فالكل يعلم أنه بإمكان أميركا أو غيرها خلعه في غضون ساعات، لذا ينظر الناس إلى هذه الخطط، بأنها مؤامرات تحاك ضد البلاد، إما للتدخل، أو لاستكمال تدمير ما لم يستطع الأسد تدميره”.

ونفى “خشفة”، أن “تكون هناك حالات نزوح بسبب الإعلان عن الضربة”، وضرب مثالا بحي الوعر الحمصي قائلا: “الحي محاصر من قبل الحواجز، وهي المنطقة الوحيدة التي بقيت تحت سيطرة المعارضة في المدينة، أما الريف الشمالي فهو أيضا محاصر، ويشهد اشتباكات بشكل يومي على بعض الجبهات، مثل جبهة أم شرشوح المحررة”.

واكد الناشط الإعلامي أن “من بقي في حمص بعد (3) سنوات من الثورة، لن ينزح من أجل أي ضربة كانت، فالأغلب يسكن في أقبية تحت الأرض، فيما تظل الجبهات على حالها، ومختلف المناطق ترى أن بشار الأسد هو الإرهابي الأول، وإن كانت هناك ضربة أميركية، أو تحالف دولي، فيجب أن يستهدف بشار الأسد بداية قبيل الحرب ضد أي فصيل”.

وأضاف “خشفة”، أيضا “يمكن أن تطول مدة الضربة لنحو شهرين، هذا أمر غير معلوم، وخلال هذه المدة يبقى بشار الأسد يرمي البراميل، ويرتكب المجازر، كما حصل أمس الخميس في مدينة دوما، حيث قتل ما يقرب من 75 شهيدا”، على حد تعبيره.

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما ألقى خطابا فجر الخميس، تضمن (4) عناصر ضمن خطته لمواجهة تنظيم “داعش”؛ أولها “تنفيذ حملة منهجية من الغارات الجوية، وتوسيع الحملة كي تتجاوز المساعدات الإنسانية، والحملة ستستهدف مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية أينما كانوا، وهذا يعني أنه لن يتردد في توجيه ضربات إلى التنظيم داخل سوريا، وليس العراق فقط، فهؤلاء لن يجدوا مكانا آمنا في أي مكان”.

في حين أن البند الثاني تضمن زيادة الدعم للقوات البرية التي تقاتل ضد “داعش”، حيث قال أوباما “سنزيد من دعمنا للقوات البرية التي تقاتل هؤلاء المقاتلين، وقد أرسلت مستشارين لتقييم أفضل الطرق لدعم القوات العراقية، وهذه الفرق أكملت عملها، وسنرسل (470) خبيرا آخر إلى العراق، وهؤلاء لن يقودوا القتال على الأرض، ولكن هناك حاجة لهم لدعم القوات الكردية، والعراقية في التدريب، والتجهيز بمعدات، واليوم أطلب من الكونغرس مرة أخرى، أن يسمح لنا بمزيد من الموارد، لتجهيز القوات البرية، لحلفائنا على الأرض، وفي سورية يجب أن ندعم “المعارضة المسلحة المعتدلة”.

ترك تعليق

التعليق