جواز السفر منتهي الصلاحية: كابوس السوريين في مصر تحت تهديد الترحيل القسري إلى دمشق

في تطورٍ غير مسبوقٍ، تعرّض ثلاثة سوريين، منهم ناشطان معارضان، لعملية ترحيل قسرية من مصر إلى سوريا، حيث اختفى اثنان منهما بعد ختم الجوازات في مطار دمشق. وتتوقع عائلتهما أن المخابرات الجوية اعتقلتهما في المطار.

يوضح المحامي السوري، فراس حاج يحيى، الذي يُتابع قضايا السوريين في مصر، خاصة ما يتعلق بالإقامات وعمليات الترحيل، أن السوريّ كان يُعامل معاملة المصري قبل تطورات 30 حزيران 2013 في مصر.

بعد ذلك بات السوريّ "إخواني" حتى يثبت العكس في نظر الكثير من المصريين تحت تأثير التحريض الإعلامي.

لكن حاج يحيى يُعقّب موضحاً أنه حتى في تلك المرحلة لم تحصل أية حالة ترحيل قسري إلى سوريا، إلا بناء على رغبة صاحب العلاقة.

وتتم حالات الترحيل، في معظمها، للأشخاص الذين انتهت صلاحية جوازات سفرهم، أو فقدوها. وفي هذه الحالات، لا تتعاون السفارة السورية في القاهرة لإصدار جوازات سفر بديلة لأصحاب العلاقة، خاصة إن كانوا ناشطين معارضين، وتقوم بإجراء وحيد، وهو إصدار وثيقة سفر خاصة إلى سوريا، حصراً، مما يجعل الشخص المُهدد بالترحيل أمام خيارين، إما أن يبقى موقوفاً في السجون المصرية إلى ما شاء الله، أو أن يقبل بخيار السفر إلى سوريا، رغم درجة الخطورة العالية هناك.

ويوضح المحامي السوري لـ"اقتصاد" أن الموقوفين السوريين على نيّة الترحيل يعانون بشدة من ظروف السجن في مصر، بصورةٍ تدفعهم للقبول بخيار السفر إلى سوريا، رغم خطورته.

ويضيف فراس حاج يحيى بأن مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، لا تستطيع فعل شيء حيال قرارات الترحيل، إلا الاستنكار، باعتبار أن القرار سيادي، حتى لو كان المُرحلون يحملون "كرت أصفر" ومسجلين في سجلات المفوضية كلاجئين.

ونوه حاج يحيى إلى أنه، وفريق من الناشطين السوريين، يعملون على مساعدة حالات السوريين المُزمع ترحيلهم من مصر، بالتعاون مع محامين مصريين، بعضهم يعملون مجاناً. وذكر حاج يحيى اسم اثنين من المحامين المصريين الذين يعملون على مساعدة السوريين قانونياً، وهما يوسف مطاعيني، ورابح دسوقي، منوهاً إلى وجود محامية مصرية تعمل لمساعدة السوريين في الإسكندرية أيضاً.

لكن حاج يحيى يوضح بأن إمكانات مجموعتهم محدودة، إلى جانب أنهم يعملون بحذر خشية التعرض لتهديد الترحيل لهم أيضاً.

ولفت المصدر إلى أن مفوضية شؤون اللاجئين تتابع بشكل جيد قضايا السوريين الموقوفين على خلفية محاولات الهجرة غير الشرعية عبر البحر انطلاقاً من الشواطئ المصرية، وأنه ومجموعته من الناشطين يسعون، في كل حالة توقيف لمهاجرين، أن يحصلوا على أسماء الموقوفين، ويخبرون المفوضية التي ترسل محامياً، وتتكفل بتأمين الطعام والشراب.

ويفصّل المحامي حاج يحيى بأن الموقوفين في محاولات هجرة غير شرعية لا يُرحلون إذا كانوا يحملون "كرت أصفر" من مفوضية شؤون اللاجئين. كما أنهم لا يُرحلون إذا كانوا عائلات. لكن غير المتزوجين من الشباب يُرحلون على الأغلب، وكذلك الفلسطينيين السوريين يُرحلون حتى لو كانوا عائلات بنسبة 90%.

أكبر المشكلات يعانيها السوريون الذين انتهت صلاحية جوازات سفرهم، أو فقدوها، خاصة ممن حاولوا الهجرة غير الشرعية بحراً، وألقت أجهزة الأمن المصرية القبض عليهم. في هذه الحالات، إن كانوا من الناشطين المعارضين، ترفض سفارة النظام في القاهرة إصدار جوازات سفر جديدة لهم، وبدلاً من ذلك تصدر وثيقة سفر خاصة بهم إلى سوريا، حصراً.

ومنذ شهر بدأت تتبدى ظاهرة الترحيل إلى سوريا. يخبرنا حاج يحيى أن بعض الضباط المصريين المتعاطفين مع هذه الحالات يتصرفون بصورة فردية. وفي حالة أسرة أُلقي القبض عليها في الاسكندرية، في محاولة هجرة غير شرعية، وضاعت جوازات سفرهم، حجز لهم ضابط مصري تذاكر سفر إلى تركيا، بدلاً من سوريا. لكن حاج يحيى يُعقب موضحاً أن معظم الضباط المصريين يتقيدون بالتعليمات الصادرة لهم من جانب الأمن الوطني المصري، خشية تبعات عدم الالتزام على وضعهم الوظيفي.

من بين الحالات الثلاثة التي تم ترحيلها لسوريا، قسراً، كان ناشطان معارضان، أحدهما انتهت صلاحية جواز سفره، والآخر أضاعه. أما الحالة الثالثة فكانت لسوريّ دخل إلى مصر بطريقة غير شرعية من السودان، وأُلقي القبض عليه في محطة المترو بالقاهرة، واكتشفت السلطات المصرية أن جواز سفره منتهي الصلاحية.

في حالة الناشطَين المعارضَين، فقدت عائلتهما أي تواصل معهما بعد أن تجاوزا الجوازات في مطار دمشق مباشرةً. ويرجحون أن تكون المخابرات الجوية قد اعتقلتهما. وكانت السفارة السورية في القاهرة قد أصدرت لهما وثيقتا سفر لسوريا حصراً.

وأوضح المحامي أن الموقوفين في السجون المصرية يتعرضون لضغوط شديدة تدفعهم لقبول خيار الترحيل، حتى لو إلى سوريا.

ويعتقد المحامي فراس حاج يحيى أن على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أن يتولى هذه القضية عبر افتتاح مكتب خاص بمتابعة شؤون اللاجئين السوريين القانونية في مصر.

ويستطرد حاج يحيى موضحاً بأن المكتب القانوني للائتلاف في القاهرة عمله مكتبي وكادره محدود ودوره سياسي. معقباً بأنهم يعملون قدر استطاعتهم، لكن إمكاناتهم محدودة.

ويضيف الحاج يحيى بأن هناك عددا كبيرا من الكتاب والإعلاميين المصريين بدأوا يتعاملون بإيجابية مع مسألة اللاجئين السوريين، ويكتبون بموضوعية حيال مشاكلهم في معظم وسائل الإعلام المصرية، الأمر الذي يجب استثماره من جانب الجهات المعارضة التي تمثل السوريين في مصر، عبر التواصل مع الجهات الرسمية المصرية والوصول إلى حلول بخصوص مشاكل السوريين في مصر، خاصة ما يتعلق بمن انتهت صلاحيات جوازات سفرهم.

ويعتقد الحاج يحيى أن هذه المهمة يجب أن تكون مُنوطة بالائتلاف، مشيراً إلى أن مشكلة جوازات السفر للسوريين بلغت من التعقيد والخطورة ما يتطلب التحرك والضغط بقوة لدى مختلف الدول والجهات الإقليمية والدولية بغية إقناعها بالتغاضي عن حالات السوريين الذين انتهت صلاحية جوازات سفرهم، ورفضت السفارات السورية الخاضعة لسلطة النظام، تجديدها لهم.

وفي سياق مُتصل، أوضح فراس حاج يحيى لـ"اقتصاد" أن السلطات المصرية تجدد أحياناً الإقامة السياحية لأكثر من مرتين، لكن في بعض حالات الشباب غير المتزوجين، لا يتم تجديد الإقامة لهم، ويُختم على جوازات سفرهم قرار بترحيلهم خلال أسبوع. وفي هذه الحالة، ينصح الحاج يحيى بمراجعة مفوضية شؤون اللاجئين والحصول على "الكرت الأصفر"، وختمه على جواز السفر.

منوهاً أنه حينما يُختم "ختم اللجوء" على جواز السفر، يصبح سفر السوريّ خارج مصر صعباً نسبياً، ويتطلب مراجعة المفوضية وإزالة اسمه من سجلات اللاجئين قبل 21 يوماً من سفره، وحينها يُصبح مطالباً بالسفر خلال أسبوع واحدٍ فقط. لكن "ختم اللجوء" من المفوضية يبقى الخيار الأسهل المُتاح للسوريين الذين رفضت السلطات المصرية تجديد الإقامات لهم.

وتذهب تقديرات غير رسمية إلى أن تعداد السوريين في مصر يصل إلى نصف مليون نسمة، فيما تتراوح تقديرات أممية وأخرى رسمية مصرية بين 100 ألف و160 ألف نسمة.

ترك تعليق

التعليق