ناشط إغاثي يوفّر الأدوية لمحتاجيها في الداخل السوري عن طريق متبرعين أتراك

حذرت (منظمة الصحة العالمية) الصيف الماضي من تفاقم أزمة توفر الأدوية في سوريا في ظل الحصار المطبق على العديد من المدن والبلدات، وأشارت المنظمة إلى أن هناك أدوية شبه معدومة أونادرة في بعض المناطق، ومنها الأدوية المتعلقة بأمراض القلب والسكري، لا سيما "الأنسولين"، وكذلك الأدوية الصدرية والهضمية والعصبية وأدوية الأطفال، والمضادات الحيوية والمسكنات بالإضافة إلى أجهزة الغسيل الكلوي، مما يشكل خطراً على حياة الناس الذين يحتاجون للأدوية بشكل يومي أو دوري، مثل أصحاب الحالات المزمنة والمصابين بأمراض نفسية، وكذلك من يتعاطون مضادات حيوية لمنع انتقال العدوى.

هذه المشكلة دفعت بالكثير من المتطوعين والناشطين السوريين وبخاصة خارج سوريا للقيام بمبادرات فردية من أجل توفير الأدوية لمحتاجيها عن طريق حملات الإغاثة والتبرع كما في تجربة الناشط الإغاثي "طاهر الأسعد" الذي عمل على فكرة تأمين الدواء لمحتاجيه من النازحين واللاجئين على حد سواء وبخاصة في المناطق التي تعاني حصاراً مطبقاً وانعداماً لكل وسائل الحياة.

بدأت تجربة الأسعد على نطاق ضيق من خلال الحي الذي يسكن في "أنقرة" ولاقت الفكرة تجاوباً كبيراً من جيرانه الأتراك كما يقول لـ"اقتصاد".

ويضيف الأسعد: من خلال وجودي في تركيا تواصلت مع بعض الأتراك من أجل مساعدة أهلنا في سوريا بقدر استطاعتهم وحسب الإمكانيات المتوفرة لديهم، كما تواصلت مع بعض المنظمات والصيادلة والكثير منهم تجاوب معنا وزوّدنا بأدوية، بعضها مستعمل، ومنها أدوية جديدة ليسوا بحاجة إليها وهناك وصفات طبية مجانية، فكنت أقص الفوارغ وأبقي على المظاريف التي تحتوي الدواء، ولأن الكثير من الأدوية باللغة التركية استعنت بصيدلي صديق من تركيا ليشرح لي إن كان هذا الدواء مثلا للسكري أو الضغط أو "الكوليسترول"، ووضعت ابني يعمل معه في الصيدلية دون أجر ليكتسب معرفة في أسماء الأدوية وأنواعها، كما أنشأت صفحة باسم ابني باللغة التركية، وبدأت أنشر فيها إعلانات عن حاجة بعض المرضى السوريين في الداخل لأدوية بعينها مثل "دواء السرطان"، الغالي جداً، وتمكّنا -والحمد لله- من تأمين أدوية لمريض بسرطان الدم في إدلب لمدة خمسة أشهر، علماً أن سعر العلبة الواحدة 1200 دولار. وقال لي ابن المريض ذهبنا إلى منظمات معروفة فرفضوا إعطاءنا هذه الأدوية، وما إن نشرت الإعلان حتى جاءني في اليوم التالي 12 علبة دواء.

ويردف الأسعد: "كنت أقوم بعملية فرز لهذه الأدوية ومنها ما هو للمعدة وللحالات النفسية ولـ"لرعاش" و"الزهايمر"، وثمة أدوية للشرايين و"الباسور" و"البروستات"، و"مميعات الدم"بمعظم أنواعها ولـ"الإسهال"أو"الإمساك" و"الكورتيزون"، وأدوية السكري والضغط والقلب وأمراض الكلية والسرطان، وحسب المتوفر نقوم بفرز هذه الأدوية كل نوع حسب المرض.

وحول طريقة إرسال الأدوية إلى الداخل السوري يقول الأسعد: بعد تعليب المتوفر من الأدوية يتم وضعها ضمن صناديق كرتونية وترسل للداخل السوري عن طريق جهات موثوق بها، وهناك يتم توزيعها على المشافي الميدانية والنقاط الطبية سواء كان في القرى أو المدن.

من جانبه قال الصيدلاني التركي "سنان" لـ"اقتصاد": أنا آتي إلى صديقي السوري من أجل ترجمة الأدوية بكل أنواعها من اللغة التركية إلى اللغة العربية وتمييز الأدوية الحسّاسة التي لا تعطى إلا بوصفة خضراء فنقوم بفرزها جانباً وذلك كأمراض السرطان أو الأمراض النفسية وأمراض الضغط والقلب لأن هذه الأدوية ذات خصوصية معينة ومساعدة إخوتنا السوريين على تأمين بعض العلاجات لهم في حال توفرها وحصولنا عليها بآن واحد.

ويردف الصيدلاني سنان: أسعى جاهداً مع الأخ طاهر في تأمين بعض الأدوية وإرسالها إلى الداخل السوري وحتى ضمن تركيا لبعض اللاجئين، ونقوم أحياناً بتأمين بعض الأدوية الخاصة بالأطفال لتخفيف الألم والمعاناة عنهم وهذا واجب علينا.

ويتمنى الصيدلاني التركي لسوريا التحرير والفرج والنصر وأن ترجع البسمة لهؤلاء الأطفال وترجع العائلات إلى بيوتها التي هجرتها بسبب بطش وظلم النظام.

ترك تعليق

التعليق