"الوطن" المخلوفية في حركة صحفية "بهلوانية": "شفتو إنا مو كذابين...ما بعنا دهب لسه"

ما هو مصدر المعلومات التي نشرها مجلس الذهب العالمي، في تقريره الأخير، حول حجم الذهب الاحتياطي الذي ما يزال موجوداً في خزائن مصرف سوريا المركزي؟

الجواب ببساطة، هو المصرف المركزي ذاته. الأمر الذي يجعل البيانات التي نشرها مجلس الذهب العالمي مشكوكاً بمصداقيتها.

لكن صحيفة "الوطن" المخلوفية تجاهلت تلك الحيثية تماماً، رغم ورودها بوضوح في تقرير مجلس الذهب العالمي. وأعدت تقريراً احتفالياً، مفاده، "شفتو إنا مو كذابين...ما بعنا دهب لسه".

ونشرت الصحيفة المقرّبة من النظام تقريراً اعتبرت فيه أن البيانات التي نشرها مجلس الذهب العالمي حول احتياطات الذهب في دول العالم، تُثبت أن حاكم مصرف سوريا المركزي لم يكذب حينما أكد بأن احتياطي سوريا من الذهب لم يُمس، وأن كل ما أشاعته مصادر معارضة سابقاً حول بيع ذهب سوريا في المركزي لتأمين موارد نقدية إضافية لخزينة النظام، هو محض افتراء وأكاذيب.

وبالفعل نشر مجلس الذهب العالمي تقريراً يستعرض بيانات حول احتياطات الدول من الذهب، ذكر فيه أن مصرف سوريا المركزي يحتفظ بـ 25.8 طناً من الذهب، وأن هذه الحيازة لم تتغير طوال الـ 14 سنة الماضية.

وبناء على مضمون التقرير المذكور، فإن سوريا تحتل المركز 56 في الحيازة الرسمية للذهب من أصل 100 دولة شملها التصنيف المنشور خلال شهر تشرين الأول الجاري.

وفي الوقت الذي تناقلت فيه وسائل إعلام مؤيدة للنظام تقرير "الوطن" باعتباره تأكيداً على مصداقية السلطات النقدية والمصرفية التابعة للنظام في العاصمة دمشق، استعانت الصحيفة ذاتها، "الوطن"، بشخصيات اقتصادية لتأكيد أهمية البيانات التي نشرها مجلس الذهب العالمي، مشيرةً إلى أن "حفاظ المركزي على الاحتياطيات الذهبية طوال الأعوام الماضية يشير إلى عدم الحاجة للتدخل عبر بيع الذهب لدعم الليرة والاقتصاد، رغم سنوات الحرب، وهذا ما يعني أن وضع الاقتصاد ليس حرجاً"، حسب تصريحات أدلى بها عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق للصحيفة.
صحيفة "الوطن"، على ما يبدو، راهنت على عدم انتباه القارئ لفقرة مرت في تقريرها، تُشير إلى مصدر البيانات التي نشرها مجلس الذهب العالمي عن احتياطي الذهب في سوريا.

فقد أوضح مجلس الذهب العالمي بجلاء أن "تقريره الأخير حول احتياطات الذهب لم يشمل الدول التي لم تقدم بياناتها عن حيازة الذهب لصندوق النقد الدولي خلال الأشهر الست الماضية، والدول التي لم تفصح عن حيازتها من الذهب".

لكن الصحيفة كي تشوش على معنى العبارة السابقة في ذهن القارئ ألحقتها بعبارة أخرى تقول فيها: "وعلى ذلك فإن مصرف سورية المركزي أفصح عن احتياطاته الذهبية خلال العام الجاري، ما يجعل الرقم المذكور رسمياً من أكثر من طرف".

صحيفة الوطن لم توضح من هي الأطراف الأخرى التي زودت مجلس الذهب العالمي بمعطيات عن احتياطي الذهب بسوريا، باستثناء مصرف سوريا المركزي.

فيما يبدو أن العبارة التي نشرها مجلس الذهب العالمي في تقريره، في غاية الوضوح، فالمجلس بنى بياناته على الإفصاحات الرسمية للدول، بمعنى آخر، فإن مصرف سوريا المركزي هو من أخبر صندوق النقد الدولي، ومجلس الذهب العالمي، بأنه يملك أكثر من 25 طناً من الذهب كاحتياطي، وأنه لم يمس منهم شيئاً حتى الآن.

وبالفعل لم يشمل تقرير مجلس الذهب العالمي إلا 100 دولة فقط، من أصل أكثر من 195 دولة، استنكف الباقي منها عن الإفصاح عن احتياطاتها من الذهب.

إذاً، صحيفة "الوطن" المخلوفية، تستشهد على مصداقية مصرف سوريا المركزي، بتقرير دولي يتناول احتياطي الذهب بسوريا، اعتمد على إفصاحات مصرف سوريا المركزي نفسه. أي تستشهد الصحيفة على مصداقية طرف عبر تصريحات نقلها عنه طرف ثانٍ.

وهنا نتساءل: لماذا تحاول صحيفة "الوطن" أن تُدعّم مصداقية المركزي؟، هل حصل في الخفاء ما يتطلب الإخفاء؟، وهل تلك الحركات البهلوانية، صحفياً، كفيلة بإثبات أن سلطات النظام لم تمسّ بعد، باحتياطي الذهب السوري، بعد أن مست بكرامة الإنسان السوري وحياته، وجعلتها نهباً لآلتها العسكرية؟!

بكل الأحوال، لن تمر تلك الحركات البهلوانية الصحفية على القارئ الحصيف في سوريا، فمصداقية كل مؤسسات الدولة السورية المُختطفة من جانب نظام الأسد، للأسف، معدومة في وجدان معظم السوريين. فكيف سنصدق من كان يكذب بنشرات الأحوال الجوية في أيام السلم، أنه صادق في قضايا مصيرية، أيام الحرب!

ترك تعليق

التعليق