3 محاولات بحرية فاشلة واثنتين في البرّ: تفاصيل قصة هجرة سورية جديدة إلى أوروبا

"الآن فقط يمكنكم تهنئتي بالسلامة"، هذا ما قاله ثائر لأفراد عائلته بعد أن أعطاه البحر فرصة البقاء على قيد الحياة والوصول إلى أوروبا.

هرب ثائر من سوريا إلى تركيا، وفي جيبه 1500 دولار فقط، يريد الوصول بها إلى السويد، وبالمصادفة تعرف على أحد المهربين الذي يأخذ 1000 دولار على الراكب إلى أوروبا، ويخبرنا ثائر أنه لم يكن متأكداً أن نقوده هذه ستكون كافية، لكن المهرب أقنعني أنهم يخفضون الخدمة حسب المبلغ المدفوع لكن الوصول إلى السويد مضمون.

ويكمل ثائر تفاجأنا أننا سنسافر بقاربٍ مطاطي صغير، وعددنا كان 36 شخصا لا نستطيع التحرك أو الوقوف على متنه، واجتمع بنا المهرب وسألنا من منكم يرغب في تعلم قيادة القارب؟، فتطوع لهذه المهمة أحد أفراد الرحلة "عبد الباقي" الذي تدرب لمدة يومين وفي اليوم الثالث كان الانطلاق.

ويضيف ثائر: نبهنا المهرب أن نتوجه مباشرةً لجزيرة "ساموس" اليونانية حتى لا نقع بيد خفر السواحل التركي، حيث كان من المفترض أن نسير بشكلٍ مستقيم لمدة ساعة واحدة ومن ثم الالتفاف نحو اليمين باتجاه الجزيرة.

سار عبد الباقي بنا في الماء لمدة ساعة، طلبنا منه الالتفاف نحو اليمين للوصول إلى الجزيرة تنفيذاً لتعليمات المهرب، لكنه قال إن الوقت لم يحن بعد وأكمل نصف ساعة أخرى وبعدها قرر الالتفاف، ويبدو أنه زاد السرعة على محرك القارب، فتوقف بنا في عرض البحر، ولم نعرف ما هو العطل بالتحديد.

رأينا زعانف تطفو على سطح الماء واعتقد الجميع أنها أسماك قرش وسنكون لها صيداً ثميناً، وبدأ الجميع بالصراخ والعويل، إلى أن تبين لنا لاحقاً أنها دلافين.

حاول 8 من الركاب النزول بدواليب السباحة ودفع القارب باتجاه الجزيرة التي لا تبعد عنا أكثر من 5 كيلو مترات فقط، لكنهم فشلوا في ذلك، وفكر عدد من الشبان بالسباحة للوصول إلى الجزيرة، لكن عائلاتهم رفضت ذلك مؤكدين أنهم يريدون أن يموتوا أو يعيشوا سوياً.

مضت ليلةً كاملة ونحن في عرض البحر حسب ما يقول ثائر، حاولنا إضاءة المصابيح للفت النظر إلينا لكن دون فائدة، وفي اليوم التالي عند الساعة الثانية عشر ظهراً، وصلت إلينا سفينة يونانية، وتوقعنا أننا سنصل إلى بر الأمان، حيث قاموا بسحبنا باتجاه الجزيرة، لكنهم في الوقت ذاته منعونا من النزول إلى اليابسة، وأبقونا في القارب حتى حلول الظلام، وبعدها أعادونا إلى المياه الإقليمية التركية، وتركونا هناك.

وأمضينا ليلةً أخرى وانقضى النهار بكامله دون أن يعلم بنا أحد، لكن مع حلول الظلام تسلطت علينا أضواء قوية، حيث أتى خفر السواحل التركي واقتادونا إلى المخفر أطعمونا وعاملونا بشكل جيد جداً وأطلقوا سراحنا مع حلول الصباح.

ولم تنته الحكاية هنا فلقصص السوريين دائماً بقية، حيث عاد أفراد الرحلة إلى الفندق وهي النقطة التي انطلقوا منها، والتقوا بالمهرب الذي أبلغهم أنه سيرسل لهم "الحجي وهو المسؤول عن العملية"، وعند لقائه أبلغهم أنهم هم الملامون وأبدى استعداده لإعادة النقود، مؤكداً أنه قام في أكثر من مرة بمساعدة أشخاصٍ للوصول إلى أوروبا بالمجان.

أعطاهم "الحجي" قارب جديد وعزلوا عبد الباقي من مهمة القيادة ودربوا شخصاً آخر، وهذه المرة ذهبوا مباشرةً إلى الجزيرة حتى لا يكرروا الخطأ ذاته، لكن هذه المرة أيضاً أوقفهم خفر السواحل اليوناني وأعادهم إلى المياه الإقليمية التركية.

أعادوا الكرة مرة ثالثة وهذه المرة تمكنوا من الوصول إلى جزيرة (ساموس) اليونانية حيث انطلقوا منها إلى أقرب مدينة ثم تفرقوا.

بقي ثائر مع شاب آخر سوري، كان من المفترض أن يعبروا الحدود بسيارات شحنٍ كبيرة محملة بالبضائع، حيث تمركزوا فوق الكراتين يفصلهم عن الهواء شادر، يقتاتون على البسكويت، ومعهم قنينة ماء، أعطاهم السائق سكاكين ليمزقوا بها الشادر في حال كشف البوليس أمرهم، ونبههم أن يقولوا بأنهم صعدوا إلى السيارة دون علم السائق، وفعلاً هذا ما حدث في المرة الأولى حيث كشف البوليس أمرهم، وتم احتجازهم لمدة يومين ثم أطلق سراحم.

حاولوا مرةً ثانية وعندما أوقفهم البوليس وجدوا منفذ بين الكراتين حتى لا يكشف أمرهم، ونجحوا في العبور إلى إيطاليا بسلام بعد رحلةٍ امتدت لأكثر من 36 ساعة.

وبعد وصولهم إلى إيطاليا ساعدهم شخص لقطع التذاكر إلى السويد.

وعمل ثائر على استكمال إجراءات لمّ شمل عائلته بعد أن انتهت فترة إقامته "بالكامب" واستطاع استئجار منزل.

 

ترك تعليق

التعليق