نقابي سابق يكشف لـ"اقتصاد" قصة الانقلاب على أول اتحاد للفلاحين الأحرار

روى نقابي سوري في مجال التنظيم الفلاحي، انشق منذ بداية الثورة، كيف أخفقت فكرة تشكيل أول اتحاد عام للفلاحين الأحرار بتدخل من "أدعياء" قاموا بتشكيل اتحاد بديل يخلو من الأسس النقابية أو النظام الداخلي المتبع لدى تأسيس أي كيان نقابي، أو اتحاد تنظيمي في دول العالم.

وكشف النقابي الحر الذي -فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة- لـ"اقتصاد"، كيف تلاعبت أيد خفية بالتعاون مع بعض أعضاء الائتلاف الوطني في تكريس اتحاد موهوم، ومدّه بالتمويل المادي، تمريراً للمنفعة المتبادلة على حساب الزراعة السورية التي وصلت إلى حالة مزرية في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلاح السوري.

حول فكرة إنشاء اتحاد عام للفلاحين الأحرار وقصة إخفاقه يقول النقابي السابق لـ"اقتصاد": "في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المزارعون السوريون في الداخل فكرت مع عدد من زملائي في التنظيم الفلاحي بمشروع لتشكيل اتحاد عام للفلاحين الأحرار على مستوى سوريا يمثل كل المحافظات". ويردف: "قمت بترشيح شخص يدعى (هـ. د)، كان عضواً في مجلس اتحاد عام الفلاحين في الدورة 2011 في سوريا".

ويضيف النقابي السابق: "اعتمدنا في تشكيل هذا الاتحاد على أسس معينة، ومنها أن يكون العضو ذا نفس ثوري، وأن يكون مهنياً ذا سمعة جيدة، وله تأثير وحضور في منطقته أو بلدته، للاعتماد عليه في الداخل".

تواصل أعضاء "اتحاد الفلاحين الأحرار" الوليد مع كافة المحافظات السورية من خلال القادة العسكريين والمجالس المحلية، وبدؤوا التحضير لعقد مؤتمر تأسيسي في "غازي عينتاب". ولدى الذهاب إلى اسطنبول لشرح فكرة المشروع على أعضاء الائتلاف الوطني بدأت خيوط التآمر على هذا المشروع.

ويشرح النقابي السابق قصة ما جرى آنذاك قائلاً: "في مقر الائتلاف التقى (هـ. د) بأحد أصدقائه، وهو عضو في الائتلاف يدعى (ع . ر) وأصبحا يعملان بالخفاء لتقويض فكرة الاتحاد، وإنشاء اتحاد بديل تكون مقاليده في أيديهما، وحينها رفض (هـ. د) إقامة مؤتمر تأسيسي للاتحاد، متذرعاً بأننا في ثورة، والمطلوب تشكيل اتحاد "بمن حضر"، وعدم إشراك المحافظات الأخرى فيه".

 ويضيف محدثنا: "رفضت هذا الأمر، وقلت له إما أن نعمل على تشكيل الاتحاد بشكل سليم وصحيح، ويتم عقد مؤتمر تأسيسي، وإلا من الأفضل إلغاء الفكرة من أساسها".

ويردف محدثنا: "قام (هـ. د) بالتواطؤ مع صديقه في الائتلاف وبعض الأشخاص بعقد مؤتمر في "الريحانية" لم يحضره سوى 35 شخصاً معظمهم من ريف إدلب، ونصّب نفسه رئيساً للإتحاد، بعد تلقيه دعماً من "الائتلاف الوطني" تمكن من خلاله من استئجار مكتب، وتغطية نفقاته، وتكاليف المؤتمر بدعم من (ع. ر) عضو الائتلاف الذي تربطه به علاقة شخصية، وجرى كل ذلك بسرية تامة دون أن يكون هناك نظام داخلي، أو تحضير للمؤتمر، أو تمثيل مناطقي كما جرت العادة".

* تبرير غريب

والأدهى من ذلك -كما يقول صاحب فكرة الاتحاد العام للفلاحين الأحرار- أنه بعد أن تحدث في اليوم التالي مع رئيس الائتلاف ومع الأعضاء والوزراء الذين حضروا المؤتمر فوجئ بتبرير غريب من نوعه، إذ قالوا له بأنهم حضروا لاعتقادهم أنه "مؤتمر نظامي" وقبل انتهاء المؤتمر قام المدعو (هـ. د)، بتنصيب نفسه رئيساً للاتحاد دون انتخاب أو هيئة تأسيسية، وأقام للحضور وليمة غداء، وبعض الحضور لم يعرفوا لماذا هم موجودون أصلاً.

وكشف النقابي أن 35 عضواً من أعضاء المؤتمر المزعوم كانوا من إدلب من أصل 39 هم كامل الأعضاء الذين توزعوا على محافظات حمص وحماة والرقة وحلب وهذا الشيء لا يليق باتحاد ينبغي أن يضم كل المحافظات السورية دون استثناء.

وضعَ النقابي السابق أعضاء الائتلاف بصورة الأمر وأن المؤتمر والاتحاد باطلان وغير قانونيين، وفيهما إساءة للائتلاف قبل أي جهة أخرى، دون أن يحركوا ساكناً. وحول ذلك يقول: "ذكرت لهم أن الاتحاد غير شرعي من الناحية القانونية وبحسب الأعراف النقابية، فالاتحاد يحتاج إلى نظام داخلي، ومؤتمر تأسيسي، وهيئة عامة وأسس يتم مناقشتها كما يناقش النظام الداخلي قبل إقراره، ويتم ترشيح أعضاء للمكتب من كل محافظة بمعدل ثلاثة أشخاص، وبعد تشكيل المجلس يشكل المكتب ثم يُسمى رئيس الاتحاد بطريقة انتخابية".

وتابع النقابي السابق: "أوضحت لهم أن هذا نظام عام يحكم عمل كل مؤسسات العالم وليس خاصاً بما كان متبعاً في النقابات والهيئات والاتحادات السورية في ظل نظام الأسد، وأن هذا النظام يعني مجموعة المفاهيم التي تحكم العمل، وليس لها علاقة بسلطة ما. ولكن هذا الكلام لم يجد نفعاً فاستمروا في تزويرهم وقفزهم فوق القوانين المعهودة".

ويروي صاحب فكرة الاتحاد المسروق إنه قابل عضو الائتلاف (ع. ر) الذي كان له دور في تكريس الاتحاد المزيف، فتظاهر بأن هذا الأمر لا يجوز، وأن تشكيل الاتحاد باطل، ووعد بأن يأتي لتصحيح الأمور ولكنه أصبح يسوّف ويماطل لتمييع الموضوع وإبقاء الحال على ما هو عليه.

وحول تجاوزات (هـ. د) الذي نصّب نفسه رئيساً للاتحاد العام للفلاحين الأحرار يؤكد محدثنا أن المذكور وبعد انعقاد المؤتمر الموهوم "أصبح يتحكم بأمور الصرف وقبض رواتب الموظفين لديه من الائتلاف الوطني، ولم يعط أحداً أي مبلغ منها، وكذلك إعانات للفلاحين التي كان يستلمها ويحتفظ بها دون ضوابط أو قيود أو حتى وجود أمين للصندوق المالي كما هي العادة، وادعى على صفحة الاتحاد المزعوم أنه قام بإدخال سماد إلى الداخل السوري بسعر مدعوم عن طريق وزارة الزراعة في الحكومة المؤقتة، وأنه تم توزيعها في ريف سراقب رغم أن المزارعين هناك ولدى الاتصال بهم أنكروا تلقي أي كمية من السماد".

*انقلاب على الإنقلاب

ويضيف محدثنا أن السحر انقلب على الساحر في هذه المهزلة فبتاريخ 14/ 9/ 2014، قام أعضاء الاتحاد المزيف بكسر باب مكتب الاتحاد، وتغيير القفل وعقدوا اجتماعاً في مقر الاتحاد وكتبوا محضراً ذكروا فيه حيثيات ما جرى وأنه نتيجة الفساد الذي مارسه رئيس الاتحاد، ومنها اختلاس رواتب الأعضاء ونفقات كانت تأتي للاتحاد لم يُصرف منها شيء، ولم يكن يطلع أحداً عليها ويتصرف بها بشكل شخصي.

وزوّد النقابي السابق "اقتصاد" بصورة عن محضر اجتماع أعضاء الاتحاد العام لفلاحي الثورة السورية الذي عقد بتاريخ الأحد في 14/ 9/ 2014 وجاء في الإجتماع المذكور: "إقرار أعضاء الاتحاد على بيان مكتب الرقابة والتفتيش والمتضمن إدانة رئيس اتحاد عام فلاحي الثورة السورية (هـ. د) بالاختلاس المالي لرواتب رؤساء ومكاتب الاتحاد، وعدم صرفها لهم والتي قُدمت لهم من منتدى الأعمال برئاسة السيد "غسان هيتو" مع الاستمرار في الاحتكار لأي مبلغ قدم لهم كرواتب لأي جهة في الاتحاد مما يثبت إقدامه مع الإصرار على الاختلاس وإخفاء المال المقدم للاتحاد، وتم في الاجتماع المذكور اتهام رئيس الإتحاد السابق بقيامه منفرداً وبعيداً عن علم واطلاع أعضاء الاتحاد باستلام أسمدة كيماوية عن طريق وزارة الزراعة في الحكومة المؤقتة، وتحويلها إلى الداخل السوري، وبيعها في السوق السوداء، وقبض فوائدها الربحية له شخصياً، وعدم اطلاع المكتب المختصن مكتب الزراعة والإنتاج، حيث كُشفت هذه الصفقة عن طريق الحكومة المؤقتة بعد نشرها على صفحاتها الإعلامية".

وتم في الاجتماع تعيين بديل عن الرئيس المعزول ووافق الحضور البالغ عددهم أكثر من ثلثي أعضاء الاتحاد على اختيار السيد "جاسم العواد" رئيساً للاتحاد.

ونظراً لصعوبة التواصل مع كل من (هـ .د) الذي فرّ من تركيا بعد انكشاف المستور و(ع. ر) الذي كان شريكاً فيما جرى -حسب محدثنا- لذلك تترك "اقتصاد" الباب مفتوحاً لأي تصويب أو رد على التقرير من أي جهة ذات علاقة بالمعلومات الواردة فيه.

ترك تعليق

التعليق