الحكومة تأخذ من المواطن بليبرالية وتعطيه باشتراكية

بات حديث الغلاء وارتفاع الأسعار شغل السوريين الشاغل، في ظل استمرار النظام بسياساته القائمة على ليبرالية الأسعار، مع ثبات الدخل، ما سيدفع أكثر من 90 % من السوريين إلى خط الفقر مع بداية العام 2015.

معظم السوريين اليوم يعيشون على راتبٍ لا يتجاوز 100 دولار شهرياً، لا تكفيهم لتأمين حاجات الغذاء التي تصل حصته من سلة المستهلك، 40 %، وتتشعب الاحتياجات لتصل إلى الاتصالات والنقل والسكن والطاقة، ولكل واحدة من هذه العناصر ميزانية خاصة في ظل التهاب الأسعار.

وارتفاع الأسعار الأخير في الأسواق السورية سواء للسلع أو الخدمات أتى نتيجةً حتمية لقرارات رفع أسعار حوامل الطاقة على الصناعيين والتجار.

وغالباً ما يقارن النظام بين الأسعار العالمية للسلع وسعرها المحلي، وهنا يرد عليه الخبراء بأن يعطي المواطن راتباً عالمياً ومن ثم يطالبه بدفع القيمة الحقيقية للسلعة.

وفي بعض الأحيان يكون السعر العالمي أقل من السعر العالمي، كما حدث مع البينزين الذي انخفضت أسعاره عالمياً ليكون سعره على دولار 190 ليرة هو 107.5 ليرة لليتر في حين يتم احتسابه محلياً 140 ليرة.

ويعتقد خبير اقتصادي، فضل عدم ذكر اسمه، أن حصول المواطن على قيمة عادلة للدخل في ظل معدلات التضخم غير المسبوقة، فالحل الوحيد هو ربط الرواتب والأجور بمعدلات التضخم، فهذا الخيار على علاته هو الوحيد الكفيل بإعطاء المواطن الدخل الكافي لتأمين احتياجاته المعيشية، هذا في حال كان لدى النظام النية في تحسين مستويات المعيشة، وهي الشرط الأساسي لأي توجه ليبرالي، حيث لا يمكن رفع الأسعار واستمرار مقارنتها بالأسعار العالمية وإبقاء الدخل على حاله من منطق الاشتراكية.

ويضيف الخبير أن النظام يطبق الاشتراكية والليبرالية العرجاء حيث يأخذ من كل منهج اقتصادي ما يتناسب مع مصالحه، فيُبقي الرواتب المنخفضة، ويرفع الأسعار وتنسحب الدولة من دورها في الدعم بحجة أنه يشوه الاقتصاد وهي قاعدة ليبرالية.

وإذا كانت حاجة الفرد الغذائية هي 2250 حريرة يومياً، وفق التقديرات الدولية ففي سوريا من لا يقدر على تحصيل هذه الحاجة، فهناك من يموت جوعاً، ويعتقد الخبير الاقتصادي أنها سياسات اقتصادية مقصودة من قبل النظام لإفقار الناس أكثر وزيادة نقمتهم على الثورة.

ويعارض خبير اقتصادي آخر، فكرة ربط الدخول بمعدلات التضخم، ويعلل ذلك أولاً بأن هذا سيعني ربط معدلات النمو أيضاً بالتضخم وفي الاقتصاد السوري مشكلات هيكلية لا تساعده على ذلك، علاوةً على أن مثل هذه السياسات يمكن أن تلجأ إليها الحكومات –كما فعلت تركيا على سبيل المثال- عندما تكون معدلات التضخم مكونة من رقمٍ واحد، أي لم تصل حتى إلى 10%، وفي الحالة السورية نحن نتحدث عن معدل تضخم تجاوز الـ 400 % في أحسن الحالات.

ويعتبر الخبير أنه ولو افترضنا جدلاً أنه أمر قابل للتطبيق فإنه لن يحل المشكلة على اعتبار أنه إجراء سيكون خاص بالموظفين وأصحاب الرواتب وهم لا يتجاوزوا في القطاعين 5 مليون شخص.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن المواطن في سوريا لا أمل لديه فزيادة الأسعار مستمرة بشكلٍ ممنهج من قبل النظام، ولا يوجد إمكانية لزيادة الرواتب، خاصة في ظل تراجع موارد الخزينة، واستمرار الآلة العسكرية.

ترك تعليق

التعليق