التهريب إلى أوروبا مافيات دولية أم مجرد مصادفات؟!

إن أي شخص يريد أن يقوم برحلة المجهول لأوروبا يبدأ من المعارف والأصدقاء الذين خبروها لينتقل بعدها إلى مواقع التواصل الإجتماعي والصفحات الإلكترونية ليجد أن الشبكة العنكبوتية مليئة بأرقام وأسماء المهربين غير الخافية على أحد.

سيقتصر حديثي هنا على طريق الجزائر*، فبعد تقصٍّ مطوّل عنه استطعت أن أستشف بعض الأمور.

لنبدأ أولاً بطريقة دخول المواطن السوري للجزائر فهي تحتاج لحيازة الشخص 4000 $ وحجز فندقي لمدة 15 يوماً بالحد الأدنى والذي يكون غالباً وهميا حتى أن أحد السوريين تدبره من شركة الخطوط الجزائرية ببيروت عن طريق أحد موظفيهم مقابل مبلغ 165$.

بدخول مطار الجزائر فالمشهد مختلف حيث يقوم عناصر المطار بالتأكد من المبلغ النقدي والحجز الفندقي ولا تخفى عن السوريين ضحكاتهم وغمزاتهم لأنهم يعلمون حقيقة سبب قدوم السوريين للجزائر.

وأمام أرباح المهربين العالية هل يعقل أن لا يوجد بخط الجزائر سوى شخصين هما محمد الصالح ووليد، يقومان بعمليات التهريب، ألم يحاول أحد أن يزاحمهما!

لكي تقابل هؤلاء المهربين عليك الذهاب لمنطقة تدعى وادي سوف ولكي تصلها عليك أن تأخذ رحلة تستغرق 9 ساعات عن طريق شركة نقل محلية تسير يومياً رحلتين لهذه المنطقة، واللافت للنظر أن بعض تلك الرحلات انطلقت ولا يوجد بها أكثر من سبعة ركاب!!

كما أن هذه الرحلات تمر بحواجز للشرطة الجزائرية ولم يقم أحد بسؤال السوريين عن سبب تواجدهم بتلك المناطق الحدودية وبعض الرحلات تم إيقافها من قبل أشخاص تابعين للمهرب وليد وإنزال السوريين على مرأى الجميع إلى سيارات تابعة للمهرب؟!

ويشرح الكثير من السوريين أن البولمانات المستخدمة من قبل هذه الشركة والبولمانات المستخدمة من قبل المهربين للنقل لمنطقة الدبداب هي نفسها، حيث تعرفوا عليها من نوعيتها وشكل المفارش وألوانها، ويقول البعض إن السائقين هم أنفسهم!

هذا في طريق الجزائر أما في ليبيا بسبب الانفلات الأمني هناك العديد من المهربين والسماسرة، لكن بالنهاية كلهم يتواصلون عند تسيير الرحلات، حيث تتم عمليات شراء وبيع للناس فيما بينهم، لإكمال العدد المطلوب للرحلة!

ويقول الكثير من ضحايا التهريب أنهم مروا على الحدود الجزائرية الليبية سيراً على الأقدام وبمجموعات كبيرة تلفت النظر دون أن يوقفهم أحد، وبعد الركوب بالسيارات الليبية مرو أمام الميلشيات والكتائب التابعة للحكومة الليبية دون أي إجراء؟!

ويروي مجموعة من السوريين أنه تم إلقاء القبض عليهم وكان عددهم حوالي 65 شخصاً وتم وضعهم في مركز حدودي تابع للحكومة الليبية بضعة أيام، واعتقدوا أن أمرهم انتهى وأنه سيجري إعادتهم ليكتشفوا فيما بعد أنهم وقعوا ضحية لابتزاز هؤلاء العناصر حيث تم الافراج عنهم مقابل 500$ عن كل شخص.

أما بالنسبة لمهربي ليبيا فإنهم يزودون ضحاياهم بهواتف ثريا وأرقام خفر السواحل الإيطالي والصليب الأحمر ويرشدوهم لتوقيت الاتصال بهؤلاء، والمواقع التي يجب أن يلتقوا فيها بالبارجة الإيطالية لتتم عملية سحبهم وإنقاذهم.

وهنا نلاحظ تواطؤ الجانب الإيطالي، فلو أراد الأوروبيون إغلاق الطريق لسيّروا رحلات بالمياه الإقليمية الليبية تقوم بإعادة قوارب المهاجرين للشاطئ الليبي، لكنهم عمدوا إلى حمل هؤلاء للشاطئ الإيطالي مما يعني تشجيع للظاهرة. ولو لم تقم البارجة الإيطالية بسحب المهاجرين من البحر لغرقت معظم القوارب المتهالكة ولأُغلق الطريق حتماً. لكن لسبب ما لا أحد يريد إغلاقه؟!

وعند الدخول لإيطاليا لا يقوم الإيطاليون بالسؤال عن جوازات سفر أو هويات أو أية وثيقة، وإنما يقومون بتسجيل الأشخاص بناء على المعلومات المعطاة من قبلهم، والتي غالباً ما تكون مزورة.

حتى ما يشاع عن تبصيم المهاجرين في إيطاليا هو أمر نادر يحدث كل فترة مع سيئي الحظ ليقوم الإيطاليون برفع الشبهات عن أنفسهم من خلال هذه الحركة.

حتى أن مسؤولي الكامب الإيطالي يُوحون للسوريين بالهرب بالإشارات، وبعض منهم قالها لهم صراحة، وإذا سألت أي مهاجر عَبَر إيطاليا سيقول لك إنه مرّ من أمام رجال البوليس الإيطالي دون أي إزعاج، حتى أنه عند دخولك لمحطة قطارات ميلانو تعتقد نفسك أنك في دولة عربية لكثرة العرب والسوريين هناك، وبالأصح محطة ميلانو هي سوق كبير لسماسرة التهريب عبر أوروبا وكل ذلك أمام أعين الحكومة الايطالية.

ومن القصص الطريفة أن مجموعة من السوريين تم إمساكهم بالقطارات من قبل رجال الشرطة الفرنسية وبعد تبصيمهم جنائياً وإعادتهم لمخفر الحدود الإيطالي، قام الشرطي الإيطالي بإعادة أوراقهم وإرشادهم لكيفية العودة لمحطة ميلانو، قائلاً لهم إنه ينبغي عليهم إيجاد وسيلة أخرى للهرب لأن هذه الطريقة لن تجدي.

هذا كله غيض من فيض، ولو أردنا أن نستطرد لما انتهينا من الموضوع.

لكن كل تلك التلميحات تعيدنا لعنوان المقال...التهريب لأوروبا: مافيات دولية .. أم مجرد مصادفات؟!!


• تنويه: كُتب هذا المقال قبل قرار وزارة الخارجية الجزائرية الأخير بفرض تأشيرة دخول على السوريين الراغبين بدخول الجزائر.

ترك تعليق

التعليق

  • Visa
    2015-03-01
    مرحبا اخوتي هناك ثلاث دول في البحر الكاريبي تسمح للسوريين بدخول اراضيها بلا فيزا وهي هايتي,جزيرة دومينيكا وجزيرة توركس و كايكوس مع الشكر [email protected]