من السويد إلى فرنسا...البصمة تحرف مسار رحلة آخر العمر

لا تعرف أم وليد كيف ستصل وزوجها الثمانيني إلى أولادها في السويد، فالسيدة السبعينية خرجت من سوريا ولا علم لها باتفاقية "دبلن" الحاكمة للعلاقات الأوروبية، أعادوها من السويد لتقضي آخر أيام حياتها هي وزوجها بعيدةً عن أولادها لأنها بصمت في السفارة الفرنسية في بيروت.

تقول أم وليد: خرجت من الحسكة وكنا قد بعنا كل ما نملكه حتى نصل إلى أولادنا الثلاثة في السويد، كان بإمكاننا انتظار كرت زيارة منهم لكن الإجراءات ستأخذ وقتاً، وبدأنا نخاف على أنفسنا، بتنا نريد الخروج والوصول إليهم بأي ثمن.

وتضيف أم وليد أن أبناءها أرسلوا إليهم رقم أحد المهربين، ليخرجوا من لبنان إلى تركيا ومنها سينتقلون بجوازات سفر مزورة إلى السويد، لكنهم قبل ذلك كانوا قد أجروا محاولة للحصول على فيزا سياحية إلى فرنسا، حيث قدموا الطلب في السفارة الفرنسية في بيروت وبصموا هناك، ولم يكونوا على علمٍ بحصولهم على الموافقة، حين اتفقوا مع المهرب الذي وعدهم بإيصالهم إلى السويد.

وتتابع "ثمن الرحلة كان مكلفا جداً حيث دفعنا عن كل شخص 12 ألف دولار، انتقلنا من لبنان إلى تركيا، وهناك كان المهرب قد استطاع أن يؤمن لنا جوازات سفر لأشخاصٍ أوروبيين حيث حرص أن يكون هناك شبه بيننا وبينهم، وحذرنا المهرب أن لا نذكر اسمه في حال كشف أمرنا لأنهم سيعتقلوننا لساعات من ثم سيطلقون سراحنا".

وتكمل أم وليد: "كان حظنا جيدا حيث استطعنا الوصول إلى السويد دون أي مشكلة تذكر، وسلمنا أنفسنا للبوليس هناك الذي وضعنا في أحد التجمعات السكنية".

وتقول السيدة: "أمضينا في السويد ما يقارب سبعة أشهر وأجرينا عدداً من المقابلات والفحوصات الطبية، واهتموا لأمر زوجي لأنه يقوم بغسيل الكليتين بشكلٍ متواصل، لكن في اللقاء الأخير أخبرونا أن وجود أبنائنا هنا لا يمنحنا حق البقاء، لأن اتفاقية دبلن التي تنظم علاقة الدول الأوروبية لا تسمح لنا بالحصول على اللجوء في أي دولةٍ أوروبية غير فرنسا لأننا بصمنا هناك، لذلك هم مضطرون لترحيلنا، وفعلاً أعادونا إلى فرنسا".

وصلت أم وليد وزوجها إلى فرنسا منذ حوالي السبعة أشهر تنقلت خلالها بين ثلاث مدن واستقرت أخيراً في واحدة تبعد عن باريس حوالي ثلاث ساعات، وفي البداية عانت وزوجها كغالبية القادمين عبر التهريب من إجراءاتٍ طويلة ومعقدة، ليس من السهل عليهما إنهاءها، ففرنسا كما يعرف عنها بلد الأوراق، حسب ما تقول أم وليد التي تشير إلى أن السن له حق، وأنا وزوجي ننسى كثيراً، ولولا مساعدة جهة رسمية هنا في فرنسا تدعى "كادا" وهي المسؤولة عن كل طالبي اللجوء إلى جانب مساعدة إحدى العائلات السورية التي تقطن إلى جانبنا في السكن الاجتماعي كان الوضع سيكون أسوأ بالنسبة لنا.

وتضيف أم وليد "في البداية استمرينا لمدة شهر ونصف تقريباً في المجمع السكني لحين استطعنا مقابلة "الأوفبرا" وهي الجهة المعنية في منح اللجوء، حيث لا يمكن الحصول على الإقامة دون مقابلتها، وخلال المقابلة طلبنا منهم مساعدتنا في الوصول إلى أولادنا لكنهم أكدوا لنا أن الأمر غير ممكن".

أبو وليد من جانبه يرى أن فرنسا أجمل من السويد بكثير واللجوء فيها يناسبه أكثر، كما أنه يشير إلى العناية الطبية، فكل يومين تأتي سيارة تابعة للكادا، وتنقله إلى المستشفى لغسيل الكليتين، وهنا يقول أبو وليد "في كل أوروبا عليك أن تدفع للمستشفى ومن ثم يأتي الضمان ويسدد لك قيمة الفاتورة، أما في فرنسا فالضمان الذي حصلنا عليه منذ حصولنا على الإقامة المؤقتة يخولنا أن نتعالج دون أن ندفع أي يورو".

ورغم الوحشة التي يعانيان منها كونهما وحيدين في أواخر حياتهما، إلا أن "أبو وليد" على عكس زوجته يعتقد أن هذا ما يريده أن ينهي حياته بسلام، ويكفي أن يعرف أن أولاده بخير، ويقول: "أنا هنا مرتاح رجعت عريس أنا وهالختيارة، ببلد حلو وأنيق".

ترك تعليق

التعليق