كيف يواجه أثرياء سوريا القيود على السفر حول العالم؟

باتت قيود السفر على السوريين كثيرة. فمعظم دول العالم لا تمنحهم تأشيرات لزيارتها إلا في حالات خاصة. لكن ذلك لا ينطبق على أثرياء سوريا، إذ يمكن لهذه الطبقة أن تجد طرقاً عدة للسفر دون قيود حول العالم.

في تقرير مثير للاهتمام، استعرضت صحيفة "السفير" اللبنانية أبرز الوجهات والطرق التي استخدمها أثرياء سوريا للحصول على وثائق سفر تسمح لهم بالانتقال حول العالم دون قيود، سواء للعمل أو لتهيئة ملاذات آمنة لهم ولأسرهم.

إحدى أبرز الوجهات في هذا السياق، دولة في الكاريبي، "سين كيتس أند نيفي"، وهي جزيرة في أميركا الشمالية بمساحة تقارب 100 ألف كيلومتر مربع، وبعدد سكان لا يتجاوز 13 ألف شخص، منحت الراغبين في حرية تنقل أكبر، والهاربين من أزمات بلادهم أو القوانين أحيانا، فرصة الحصول على وثيقة سفرها، التي تسمح بالدخول إلى غالبية الدول، عدا الولايات المتحدة، لكن من دون أن يكون الحصول على فيزا أميركية صعباً هو الآخر.

هذه الوجهة محصورة بالقادرين على دفع مبالغ كبيرة، تتراوح بين 250 ألفاً إلى 400 ألف دولار، كمعبر للحصول على الجنسية وجواز السفر.

ويستهدف القانون الذي ابتدعته أصغر دولة معترف بها في محيط أميركا الشمالية، تنشيط الحركة الاقتصادية في الجزيرة، وتعويمها كملجأ للمستثمرين، وهؤلاء بدورهم، ولا سيما السوريين منهم، يحتاجون إلى هوية جديدة لا تثير ريبة موظفي الهجرة والجوازات في العالم.

وعلى الراغب بهذه الوجهة أن يشتري قطعة أرض بمبلغ 400 ألف دولار، يمكنه بيعها بعد أربع سنوات، وبموجبها يحصل على وثيقة سفر صالحة لعشر سنوات، أو "التبرع" بمبلغ 250 ألف دولار للشخص الواحد مقابل الوثيقة، على أن يصاحبها 50 ألف دولار إضافي لكل فرد من أفراد العائلة الآخرين، مع الإشارة إلى أن أتعاب وكلفة المعاملة التي تستغرق عدة أسابيع تبلغ 50 ألفا هي الأخرى.

ووفرت هذه الدولة الصغيرة للسوريين الأثرياء فرصة أقل كلفة من باقي الدول، فعلى سبيل المثال وجدت اسبانيا فرصة لاجتذاب الراغبين في الحصول على إقامات أوروبية، باشتراع قانون ينص على منحها بشكل دائم لكل فرد يشتري عقاراً بنصف مليون يورو. وكان من بين من تقدم لهذه الفرصة بعض السوريين من الأثرياء جداً، إضافة إلى رجال أعمال صينيين وروس وبعض العرب . وتمنح الإقامة الدائمة الاسبانية صاحبها فرصة العمل الدائم، كما حرية التنقل في أوروبا، لكنها لا تسمح له بالتقدم إلى الجنسية أو الحصول على ضمان صحي. وتعكف دول أوروبية أخرى تعاني ضائقة اقتصادية إلى استثمار أمر مشابه، ويجتهد قانونيون في معرفة «نوعية الزبائن» التي يمكنها الاستفادة منه.

سمحت هذه الإجراءات بتعدي احتكار دولة الإمارات لهذه القضية، علما بأن الحصول على إقامة عمل في دولة الإمارات كان يكلف بحدود 20 ألف دولار في بداية الأزمة السورية. ومشكلة الأخيرة أنها لا توفر لحاملها حرية التنقل في العالم، ولا تفتح آفاقا أجنبية له، كما لا يستطيع صاحبها أن يحلم يوما بحقوق المواطن الإماراتي.

وفي السياق ذاته، تحدثت الصحيفة اللبنانية عن تجربة لسوري حصل على جنسية أمريكية لاتينية منذ فترة، بعد أن بحث في صندوق بريد والده ليصل إلى أحد أجداده ممن حملوا الجنسية الأرجنتينية كي يبدأ رحلة الحصول على "تركته" منها. ويقول إن "المعاملة اختلفت طبعا، حين يبرز جواز سفره الأجنبي أمام موظف الجوازات في الخليج. فنحن قبل ذلك لم يكن ممكنا أن ندخل الإمارات أو باقي دول الخليج بجواز سفرنا السوري من دون توسط أحد النافذين".

لكن حكومات البرازيل والأرجنتين، التي يقدر عدد مواطنيها السوريي الأصل بالملايين، انتبهت مؤخرا للعبء الذي يمكن أن تؤدي إليه هذه الظاهرة، فبدأت بتعقيد إجراءات الحصول على تأشيرة دخول في وجه السوريين، قبل كل شيء.

ومنذ بدء الثورة السورية، وتدهور الوضع الأمني في البلاد، غادرها الكثير من رجال الأعمال والأثرياء. أقام بعضهم في دول الجوار، وأسس مشاريع له هناك، فيما انتقل آخرون إلى دول الخليج بناء على ملاءاتهم المالية وعلاقاتهم الشخصية التي سمحت لهم بذلك.

ترك تعليق

التعليق