هل ستنتعش أسعار النفط في العام الجديد؟

 يبدو أن هناك إجماعاً على نطاق واسع، بأن أسعار النفط سترتفع إلى 100 دولار أو ما يقرب من ذلك، بحلول عام 2020. بينما يبدو أن تحديد أسعار العام المقبل أكثر غموضاً.

ويعتقد بعض الخبراء، مثل: "تي بون بيكنز" أن انخفاض الأسعار الآن، سيؤدي على نحو شبه مؤكد إلى ارتفاع الأسعار في المستقبل القريب، إذ ستنخفض الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط، وسيشهد إنتاج النفط الصخري بشكل خاص نمواً أبطأ.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن توفر أسعار النفط المنخفضة قوة دفع للاقتصاد العالمي، وأن ترفع الطلب حتى لو كان قليلاً.

لكن يبدو أن هؤلاء الخبراء يبالغون بشأن توقعاتهم لانتعاش الأسعار؛ فمن المثير للعجب أن يتم أعتبار السعر الحالي، الأعلى بكثير من المعيار التاريخي، منخفضاً. ولسبب ما، يعتقد منتجو السلع الأساسية أنه ينبغي اعتبار أعلى سعر حصلوا عليه على الإطلاق طبيعياً.

ويجدر بالذكر أن أسعار النفط نادراً ما كانت تصل إلى أعلى من 100 دولار للبرميل، إلا أن الأسعار وصلت إلى هذا المستوى خلال 24 شهراً فقط، منذ 150 سنة من استهلاك النفط. لكن هناك العديد من الخبراء يتصرفون كما لو كانت هذه الأسعار هي ضمن مستوها "الطبيعي".

وليس من المتوقع أن يتحسن الاستقرار في السوق خلال العام المقبل، عن مستوياته هذا العام، بل من المرجح أن تسوء الأمور وتتفاقم أكثر مما هي عليه الآن. كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض الطلب على النفط الذي تنتجه الدول الأعضاء في منظمة أوبك للعام المقبل بـ400 ألف برميل، ويصاحبه زيادة متوقعة في الإنتاج بنحو 500 ألف برميل من العراق، مما يؤشر على أن أعضاء أوبك عملوا على خفض الإنتاج بنسبة مليون برميل يومياً. ومن المؤكد أيضاً أن ضعف النمو في إنتاج الصخر الزيتي في أميركا ونمو الطلب بسبب انخفاض الأسعار، قد يؤدي إلى قيام أوبك بخفض الإنتاج بنسبة 500 ألف برميل يومياً، ومع ذلك من المرجح ألا تتأثر السوق كثيراً بهذا الأمر.

وبعبارة أخرى، فإن أفضل ما تأمله منظمة أوبك هو ثبات الوضع الراهن، وألا يتعرض أحد من الأعضاء لأي ضغوطات بسبب خفض الإنتاج. وفي أسوأ الحالات، قد يسحب ما يقرب من مليون برميل من الإنتاج النفطي، وهذا الأمر وإن بدا صعباً إلا أنه ليس مستحيلاً.

لكن كل هذا يرتبط بأشياء عدة لا يمكن التنبؤ بها، مثل: إمكانية قيام أعضاء "أوبك " الآخرين بخفض أو رفع إنتاجهم. كما تبدو الأمور غامضة في كل من ليبيا ونيجيريا بسبب الاضطرابات الداخلية التي تقلل الإنتاج بكميات طفيفة. فضلاً عن فنزويلا التي لا تزال تعاني من انخفاض مستمر في الإنتاج، لكنه تدريجي على أي حال. كما يمكن أن تتلقى إيران رغبة هندية متصاعدة في شراء النفط الإيراني، لكن بلا ضمانات.

إذن، ما الذي يجعل التجار يعتقدون أن أسعار النفط ستنتعش ليستثمروا في السوق؟ في الغالب، إن ذلك يعود أولاً إلى عدم الاستقرار السياسي في مُنتجين رئيسين (ليبيا وفنزويلا) اللذين يؤثران على إمدادات النفط، لكن الانتعاش الاقتصادي الملموس قد يقنعهم بأن زيادة الطلب الصيني ستصبح قوة دافعة في السوق مرة أخرى. وبدلاً من ذلك، فإن حدوث هبوط أكبر من المتوقع في إمدادات الدول من خارج أوبك ،وخاصة النفط المستخرج من الصخر الزيتي الأميركي، يقنع الكثيرين أن سعر 70 دولار للبرميل هو انخفاض لن يستمر طويلاً.

وفي الأحوال جميعها، يظل الاحتمال الأكبر لارتفاع أسعار النفط هو مشكلات الإمداد، سيما في ليبيا بسبب الصراع المسلح، أو فنزويلا بسبب الاضطرابات الداخلية الأخيرة.

ترك تعليق

التعليق