الطاقة للصناعيين في سوريا خارج فلك دعم النظام

رفعت حكومة النظام، بصورة شبه كاملة، يدها عن قطاع الطاقة الخاص بالصناعيين.

فبعد قرار السماح للصناعيين باستيراد المازوت والفيول براً، وافقت حكومة النظام على تأمين مخارج من المحطات ومراكز التحويل للمناطق والتجمعات الصناعية على أن تكون هذه المخارج مستقلة عن كهرباء المناطق المدنية وتعمل خارج برامج التقنين بحيث تتم تغذية المصانع بالكهرباء اللازمة للإنتاج، على أن يتحمل الصناعيون تكاليف هذه المخارج.

وبذلك، تصبح الكهرباء الخاصة بالمنشآت الصناعية، مستقلة عن تلك المخصصة للمناطق المدنية، ويتحمل الصناعيون تكلفتها بالكامل، أي أنها ستخرج من هامش الدعم الحكومي.

نظرياً، يبدو أن هذا القرار يخدم عدالة توزيع الدعم الحكومي للطاقة. لكن هذا الدعم بات شبه معدومٍ مؤخراً، فأسعار المحروقات عالمياً باتت أعلى من نظيرتها محلياً.

وكانت سنين ما قبل الثورة شهدت جدلاً طويلاً حول كيفية توزيع الدعم الحكومي للطاقة بصورة تخدم الفئات محدودة الدخل، دون أن يشمل الأغنياء والصناعيين.

لكن عملياً، يبدو أن تكلفة استيراد المحروقات وتأمين كهرباء خاصة للصناعيين ستُلقى على كاهل أصحاب الدخل المحدود، إذ لم تقم حكومة النظام بأي إجراء مؤثر لضبط أسعار السلع المطروحة في الأسواق، والتي شهدت ارتفاعاً مستمراً منذ بدء الثورة بذرائع عديدة أبرزها ارتفاع سعر الدولار.

اليوم، باتت الذريعة الأمثل للصناعيين كي يبرروا بواسطتها رفع أسعار منتجاتهم المطروحة محلياً، هي ارتفاع تكلفة مدخلات الطاقة في عملية التصنيع.

أما بالنسبة لاستيراد المواد الأولية اللازمة للصناعة، فالصناعيون باتوا مستفيدين من التخفيض الكبير الذي طرأ على الرسوم الجمركية أخيراً.

نظام الأسد يدعم اليوم، وبقوة، قطاع الأغنياء، من صناعيين وتجار. وهو قطاع حظي بدعم النظام خصوصاً في العقد الأخير الذي سبق الثورة، والذي مثّل انقلاباً في توجهات التحالفات الداخلية للنظام، من دعم الفلاحين والعمال وصغار الكسبة في عهد الأسد الأب، والتحالف معهم كطبقات داعمة للنظام، إلى دعم التجار والصناعيين والتحالف معهم في عهد الأسد الابن.

لا يبدو أن نظام الأسد الابن في صدد تغيير هذا التوجه، فبعد أن ارتكز على العنف المفرط كوسيلة لقمع الاحتجاجات السلمية ضده، وتحول المشهد إلى حربٍ مدمرةٍ، لم يعد النظام السوري يخشى، على ما يبدو، من أي حراك مناوئ له في أوساط الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل في المناطق الخاضعة لسيطرته. فهذه الطبقات التي تعيش اليوم أحلك أيامها معيشياً، لن تجرؤ على الخروج في وجه نظامٍ دمر الأخضر واليابس في المناطق الخارجة عن سيطرته، فأعطى درساً لكل من لم يتجرأ عليه، حول مصير من تجرأ وخرج عن سيطرته، فضَمِن استكانة البسطاء من السوريين لمصيرهم في ظله، محافظاً بذلك على مصالحه الوفيرة بالتعاون مع طبقة أثرياء حافظت على الولاء له، في معظمها.

ترك تعليق

التعليق