في عيد الميلاد.. الشجرة تغيب عن أغلب منازل دمشق وركود في الأسواق

أمّ تحاول إقناع طفلتها بأن بابا نويل لن يأتي هذا العام أيضاً حداداً على أطفال سوريا، أما الأخرى فتبعد نظرات ابنها عن واجهات المحال كي لا يطلب منها هدية للعيد، في حين أنَّ هناك من يقف أمام إحدى شجرات الميلاد المعروضة في الطريق مسترجعاً من خلالها ذكريات ماضية كانت تنير فيها شجرة منزله.

 أما بقية الوجوه المارة في أسواق مدينة دمشق فهي شاحبة نظراتها باردة وكأنها تسير في المجهول، حتى شجرة عيد الميلاد غابت عن معظم المنازل، كما غابت الأضواء التي كانت تنير شوارع العاصمة في مثل هذه الأيام من كل عام.

"لم يعد للأعياد أو للفرح معنى في سوريا فها هو العام الثالث يمر ورحى الحرب ما زالت دائرة في مختلف المناطق السورية"، بهذه الكلمات وصف أبو فادي الوضع في مدينة دمشق، مشيراً إلى أن تأمين القوت اليومي للأسرة أو الحصول على اسطوانة غاز وبضع ليترات من المازوت حل مكان فرحة العيد اليوم.

في حين تحسرت أم سركيس على هذه الأيام القاسية، التي يملأ فيها الحزن عيون السوريين، وغابت معها فرحة عيد الميلاد كما غيره من الأعياد، مشيرة إلى أن أغلبية الأسر في مدينة دمشق عكفت هذا العام عن وضع شجرة الميلاد ليس بسبب الأعباء المادية فقط، إنما حزناً على الحال الذي آل إليه الشعب السوري الذي هجر وشرد ويفقد يومياً الآلاف من أبنائه.

في حين رأت رنا بأن حتى الأسر التي أرادت تجاوز ما يجري وحاولت الاحتفال ظاهرياً من أجل أطفالها، فالوضع الحياتي اليومي سيمنعها من ذلك، متسائلة كيف يمكن وضع شجرة لا يمكن إنارة أضوائها مع انقطاع للتيار الكهربائي يتجاوز الـ 16 ساعة في اليوم. وقالت رنا إن العاصمة اليوم ظلماء بأنوارها وبيوتها، وحتى في نظرة الكثير من أبنائها للمستقبل.

أما بالنسبة لوضع الأسواق، فالأسعار تحافظ على وتيرة ارتفاعها سواء بالنسبة لمستلزمات عيد الميلاد أو بالنسبة للألبسة، وهو ما جعل حركة السوق راكدة بالنسبة للبيع، على اعتبار ان ارتفاع سعر الدولار وفقدان قيمة الليرة، لا يتناسب مع رواتب السوريين ودخلهم الشهري الثابت منذ ثلاث سنوات.

وهنا أكد صاحب أحد المحال في سوق باب توما، أن الأسواق في المدينة تعج بالمارة مساء كل يوم، ولكن لا حركة بيع أو شراء، فالناس تتجول في الأسواق هرباً من الظلمة في المنازل وليس للتبضع، مؤكداً أن الضائقة المادية التي تعيشها النسبة الأكبر من الأسر انعكست كساداً في بضائعهم لهذا الموسم.

ولم يخفِ المصدر بأن سعر الدولار وارتفاعه يؤثر على أسعار مختلف السلع، ، مشيراً إلى أن العيد بات له معانٍ أخرى لدى السوريين تتمثل بتأمين متطلبات الحياة اليومية أكثر منه شراء هدية أو ملابس جديدة.

ترك تعليق

التعليق