الحارّة...قصّة منسيّة على وقع العاصفة الثلجية

تعيش مدينة الحارّة بريف درعا الشمالي الغربي أوضاعاً معيشية وإنسانيةً قاسيةً، خصوصاً بعد العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة.


هذه المدينة التي تقع بين عقربا شمالاً، وزمرين شرقاً، ونمر جنوباً، ونبع الصخر غرباً، سيطرت عليها قوات المعارضة قبل أشهر قليلة، وهي تعاني اليوم نقصاً حاداً في الإمكانات، وإهمالاً ملحوظاً في الدعم، بالرغم من أهمية مكانتها وموقعها وتلّها الاستراتيجي "تل الحارّة".


يقول الناشط الإعلامي، "محمد أبو حوران" لـ"اقتصاد": "خلال العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة الأيام الماضية، وصلت سماكة الثلوج التراكمية حتى 70 سم، وأطلق أهالي الحارّة عدة نداءات استغاثة لفتح الطرقات بعد محاصرتهم في المنازل وانقطاع مادتي الطحين والمازوت".


واستطرد الناشط الإعلامي: "أنجز المجلس المحلي في المدينة بالإمكانات المتوفرة بعض الطرقات الرئيسية فقط، لكنه وقف عاجزاً أمام تأمين الوقود لفتح باقي الطرقات، في حين شكل تأمين الطحين والمازوت للأفران معضلة كبيرة، ولم يتمكن المجلس المحلي إلا من تأمين كميات قليلة منها، علماً أن الاحتياجات اليومية للمدينة التي يبلغ تعداد سكانها حالياً 28000 نسمة، هي في كل يوم عمل للأفران 6 طن طحين بسعر 80 ألف ل.س للطن الواحد، و700 ليتر من المازوت بسعر 450 ل.س لليتر الواحد".


وأضاف الناطق باسم تنسيقية مدينة الحارّة: "برودة الجو في المنطقة أدت إلى تشكل الجليد ووقوع حالات من الكسور في أوساط المواطنين وحالة شلل كبيرة تسود الحياة حالياً. وما زاد من سوء الأمور هو أن الطريق إلى النقطة الطبية الوحيدة في المدينة ما يزال مغلقاً بسبب عدم القدرة على فتحه".


ناهيك عما سبق، تعاني مدينة الحارّة أيضاً من ارتفاع في أسعار السلع الأساسية نتيجة الحصار من قبل قوات النظام.


وقد فصّل الناشط "محمد أبو حوران" لـ"اقتصاد" أسعار أبرز المواد الأساسية المُتاحة في المدينة: "ربطة الخبز 175 ل.س إذا استطعنا الحصول عليه من إحدى القرى المجاورة و130 من فرن داخل المدينة إذا استطاع المجلس تأمين مادة الطحين، وكيلو الرز 100 ل.س، والبرغل 125 ل.س، والسكر 110 ل.س، وعلبة السردين 115 ل.س، والطون 165 ل.س، وكيلو البندورة 140 ل.س، وكيلو البطاطا 100 ل.س، وكيلو الليمون 75 ل.س، أما الشاي فنصف كيلو بـ550 ل.س، واللحمة الكيلو بـ 1500 ل.س، والفروج بـ 475 ل.س، وزيت دوار الشمس 1 ليتر 290 ل.س، وزيت زيتون 1 تنكة 9500 ل.س".


ونوّه المصدر أيضاً إلى أن مدينة الحارّة تعاني نقصاً حاداً في مواد المحروقات والغاز التي لا سبيل للحصول عليها سوى التهريب من المناطق المجاورة مثل الصنمين وخان أرنبة، حيث وصلت الأسعار في الأيام الماضية إلى أرقام قياسية فبلغ سعر ليتر البنزين 750 ل.س وسعر ليتر المازوت 450 ل.س وسعر تبديل أسطوانة الغاز 6500 ل.س.


يقول أحد أبناء المدينة، حسب المصدر:"إن تحرير المدن والبلدات الحورانية لا يعني فقط مجرد إخراج قوات النظام منها، وإنما يجب استكمال المسيرة بدعم صمود الأهالي الذين قدموا كثيراً من التضحيات حتى نيل الحرية".


وناشد الناشط الإعلامي كل المنظمات الإنسانية والهيئات الإغاثية بتكثيف دورها الإنساني في هذه المرحلة ليستهدف مدينة الحارّة ومثيلاتها من القرى التي يمكن وصفها بالمنكوبة فعلاً، مشيراً إلى أن دعم صمود الأهالي في وجه البرد والجوع يستحق اهتماماً أكثر وتواصلاً أكبر.


وكانت فصائل من المعارضة المسلحة سيطرت على مدينة الحارّة الاستراتيجية قرب الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، في ريف درعا الغربي، في مطلع تشرين الأول الماضي. وكانت أحراش المنطقة تعدّ من أبرز نقاط إمداد قوات النظام في محافظة درعا. وعاد الكثير من سكان المدينة إليها، بعد تحريرها من سيطرة النظام الذي كان قد شرّد الكثير من أهلها سابقاً.

ترك تعليق

التعليق