الدولار "يصفع" ميالة ويحلق إثر جلسة تدخل تقييدية

رغم الصياغة الواثقة لتصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي، أديب ميالة، حيال أداء إدارته في جلسة التدخل التي عُقدت بدمشق، ظهر اليوم الأحد، إلا أن الدولار أبى إلا أن يُثبت فشل تلك الإدارة، ليحلق مرتفعاً 6 ليرات خلال بضع ساعات فقط.

ولم يكن كافياً أن يعلن المركزي أنه سيضخ 500 مليون دولار أمريكي في سوق الصرف حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، فالأثر النفسي لتدخل المركزي لم يعد فاعلاً، كالسابق، وبات على المصرف أن يتدخل عملياً، وألا يكتفي بالتصريح فقط، خاصة في ظل تأكيدات متعاملين في سوق الصرف أن شركات الصرافة لا تلتزم بتعليمات المركزي الخاصة ببيع الدولار دون ضوابط للراغبين بسعر 215 ليرة.

بكل الأحوال، جاءت قرارات المركزي في جلسة التدخل الأخيرة أكثر تقييداً من سابقاتها. فالمركزي يتوقع أن تمويل جميع العمليات التجارية المرتقبة بسوريا خلال الشهرين القادمين لن يتجاوز الـ 500 مليون دولار أمريكي، مما يعني أنه سيركز على تمويل المستوردات فقط، وأن اتجاهه السابق بتمويل رغبات المواطنين غير التجارية لشراء الدولار، عاد إلى التقييد من جديد.

فالمركزي لم يسمح، كما فعل في الجلسات الثلاثة الأخيرة، لكل مواطن بشراء الدولار، حتى لأغراض غير تجارية، دون ضوابط، ولا حتى نظرياً. فعلى الراغبين بشراء الدولار لأغراض غير تجارية أن يتقدموا بطلباتهم للمركزي ذاته، وليس لشركات أو مكاتب الصرافة، مرفقة بمستندات توضح أسباب طلب الدولار المصنفة، حسب المركزي، في ثلاثة أبواب (دراسة، مرض، أو متطلبات فردية أخرى).

ورغم أن المركزي تعهد بالموافقة "فوراً" على أي مبلغ من القطع الأجنبي، لأي طلب يتم تقديمه للمركزي لأغراض غير تجارية، إلا أن قراره هذا يعتبر نكسةً إلى الوراء، بعد أن كان قد سمح، نظرياً على الأقل، لأي مواطن بالحصول على أي كمية من الدولار من شركات ومكاتب الصرافة، دون ضوابط، وباستخدام الهوية الشخصية فقط.

بالنسبة للتجار، لم يتغير الكثير، نظرياً، بالنسبة لهم، فتمويلهم سيبقى مستمراً بطريقتين: الطلبات المقدمة من المصارف وشركات الصرافة العاملة لتمويل المستوردات، والرصيد المحتجز من قيمة الحوالات الواردة لدى شركات ومكاتب الصرافة والمخصص لتمويل التجار. ومن المفترض وفق الطريقتين المذكورتين، تمويل كل التجار. لكن على أرض الواقع، تشير الكثير من المعطيات إلى أن التجار ما يزالون يلجؤون إلى السوق السوداء لتمويل مستورداتهم.

ويبدو أن سوق الصرف، الحساس للغاية حيال جلسات تدخل المركزي، تفاعل بسرعة مع قرارات المركزي الأخيرة، التي تقيّد بيع الدولار للمواطنين لأغراض غير تجارية، من جديد، ليرتفع سعر الدولار بسرعة كبيرة، في ساعات قليلة تلت انتهاء جلسة التدخل ظهيرة اليوم الأحد، فوصل الدولار بدمشق إلى 230 ليرة شراء، و232 ليرة مبيع.

كما رفعت شركات الصرافة المُرخصة سعر الدولار المُباع لديها، من جديد، إلى 210.90 ليرة شراء، و213 ليرة مبيع.

ويبدو أن الساعات القليلة القادمة ستؤكد فيما إذا كان المركزي قد فقد تماماً، تأثيره في سوق الصرف أم لا.
وبكلمة أخرى، ستُظهر الساعات القليلة القادمة إن كان المركزي سيضخ بالفعل قطعا أجنبيا في السوق، أم لا، وذلك بناء على مصير سعر صرف الدولار الحقيقي في الأفق المنظور.

ترك تعليق

التعليق