ميالة يتوعّد سوق بيروت

يبدو أن أديب ميالة، حاكم مصرف سوريا المركزي، كان يبحث عن تبريرٍ "مُلفتٍ" لارتفاع الدولار الأخير والذي تجاوز معه حاجز الـ 230 ليرة لأول مرة منذ سنة وأربعة شهور.

فبعد التركيز طويل الأمد، على دور صفحات متخصصة بأسعار العملات في "فيسبوك"، في نشر أسعار "وهمية" مرتفعة للدولار وتحريك السوق باتجاهها، يمّم حاكم المصرف وجهه شطر سوق بيروت للعملات، متهماً المتاجرين فيها بالمسؤولية عن رفع سعر صرف الدولار بسوريا، عبر طرح كميات من الليرة السورية بهدف خفض سعرها.

اتهام دول عربية، تدعم بنوكاً ومصارف في دول الجوار للمتاجرة بالليرة السورية بصورة تؤدي إلى تراجع قيمتها، ليس جديداً. لكن استعادة هذا العذر والتبرير من جانب المركزي، اليوم بالذات، ينبئ بحجم مأزقه، ذلك أن جلسات تدخل المركزي في الأسابيع الأخيرة أعطت مفعولاً عسكياً، وبصورة لحظية، محرجة لحاكم المصرف، إذ حالما كانت الجلسة تنتهي، كان الدولار يبدأ الارتفاع في السوق مباشرة.

ولتحميل التبرير المذكور شحنة من الجدية، أعلن حاكم المصرف في جلسة التدخل الأخيرة، الفاشلة بامتياز، أنه سيضخ دولاراً في سوق بيروت للعملة، بغية سحب الكتلة النقدية بالليرات السورية المتداولة في تلك السوق، والتي تستخدم للمضاربة على سعر صرف الليرة السورية.

خطوة جديدة لم تعجب الكثير من المراقبين الموالين للنظام، فوصف بعضهم إياها بأنها باب جديد لهدر القطع الأجنبي المتوافر في خزينة المركزي، بنفس الطريقة التي سبق أن أثبتت فشلها في الداخل السوري، وهي ضخ قطع أجنبي لوقف ارتفاع سعر الدولار.

في الوقت نفسه، يعتقد مراقبون آخرون بأن المركزي يستخدم العوامل النفسية فقط لا أكثر، وأنه لا يضخ حقيقةً دولاراً بالسوق، أو يضخ كميات أقل من تلك المُعلن عنها، ومما يؤكد ذلك هو عجز بعض التجار عن الحصول على الدولار إلا بصعوبة، خاصة في المدن الساحلية قرب الموانئ، حيث تكثر صفقات الاستيراد، والحاجة للدولار لتمويلها.

أما من وجهة نظر ثالثة، يعتقد كثيرون أن المركزي ذاته، ممثلاً بحاكمه، أديب ميالة، هو أبرز المضاربين في السوق السوداء، وأنه يدفع الدولار باتجاه الارتفاع، ومن ثم يعود ليشتري الدولار حينما ينخفض مرة جديدة.

بكل الأحوال، يبدو أن فصلاً جديداً من فصول "جلسات التدخل وضخ القطع الأجنبي" سيبدأ مع قرار ميالة بالتدخل في سوق بيروت للعملات، دون أن يعني ذلك أننا سنشهد تراجعاً دراماتيكياً للدولار مقابل الليرة، ذلك لأن المركزي، إما عاجز، أو متواطئ، في لعبة السوق السوداء الدائرة في الداخل السوري، فما بالك بذات اللعبة في الجار اللبناني!

ترك تعليق

التعليق