السوريون وجوازات "6 أكتوبر" قرب القاهرة...تجربة مميزة

انتهى موسم الإقامات – إن صح التعبير– لدى السوريين المقيمين في مصر، منذ أيام. ففي الشهور 11-12-1 من السنة يأتي معظم السوريين لأقسام الهجرة والجوزات في مصر لتجديد إقاماتهم، ومنها "قسم الهجرة والجوازات بمدينة 6 أكتوبر" قرب القاهرة.

 يعتبر القسم صغيراً بإمكاناته، من ناحية حجم المكان وعدد الموظفين، لكنه استطاع بفضل التعاون وحسن الادارة استقبال حجم معاملات يتجاوز 500 معاملة يومياً يعود أكثر من ثلثها تقريباً للسوريين.

كان السوريون في مصر يعاملون كالمصري، فالحفاوة والتقدير الذي كان يلقاه السوري في مصر لم يكن يتوفر لغيره من غير المصريين، ولم تكن السلطات المصرية منذ عهد مبارك تدقق في معاملات الاقامة والأوراق الثبوتية للسوري في مصر.

 ومع انقضاء 30/6/2013 والانقسام في مصر والتعقيدات والمشاكل الأمنية، أصبحت السلطات المصرية تدقق في الاقامات والأوراق الثبوتية للجميع، وحصلت حالات اعتقال على خلفية عدم وجود إقامة على جواز السفر حينذاك، فسارع السوريون إلى أقسام الهجرة والجوازات، ليصححوا أوضاعهم القانونية، وحمل العبء الأكبر قسم مدينة 6 أكتوبر، بسبب تركز إقامة معظم السوريين في هذه المدينة.

 وقدّرت مصادر لـ "اقتصاد" عدد السوريين في أكتوبر، قرب القاهرة، بـ 25 ألف سوري. هذا الحجم الكبير من المراجعين الذي حصل فجأة خلق فوضى كبيرة، نتج عنها بعض الممارسات السيئة من فساد واستغلال.
 
الفوضى التي حصلت أوجدت وقتاً كبيراً مهدوراً، يقول أحمد خليل أحد المراجعين للحصول على إقامة، "في العام الماضي كنا نبدأ التوافد للوقوف أمام القسم - (والحديث دائماً عن "قسم الهجرة والجوازات بمدينة 6 أكتوبر") - من قُبَيل المغرب، لننام أمام الباب في سبيل الحصول على دور لإتمام معاملة الاقامة بسبب الازدحام والفوضى". هذا الوضع دفع العميد رضا رئيس القسم السابق، إلى إعادة ترتيب وتنظيم الأمور في هذ القسم، حسبما يقول أبو علاء.

صبحي الداية، المشهور بأبو علاء، ضابط سوري متقاعد، لجأ للقاهرة بعد ثورة آذار 2011 في سوريا، وهو أحد أعضاء "اللجنة السورية المكلفة بتنظيم الدور"، التي تتبع لمؤسسة "إنسان" للتنمية المستدامة، أوضح لـ "اقتصاد": "دخلت على العميد وعرفته على نفسي، وطلبت منه الموافقة على أن ننظم أنفسنا نحن السوريين، فرفض بداية مخافة فتح نافذة للفساد والرشوة، فيما بعد شكلت لجنة سورية لتنظيم الدور، فأسست ونظمت العمل ثم استلمت العمل بها في نيسان 2014".

 موفق التقي، أبو أسامة، معتقل سابق لدى أحد أجهزة المخابرات السورية، وعضو آخر في اللجنة قال: "لدينا قائمتين الأولى لتسليم طلبات الإقامة، والثانية لتنفيذها، ونتواجد يومياً من السابعة حتى العاشرة صباحاً لاستقبال طلبات السوريين، وتوزيع استمارات معاملات الإقامة على السوريين، وبهذا نساعد موظفي الدائرة، ونخفف عنهم هذا العبء، وبنفس الوقت نساعد السوريين بدلاً من الفوضى التي كانت موجودة سابقاً.
 
" دبرها الله يخليك "، عبارة ترددت كثيراً أمامي، يطالب فيها الناس اللجنة بتقريب دورهم كي لا تنتهي إقامتهم، ويضطروا لدفع غرامة التأخير. يقول أحمد الخليل: "جئت لإتمام معاملة الإقامة قبل انتهاء إقامتي بعشرة أيام، معتقداً أنني جئت مبكراً، لأفاجئ بأن الدور يمتد لشهرين، وهذا يعني أنني سأدفع غرامة تأخير، وهذا عبئ اضافي في ظروفنا المالية الصعبة كلاجئين، ووضعت على قائمة الاحتياط لعل أحدهم يغيب فأدخل مكانه، من الضروري - والكلام لا زال لأحمد – التوعية بضرورة القدوم قبل فترة كافية من انتهاء الإقامة، من خلال صفحات الانترنت أو المساجد وأماكن تواجد السوريين".

يوضح أبو علاء بأن شهور 11و12و1 هي شهور الذروة، وفيها يأتي معظم السوريين لتجديد إقاماتهم، والموجودين على قوائم شهر 11 مثلاً، سجلوا فيها منذ الشهر التاسع، ويشرح سير العملية بقوله: "ندقق في جواز السفر، ونضع لصاحبه موعداً قبيل انتهاء إقامته بعدة أيام، وقد يكون الموعد بعد شهرين، ولا نعطيه موعد قبل ذلك كي نتيح الفرصة لغيره، ممن تنتهي إقامته في موعد قبل ذلك، لأن لدينا عدداً محدداً من المعاملات اليومية الخاصة بالسوريين التي يستطيع موظفي الدائرة إتمامها، حسب الاتفاق مع العميد رضا ثم مع النقيب هاني الذي استلم رئاسة القسم منه فيما بعد".

هذا الحجم (160) معاملة يومياً عبئ اضافي يتحمله القسم، يوضح أحد الموظفين، فبالإضافة لمعاملات السوريين، هناك معاملات إقامة لسوريين آخرين من خارج القائمة، هم طلاب الجامعات، أو سوريين لديهم حالات انسانية يقررها رئيس القسم بعد عرضها عليه، وهناك معاملات المصريين، وهناك معاملات غير السوريين من العرب والأجانب المقيمين في المدينة، وهي مدينة تحوي ثلاث جامعات، والقسم غير مؤهل لا بالمساحة ولا بعدد الموظفين، لاستقبال هذا الكم اليومي من المعاملات، ورغم ذلك، وبقليل من التنظيم، استطعنا تجاوز هذه الأزمة واستوعبنا هذا الكم الهائل من المعاملات - حوالي 500 معاملة – يومياً، وتزداد في شهور الذروة.

"اقتصاد" زارت القسم عدة مرات على مدار شهري كانون الأول والثاني وتابعت سير العملية ، فكان النقيب هاني رئيس القسم شعلة متقدة من الحركة والكلام اللطيف والضحك والمزاح الذي كان مرافقاً لعمله في تسيير الأمور منذ الساعة السابعة صباحاً، وما هي إلا ساعة أو أكثر قليلاً حتى دخل الجميع وتوزعت معاملاتهم على الموظفين وبوشر بالعمل، والأجمل أن ترى طبقات المجتمع السوري كلها ممثلة في المراجعين، فمنهم الطبيب، ومنهم المهندس، ومنهم صاحب العمل، ومنهم العامل الأجير، والفقير الأمي، الجميع يقف في الدور ويلتزم به ويحترمه.

ترك تعليق

التعليق

  • شكرا
    2017-08-12
    ذكرى جميلة نشكر الأستاذ زكي و الموقع على هذا الجهد ونرجوا من الله والظروف أن تتيح لنا إعادة مثل هذا النشاط لصالح المواطنين السوريين والرجاء الأكبر أن نعود إلى سورية الواحدة الموحدة الكرامة والعز .