الدولار...لعبة "القط والفأر" من دمشق إلى بيروت

النظام يلغي موافقات الاستيراد حفاظاً على الدولار ويفكر بالعودة إلى الثمانينات.

"الدولار مكدس في أكياس البطاطا في المناطق المحررة".

المحامي العام الأول يتهم تجار دمشق بتهريب الأموال.


لن يتعرف النظام أو حتى أديب ميالة بأن لعبة الدفاع عن الدولار تلعب في دمشق فقط، كما أن "ميالة" الذي عاد من غزوة بيروت بائعاً للقطع الأجنبي ليس وحيداً اليوم في لعبة "الدولار"، فمنذ أيام شنت وسائل اعلام النظام هجوماً عنيفاً على ما يسمى "دولار الفيسبوك" إضافة إلى مواقع إلكترونية أنشئت وفق صحف النظام خصيصاً لضرب الاقتصاد السوري.

هذا الهجوم الاعلامي تزامن مع حزمة إجراءات تؤكد نية النظام العودة إلى اقتصاد الثمانينات بعد أن ألغت وزارة الاقتصاد في حكومة النظام "أمس"، أغلب الموافقات على الاستيراد الصادرة قبل أيام ولم تُنفذ، ويأتي هذا الالغاء ضمن خطة أعلنت عنها حكومة النظام لترشيد الاستيراد وإدارة التجارة الخارجية وحفاظاً على الدولار ولتخفيف الضغط على طلبه.

ولعل ارتفاع أسعار الصرف في أسواق دمشق أحد أهم الأسباب الرئيسة التي دفعت وزارة اقتصاد النظام إلى التفكير بإلغاء الموافقات على الاستيراد غير المنفذة ليتم استخدام القطع الأجنبي لتمويل السلع الضرورية والأساسية.
 
دولرة الاقتصاد السوري في أكياس البطاطا

إجراءات وتصريحات وزارة اقتصاد النظام لم تكون الوحيد في هذه اللعبة، حيث اتهم المحامي العام الأول بدمشق وفق جريدة الوطن، المحسوبة على النظام، عدداً لا بأس به من التجار، وخاصة في عام 2014، بالإقدام على تهريب أموالهم إلى الخارج بطريقة غير مشروعة إلى دول أخرى، الأمر الذي تسبب على حد قوله بانخفاض حاد لسعر الليرة أمام الدولار، واصفاً هؤلاء التجار "بضعاف النفوس" وأنهم استغلوا الوضع الراهن الذي تعيشه سوريا وأقدموا على تهريب أموالهم، ودعا إلى ضرورة ضبط حالات التهريب، ومحاسبة التجار الذين يقدمون على هذا الفعل بأشد العقوبات.

وبالمقابل، حمّل فارس الشهابي، رئيس اتحاد غرف الصناعة، في حوار على قناة "سما"، الثوار في المناطق المحررة مسؤولية الانخفاض الحاد لليرة متهماً هؤلاء بسحب الدولار وجعله مكدساً في أكياس البطاطا في المناطق المحررة، بهدف خلق أزمة وسوق سوداء، وإحداث نوع من الخلل في مناطق سيطرة النظام، الأمر الذي يقود الاقتصاد السوري إلى "الدولرة" على حد قوله.
 
"المركزي" يعود إلى لملمة الدولارات

يعلم النظام أن تدهور قيمة الليرة تضعفه إلا أنه وبعد مرور أربع سنوات من عمر الثورة السورية أتقن قواعد اللعبة جيداً، ودفع المركزي إلى أن يتدخل وييبع الدولار بالإكراه لينخفض بالسوق السوداء، ومن ثم يعود "المركزي" إلى لملمة الدولارات التي باعها للتجار أو المواطنين عبر شركات الصرافة أو المصارف، والمستفيد الأكبر من ذلك هو النظام، لتحسين وضعه الاقتصادي والاستمرار بتوزيع الرواتب، وتغطية النفقات، مع  العلم أن شركات الصرافة لا تبيع الشخص سوى 100 أو200 دولار وبعد معاناة، وبالتالي لا يلبي الطلب على الدولار عن طريق هذه الشركات وإنما يتجه من يريد الدولار إلى السوق السوداء وهناك سعر آخر.

وعلى ما يبدو أن انخفاض الدولار بمناطق النظام غير مرتبط بوصول الوقود إلى الموانىء أو الانخفاض الكبير بأسعار الذهب، كما أنه غير مرتبط بحملات التموين التي يقوم المركزي بها والجهات المختصة على الباعة رغم غياب المشترين، لأن الانحفاض مرتبط بعملية جني الأرباح من قبل المركزي، وأدواته من المضاريبن، ومجدداً شركات الصرافة والمصارف الخاصة تخسر لعبة الدولار، والمركزي  يربح لعبة "القط والفأر" !!..

يأتي السؤال: لماذا لم يقم المركزي بإدارة السياسة النقدية بالتخطيط بدلاً من العشوائية؟، لماذا ينتقل ميالة فجأة من التدخل في دمشق إلى التدخل في بيروت، كيف خرجت هذه الكتل النقدية الضخمة ؟!...

فمنذ الأيام الأولى من عمر الثورة السورية سعى المصرف المركزي لخلق – عن قصد أو غير قصد- سوق سوداء موازية بناءً على توسع الفرق بين سعر صرف المركزي، والسوق السوداء حالياً.   

بينما يشير الواقع إلى أن القطع غير متوفر لدى المصارف والتمويل سيكون خارجي من قبل المستوردين، الأمر الذي أدى إلى رفع سعر صرف الدولار في السوق بشكل أو بآخر بحثاً عن القطع اللازم.

معايير صعبة لتمويل المستوردات

يُذكر أن رئيس حكومة النظام "وائل الحلقي" عزا أسباب انخفاض سعر الصرف إلى إقبال التجار والصناعيين على شراء الدولار وإلى الحرب الاقتصادية والتشويش الإعلامي، مبيناً أنه "لا حجة للتجار بربط أسعار المواد بأسعار صرف الليرة حيث إن المواد متكدسة ومتوافرة في مستودعاتهم وليس لها علاقة بارتفاع أسعار الصرف"، وتسعى حكومة النظام إلى ضبط سعر صرف الليرة مقابل الدولار من خلال ترشيد منح إجازات الاستيراد، ووضع معايير صعبة لتمويل هذه المستوردات.

ترك تعليق

التعليق