خبير يفصّل لـ "اقتصاد" الحلول المتاحة أمام السوريين لمواجهة أزمة الكهرباء

ربما لا يبدو الأمر غربياً عندما يعلن وزير المال في حكومة النظام عن فاتورة انقطاع التيار الكهربائي في سوريا- ليقول كل يوم يصرف 2.6 مليار ليرة على قطاع الكهرباء من دون الأضرار التي يتعرض لها-.

هذا الوزير الذي يعمل وفق معادلات صعبة ومستحيلة يشكو القلة ويخرج بآخر النكات على الشعب السوري ليشارك وزارة كهرباء النظام بدق ناقوس الخطر حول مصير المنظومة الكهربائية في سوريا.

أجل...فإصدار النكات حول عجز المنظومة الكهربائية وقصورها لا يقتصر على المواطن، بل إن حكومة النظام تشاركه الرأي....

2.6 مليار ليرة يومياً قيمة ما تنفقه حكومة النظام على الكهرباء باعتراف رسمي، وبالتالي فإن اقتصر التحليل على التكلفة المصرح عنها نجد أنه ووفق سعر الدولار الحالي تقارب 4.6 مليار دولار سنوياً.

لكنّ الأغرب من الفاتورة المرتفعة لكهرباء النظام والتي يدفعها المواطن مرتين، هو قطع التيار عن السوريين، فالمواطن يعيش مع التيار بمعدل 5 ساعات يومياً في أحسن الأحوال والمناطق من حيث ساعات التقنين، يضاف إلى ذلك أثر انقطاع الكهرباء الطويل على كافة المناطق السورية والذي عطل التجارة والنقل، كما أوقف وصول المياه وأثر على المستشفيات وخدمات الإنترنت، وعرقل حياة الملايين منذ الأعوام الأولى للثورة لتصبح سوريا بلا كهرباء وبلا وقود.

يترافق هذا التصريح مع إعلان وزارة كهرباء النظام منذ أيام أن نحو 6 عنفات جديدة خرجت من الخدمة، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للعنفات المتوقفة عن العمل إلى 40 عنفة توليد من أصل 54 عنفة، وزيادة عدد العنفات المتوقفة يؤثر سلباً على إمكانية توفير الطاقة وزيادة عدد ساعات انقطاع الكهرباء.

تراجع عدد محطات توليد الطاقة إلى 34 من أصل 54 محطة

تبدو بنية محطات توليد الكهرباء اليوم هشة أمام عمليات القصف، وضخامة المحطات المذكورة تجعل إخراجها من الخدمة أمراً سهلاً باستهدافها مباشرة أو باستهداف خطوط إمدادها بالطاقة أو أبراج أو خطوط نقل إنتاجها.

وتعاني محطات توليد الطاقة الكهربائية في سوريا من أزمة حادة –حتى قبل الثورة- جراء نقص إمداد الوقود، بينما أفرزت الحرب حلولاً جزئية أمام السوريين وإن كانت على المدى القصير لا الطويل، كالشموع وزيت الكاز والشواحن الكهربائية، حيث باتت الأمبيرات والمولدات والبطاريات تمثّل المصدر الرئيس لتوليد الطاقة، بعد أن بات التقنين اليومي بمعظم المناطق التي مازالت تعيش على الكهرباء بحدود 16 ساعة قبل أن يصبح المعدل اليومي للكهرباء 4-6 ساعات فقط، بعد أربع سنوات من أزمة لا تبدو نهايتها قريبة مما يتطلب مقاربات مغايرة أمام المواطن تمهيداً للسنوات القادمة.

وخلال السنوات الأربع العجاف من عمر الثورة السورية، تراجع عدد محطات توليد الطاقة الكهربائية في سوريا إلى 34 من أصل 54 محطة كانت تعمل في العام 2011.

وهكذا، وبناء على المعطيات السابقة يصبح طرح التساؤل الآتي جدياً: هل تتجه حكومة النظام إلى خصصة قطاع الكهرباء أو الاعتماد على المولدات (الأمبيرات) على أنها واقع للخروج من الأزمة الحالية لتوليد الطاقة؟

بين تجربة حلب وبيروت هل تعيش دمشق زمن المولدات

يرى خبير اقتصادي في شؤون الطاقة -فضل عدم ذكر اسمه- أن التفكير في نقل محطات التوليد إلى مناطق أكثر أماناً لضمان الحد الأدنى من عمليات التغذية المستقرة بالوقود، واستقرار توليد الكهرباء، أمر غير ممكن حالياً، لا في مناطق النظام ولا حتى في مناطق المعارضة، وأن الحل لعملية توليد الطاقة يحتاج إلى بنى توليد أقل حجماً عبر الاستفادة من شبكة التوزيع الموجودة على مستوى كل مدينة ومنطقة وحي، ويمكن العمل على أسلوب الامبيرات بحلب.

ويتابع الخبير: رغم مرور حوالي ربع قرن على نهاية الحرب الأهلية لم يتمكن لبنان من الاستغناء عن هذا النوع من منظومات التوليد على مستوى البناية أو الحي، وعلى ضوء تطورات الصراع السوري وارتفاع كلفة إنتاج كهرباء واحتمال تزايد هدر ما تبقى من احتياطي العملات الأجنبية، يستحق الأمر التفكير جدياً بالحلول المذكورة تمهيداً لكل السيناريوهات المتاحة.

واقترح الخبير أن يستخدم السوريون البطاريات والأضواء وأجهزة التحويل وأجهزة الطاقه الشمسية، مما يضمن استمرار التغذية للمنازل، وبأقل تكلفة وأقل ساعات تغذية، والاستفادة من مقاربة التجربة اليابانية ولو بأساليب بدائية، أما في المناطق الصناعية، فيمكن نقل محطات التوليد إلى جوارها أو نقلها إلى جوار محطات التوليد، الأمر الذي يضمن استمرار التغذية، أما بالنسبة للمناطق التجارية فيمكن الاستعانة بنفس حلول المناطق السكنية.

يُذكر أن حكومة النظام تعتمد على الدعم الروسي والإيراني، إضافة إلى الاستفادة من الخبرة الهندية في مجال الكهرباء، وتبلغ كلفة إنتاج كل واحد كيلو واسط ساعي بحدود 30 ليرة، وتترواح تعرفة مبيع الطاقة للاستهلاك المنزلي لكل كيلو واط ساعي وفق الشرائح من 2 إلى 6 ليرات.

ترك تعليق

التعليق