صائغ لـ"اقتصاد": النظام عمل على وأد وتحطيم صناعة الذهب في سوريا

ضريبة الإنفاق الاستهلاكي على الذهب تطال مدخرات السوريين

لم يدخر النظام وأجهزته المالية جهداً -منذ بداية الثورة- في إصدار قرارات أو فرض الرسوم بهدف تحصيل جزء من خسارته نتيجة الحرب التي يشنها لقمع ثورة الشعب. وقد يبدو الأمر غير مستغرب في فرض ضريبة الرسم الإنفاقي للذهب، إلا أن السوريين لم يتوقعوا أن يطال هذا الرسم مدخراتهم؟!، فالعودة إلى رفع ضريبة الرسم الإنفاقي للذهب سوف يطال كل من يريد استبدال حلية ذهبية بحلية أكبر، وعليه أن يدفع ضريبة عن وزن الكمية التي كانت بحوزته أيضاً، وبعد هذا القرار المجحف فإن من يريد استبدال ذهبه فإنه لن يخسر "أجرة الصياغة" فقط على القطعة الأولى، بل سيضطر إلى دفع ضريبة إنفاق على وزنها إضافة إلى الوزن الجديد، إلا أن أحد أهم مظاهر الإجحاف في غاية النظام من هذه الضريبة يكمن في إغفال واستغلال ما للذهب من قيمة إدخارية لدى السوريين واستخدامه ذخرا للأيام الصعبة، وخصوصاً لدى محدودي الدخل.

إغلاق ورش تصنيع الذهب بشكل نهائي

وهنا يقول صاحب ورشة صياغة في دمشق –فضل عدم ذكر اسمه- إن رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي فرضته وزارة المال في حكومة النظام دفع عدد كبير
من الصاغة إلى إغلاق ورش التصنيع بشكل نهائي.

وأضاف أن توقف المبيعات بشكل تام ربما يدفع الصاغة إلى إغلاق المحال التجارية لا الورش.
وتابع إن النظام وحتى قبل الثورة عمل عبر وزارة المال والمصرف المركزي على وأد وتحطيم صناعة الذهب في سوريا من خلال فرض القيود والرسوم ومنع الاستيراد والتصدير، وكنا نحصل على الذهب الخام من التهريب.

وأكد الصائغ -خلال اتصال هاتفي- لـ"اقتصاد" أن أسواق الذهب اليوم، وحتى قبل أربع سنوات، تعاني من كساد في حركة البيع، فالوضع القائم حالياً في سوق الذهب في دمشق يشير إلى أن حالة الركود أو الجمود هذه ستتعمَّق أكثر مع استمرار الحرب، وهناك عدد كبير من الورش توقفت عن العمل جراء هذه الظروف التي تعيشها سوريا واليد العاملة هاجرت بالفعل.

وكشف الصائغ لـ"اقتصاد" أن المالية مازالت تؤكد على الرغم من كل هذا الركود على ضرائب الإنفاق الاستهلاكي، وتريد فرضها على المستهلك مرتين، مع أنه وقبل العام 2011 كانت جمعية الصاغة بدمشق تدفع نحو30 مليون ليرة لوزارة المالية كرسم إنفاق استهلاكي سنوياً، كما كنا ومازلنا، والكلام لـ "صائغ"، نقوم بجباية هذه المبالغ على مصوغات لم تُبع بعد.

*لجنة مالية للتأكد من أن لا مبيعات في سوق الذهب

ويشار إلى أن وزير المالية في حكومة النظام، اسماعيل اسماعيل، لم يقتنع بتوقف مبيعات الذهب وجمود عمل جمعية الصاغة بعد الإعلان عن رسم الإنفاق الجديد، حيث قام بتشكيل لجنة وإرسالها إلى مقر الجمعية للتأكد من حقيقة الأمر، وأمضت اللجنة وقتاً طويلاً في مقر الجمعية وعادت إلى وزارة المالية محملة بحقيقة انخفاض التداولات اليومية للذهب إلى مستوى الصفر، كما أن وزير المالية اقترح بأن يتم تحصيل رسم الإنفاق من المستهلك بدلاً من أصحاب الورش أو الصاغة.

وفي السياق ذاته أشار رئيس جمعية الصاغة بدمشق في تصريح لوسائل إعلام النظام إلى أن عدداً من الصاغة راجعوا مقر الجمعية واستفسروا عن كيفية إلغاء اشتراكاتهم تحت ذريعة "داعي السفر"، وهذا الأثر يعد أخطر من توقف المبيعات، لأن الأمر لن يتوقف على صائغ أو اثنين أو ثلاثة، بل ربما يدفع باتجاه إغلاق العديد من الورش والمحال خلال فترة قصيرة.

لا يوجد هناك من يبيع أو يشتري

وقد وصف المتعاملون في سوق الذهب بدمشق وحلب بأنها وصلت هذه الأيام إلى أشبه بحالة الركود والشلل التام، فلا يوجد هناك من يبيع ويشتري، وخصوصاً بعد فرض الرسوم الإضافية.
وكمؤشر على انخفاض المبيعات تبين مؤشرات جمعية الصاغة أن عمليات ختم الحلي الذهبية من قبل الجمعية قد تراجعت بنسبة 95% بحسب تقديرات.

يذكر أن أسعار الذهب في الأسواق السورية شهدت ارتفاعات خلال السنوات العشر الماضية وبنسب كبيرة حيث كان سعر الغرام عيار 21 في أيار 2005 قرابة 440 ليرة، وفي العام 2009 قارب سعر الغرام 1300 ليرة سورية، وصولا إلى مستوى قياسي مع بداية العام 2010 قارب سعر الغرام 1400 ليرة سورية، لكن ارتفاع الطلب على الذهب يزيد المخاوف من التضخم الذي سيدفع أسعاره إلى أعلى بشكل يومي ومتوازٍ مع ارتفاع الدولار إلى 6 أضعاف قيمته مقابل الليرة منذ العام 2011.

ومع بداية العام الحالي 2015 وصل سعر غرام الذهب عيار21 إلى أكثر من 8000 ليرة ، وعيار 18 قيراط إلى حوالي 6800 ليرة، لذلك فإن ظروف الحرب والسعر الحالي للدولار قد يكون بداية لطريق أطول لارتفاع سعر الذهب مع اندثار ورش الصياغة في سوريا بعد الهجرة الكبيرة لليد العاملة والتي تعرضت لها هذه المهنة من بداية اندلاع الثورة السورية في العام 2011.

ترك تعليق

التعليق