"الدولرة" الكلية تطرق أبواب مناطق النظام...والشبيحة يعرون السوريين بحثا عن العملة الخضراء

يبدو أن التعامل بالدولار وإهمال الليرة السورية هو الوضع السائد حالياً في مناطق سيطرة النظام. وعلى الرغم من اعتراف النظام بحالة الدولرة الجزئية إلا أن مصادر متطابقة تؤكد وصول الدولرة  إلى الحالة الكلية، بسبب الأوضاع الحالية، ولأن التجار يستخدمون الدولار فقط في التعاملات التجارية وفي تحرير الفواتير نظراً لقيمته الثابتة نسبياً مقابل الليرة المتذبذبة منذ اندلاع الثورة السورية قبل 4 سنوات وحتى الآن.

ويقول خبير اقتصادي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الواقع يؤكد تحول اقتصاد النظام  إلى الدولرة ، في حين تتم التعاملات الصغيرة بالليرة، مبيناً أنه كلما زاد التعامل بالدولار فالناس ستطلبه بشكل أكبر، فسعر الليرة غير المستقر دفع التجار إلى إصدار الفواتير وتسعير البضائع بالدولار واستلام الثمن بالدولار أيضا، أي "الدولرة الكاملة".

 ويضيف الخبير أن باعة التجزئة في أغلب الأسواق السورية خاصة في سوق الذهب والتكنولوجيا والمواد الغذائية اتجهوا نحو "الدولرة" من خلال طلبهم الدفع بالدولار، كما أنه ليس من المصادفة أن تقوم جمعية الصاغة بتسعير الذهب على دولار السوق السوداء، الأمر الذي يعتبر دليلا على شرعية هذه السوق والدولرة، بعد تخطي سعر الدولار الـ 255 ليرة.
 
ميالة في مواجهة الدولرة الكاملة

لن تجري الرياح بما تشتهي سفن "أديب ميالة"، وإن كان قراره الأخير في اجتماعه مع التجار قضى بتمويل كل الإجازات الممنوحة من وزارة اقتصاد النظام، إلا أن حاكم المركزي وإجراءاته ستقف عاجزة عن مواجهة الدولرة الكاملة لأنها ستستمر وتتزايد من أجل اﻻستيراد والذي يساوي 90 % من طلب السوق. فعودة الدولار إلى قبضة المركزي لا يعني أن الدولرة بين التجار والتبادل بين الناس لن تستمر. ويبدو أن التجار الموالين للنظام لن يثقوا به بعد اليوم، وأن الدولرة الكلية هي أرقى أشكال عدم الثقة بنظام الأسد، كون التجارة ربح وخسارة.

وفي الوقت عينه، تقوم ميلشيات النظام وشبيحته بتثبيت رواتبهم نسبة إلى الدولار بسبب ارتفاعه اليومي والهبوط الحاد لقيمة الليرة، كما أن جزءا كبيرا من المسروقات في  سوق الحرامية وغيرها من أسواق دمشق تباع  بالدولار بدل الليرة.
   
مهمة صعبة أو مستحيلة أمام امتحان الدولرة

كما يلعب ميالة -ومنذ بداية أزمة الدولرة لديه- دور التموين، وفي بث الجزء الخمسين من المسلسل ذاته، تمكنت لجان الضابطة العدلية من ضبط عدة حالات للتعامل بالدولار الأميركي كوسيلة دفع وفق إيصالات وفواتير بين تجار وشركات، مع العلم أن المعروض شحيح نتيجة القبضة الأمنية المتشددة، حيث يقوم الأمن واللجان الشعبية بتعرية السوريين بحثاً عن الدولار كأسلوب ممنهج، يضاف إلى ذلك موظفو المركزي الذين يتمترسون خلف كوات المبيع لدى شركات الصرافة لمراقبة المتعاملين من السوريين الذين يقفون طوابير أمام شركات الصرافة لشراء عدد من الدولارات، دون أن يحالفهم الحظ.

ويبدو أن مهام المركزي باتت صعبة، إن لم تكن مستحيلة أمام الدولرة، وخصوصا بعد عرضه الأهم لتمويل المستوردات -حصرا للمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج- مع التريث في استيراد باقي المواد. فصرخة الانتقاد القاسية والحادة من قبل التجار والمستوردين لن تتأخر، وكأنها تقول، تسقط كل سياسات المركزي المتعلقة بالاستيراد والتصدير، وتسقط كل قرارات ميالة التي عجزت عن تثبيت سعر الصرف حتى ولو لفترة وجيزة، بل عجزت عن الوفاء بكل الوعود التي أطلقها عبر وسائل إعلامه.
 
موضوع تقني ومعقد

لن تفلح كل إجراءات وسياسات حكومة النظام، وحتى القمعية منها، في وقف مسيرة الدولرة، لأن مواجهة انخفاض أسعار صرف الليرة أمام الدولار هو موضوع تقني ومعقد، وهناك عدد كبير من العائلات التي تحصل على دخلها المحدود بالعملة السورية فقط، وأغلبهم من موظفي الحكومة ولا سبيل لهم في تحصيل أي دخل آخر بأي عملة أخرى، وبالتالي اعتمادهم على العملة السورية أمر حتمي، مقابل استخدام الدولار في التعاملات الاقتصادية على نطاق واسع وكبير، وفي حال استمرار ذلك فإن قيمة الليرة سوف تبدأ بسلسلة من الانخفاضات، خلال الأيام القادمة.

 ولا يبدو أن الإصرار على استهلاك المنتجات المحلية، مع وقوف عجلة الانتاج وتدمير المصانع، سيفيد بشيء، وستبقى دعوات اتحاد المصدريين السوري، عبر "الفيس بوك"، للتصدير الذي يُدخل قطعا أجنبيا ليتحسن صرف الليرة، والابتعاد عن اﻻستيراد الذي يخرج القطع الأجنبي...هي مجرد أضغاث أحلام لا أكثر.
 
يُذكر أن كل المبادلات التجارية في سوريا تتم اليوم، سواء كانت في مناطق الثورة أو مناطق سيطرة النظام، على أساس "الدولرة"، أي أن كل شخص يقيم السلع على أساس السعر بالدولار ثم يتصرف بالبيع أو الشراء بناء على العملة المتاحة، سواء كان الدولار أو الليرة السورية أو الليرة التركية أو غيرها.

ترك تعليق

التعليق