ويكيليكس الأسهم السورية تطفو على السطح مجدداً

سعر أعلى سهم في البورصة 0.33 دولار في حين كان سعره10 دولار قبل اندلاع الثورة السورية


اتخذت هيئة الأوارق المالية التابعة لحكومة النظام، خلال الفترة الماضية، جملة قرارات مفاجئة سيكون لها أثر كبير على المصارف ومستثمري البورصة.

 وتسعى هذه القرارات إلى كشف وتعرية أرقام وأرباح البنوك الخاصة والشركات المساهمة، ومن هذه القرارات إسقاط بند إعادة تقييم القطع الأجنبي، ومعايير مالية تُخضع أغلب البنوك إلى اختبار التحمل أو الفشل في كفاية رأس المال. يضاف إلى ذلك الضغط الذي مارسته وزارة مال النظام على البنوك من خلال التدخل في آلية عمل المحاسبين ومفتشي الحسابات. وكل هذه الإجراءات تأتي على الرغم من حرص هيئة الأوراق المالية والمصرف المركزي، خلال السنوات العجاف، على عدم إظهار الأرقام الحقيقية والمركز المالي الفعلي للبنوك.
 
فالنظام الذي خالف معيار المحاسبة الدولية خلال أربع سنوات مضت، يحاول الآن تعرية البنوك السورية الخاصة أمام الأزمة المالية الاقتصادية، مقابل لعبة مزودجة لجني أكبر عدد ممكن من أسهم الفقراء داخل وخارج البورصة، لصالح كبار رجال الأعمال، الأمر الذي يعيد للأذهان قصة ويكيليكس الأسهم السورية، والتي باتت ملامحها تطفو على السطح مجدداً.
 
كيف تحقق المصارف أرباحاً وصلت للمليار ثم تنشر خسائر؟

يقول خبير ومحلل مالي، طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ "اقتصاد"، أنه في السنوات الثلاث السابقة كانت كثير من البنوك الخاصة تنشر نتائجها المالية السنوية بأرباح تفوق التوقعات مما يخدع المساهمين، ذلك أن تلك الأرباح كانت نتيجة رقمية ليس أكثر، بسبب اختلاف سعر الصرف وحالة التضخم التي أثرت على الليرة.

 وأضاف المحلل المالي أنه في نهاية العام 2014 كان من المتوقع بأن النتائج المالية السنوية للبنوك ستكون خاسرة، كون غالبية البنوك قامت بتقييم أرباحها على سعر دولار مرتفع، ثم ما لبث أن انخفض الدولار وارتفعت الليرة، مما يعني أن البنوك ستضطر لنشر نتائج خاسرة، لذا أجلت البنوك نشر نتائج السنة الماضية، حتى الآن، إذ كيف ستبرر البنوك أنها سبق أن حققت أرباحاً وصلت للمليارات خلال السنوات الثلاثة السابقة حتى نهاية 2013، ثم تنشر خسائر عن السنة الماضية 2014؟
 
ويوضح المحلل المالي: "هنا لا بد من إعطاء المزيد من الشفافية في نتائج الشركات المساهمة وذلك بفصل تقييم القطع الأجنبي بخانة منفصلة، وهو ما تأخرت به هيئة الأوراق المالية في السنوات السابقة على الرغم من أن دورها الأساسي يكمن في مراقبة ومحاسبة الشركات المساهمة وأعمالها ونتائجها".

وبيّن المحلل المالي أنه من جهة مهامها الأخرى، فلا تزال هذه الهيئة تعطي المبررات للشركات ولا تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، فحتى يومنا هذا لم يتم نشر النتائج النهائية من قبل الشركات المساهمة بل اكتفوا بالنتائج الأولية، ولم نرى أي مخالفة بحق أي شركة خلال السنوات الماضية.

ويقول مراقبون أن تخفيض الأرباح أو الخسارة لدى البنوك في الوقت الحالي سوف يعرّض صغار المستثمرين - من يملك عشرات الأسهم- إلى خسارة كبيرة نتيجة تخفيض رأس المال، الأمر الذي سيدفع الشريحة الوسطى إلى الجري لبيع الأسهم بأي سعر ممكن.
 
لعبة مزدوجة...لعبة المتحكمين بالأوراق المالية

ويرى خبير اقصادي آخر في تصريح لـ "اقتصاد" أن هناك  لعبة مزدوجة من قبل بورصة دمشق والمتحكمين بهيئة الأوراق المالية، فهم يتذرعون بالعمل على إثبات الشفافية في الأسواق المالية للشركات المساهمة الكبيرة والصغيرة، عملاً بمبادئ صندوق النقد الدولي والمعايير الدولية، لكن الغاية الحقيقية من قراراتهم هي الاستيلاء على حصص الفقراء بأبخس الأثمان، خاصة إذا عرفنا أن 80% هي حصص صغيرة لـ "صغار المستثمرين". مثال على ذلك أسهم بنك سورية الدولي الإسلامي وبنك قطر الوطني-سورية،  بعد أن حققت أرباحاً خيالية في السنوات السابقة، اليوم يباع السهم في بورصة دمشق كأفضل فرصة للبيع بـ 101 ليرة أي 0.33 دولار، في حين كان سعر الشراء 10 دولار قبل العام 2011.

ونفى الخبير الاقصادي أن تكون القرارات الأخيرة نوعاً من الشفافية، مبيناً أن الهدف منها شراء الأسهم من الفقراء بأرخص الأسعار، وتكررت العملية ذاتها كثيراً خلال الأعوام الأربعة الفائتة، مع بنك سورية- المهجر، وبنك سورية- الخليج، بعد أن ارتفعت أسعار 2013 بشكل مبالغ به، وعندما استقال رئيس مجلس الإدارة فهبطت الأسهم لأدنى مستويات لها، كذلك مع بيمو، بسبب استقالة كبار المساهمين من مجلس الإدارة.
 
عملية تسييل من أجل الحصول على دولار

وأكد الخبير الاقصادي أن البيع والشراء يتم على قدم وساق بكثير من الثغرات القانونية، بينما يقوم "صغار المستثمرين" في البورصة من الفقراء بتسييل، "بيع الأسهم"، تحت ضغط الأخبار والإشاعات.

 قصة ويكيليكس الأسهم السورية

في منتصف العام 2012 نشرت جريدة الأخبار اللبنانية ملفات "ويكيليكس"، رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة، والتي تشمل موظفين رفيعي المستوى في شركة "شام كابيتال"، وهي واحدة من كبرى الشركات السورية، المملوكة بشكل رئيس من قبل "رامي مخلوف"، وتشير الرسائل إلى أنه كان يشتري حصصاً كبيرة عن طريق أسهم البورصة، وبنحو تدريجي، في عدد من المصارف، أبرزها "بنك قطر الوطني – سوريا" (QNBS).

 وأشارت الأخبار اللبنانية في حينها، أنه في بداية العام 2012، وفق "ويكيليكس، "أظهرت المحفظة الاستثمارية للأسبوعين الثاني والثالث من شهر كانون الثاني، أن رامي مخلوف اشترى أسهماً تقدر قيمتها بما مجموعه 126,576,155 ليرة سورية (تقريباً 2 مليون دولار)، في مقابل بيع أسهم تقدر قيمتها بـ8,666,251 ليرة سورية (تقريباً 135,093 دولاراً)، حيث تركزت هذه العمليات في "بنك قطر الوطني – سوريا" و"بنك سوريا الدولي الإسلامي".

ترك تعليق

التعليق