"سوري يوك".. عبارة يسمعها السوريون الباحثون عن منزل بتركيا

 لم يكن يتوقع محمد وصديقه أبو غسان في أثناء البحث عن منزل في اسطنبول أن تنتهي جولتهم بكلمات قاسية من عجوز تركي، رحلة طويلة ترافقت مع رفض الكثير من مالكي البيوت تأجيرهم بكلمة أصبح يفهمها السوريين جيداً "يابنجي يوك-سوري يوك".

تمكن التعب من أبي غسان (40 عاماً)، وقد ملَّ من البحث عن بيت يحقق الشروط التي يطلبها، والسعر الذي يمكنه دفعه، ناهيك عن انزعاجه من ردة فعل بعض الأتراك بعد معرفتهم بأنه سوري. أما محمد فما زال عنده الجلد الكافي للمتابعة في عملية البحث عن منزل لصديقه.

استوقف محمد صديقه أبا غسان وقال له: دعنا ندخل هذا المكتب لعله يكون الأخير وتنتهي رحلة البحث اليوم، وافقه أبو غسان، ودخلا المكتب ليجدا عجوزين تركيين يتابعان الأخبار في المكتب، والنشرة كانت تتحدث عن سوريا بالتحديد.

يقول محمد لـ"عربي21": "تعلمت شيئاً من التركية، وأستطيع فهم الأتراك في أثناء الحديث، ولكني أواجه صعوبة في التحدث معهم".

ويضيف: "طلبت من صاحب المكتب منزلاً للإيجار من أجل صديقي، فسكت قليلاً ثم نظر إليّ وتحدث بلهجة تركية ثقيلة، وكأن أحد السلاطين العثمانيين يتحدث أمامي، فقال: في سوريا يوجد حرب، ماذا تفعلون هنا! فهمت معناها فوراً، وتلعثمت في الحديث، ولم أتمكن من ترتيب جملة لتكون رداً على كلامه. يتابع التركي حديثه بتلك اللهجة الثقيلة نفسها ليقول لنا: أنتم ما زلتم شباباً قادرين على حمل السلاح والقتال، والأسد في كل يوم يقتل السوريين ويشردهم... عليكم وعلى جميع الشباب العودة إلى سوريا، وإنهاء وجود بشار الأسد".

ويتابع محمد حديثه فيقول: "لم أتمكن أيضاً من الإجابة، وضاعت مني الكلمات، ولاحظت تفاصيل وجه صديقي المنزعج، فهو فهم معظم ما قاله العجوز".

يقول محمد: "خرجنا من المكتب وعيوننا تفيض دمعاً، والصمت سيطر علينا في أثناء عودتنا إلى المنزل، فكلمات العجوز التركي استقرت في آذاننا وأخذت حيزاً كبيراً من تفكيرنا. فلم يكن يعلم التركي عندما قال كلماته أنه يتحدث إلى شخصين قدما الكثير للثورة، وظروفهما الصعبة هي التي أوصلتهما إلى هنا".

فأبو غسان قاد إحدى كتائب الثوار في ريف دمشق، وأصيب في إحدى المعارك، وضاع لأيام في الجبال، لتنتهي به المحنة في تركيا معيلاً لعائلته وعائلة أخيه الذي قتل في سوريا.

أما محمد فكان معه في صفوف الثوار، وحمل السلاح في وجه النظام لعامين، وخرج إلى تركيا فيما بعد في ظروف صعبة، ليمارس نشاطه الإغاثي، ويخدم رفاقه في الداخل ويؤمن لهم ما يحتاجون، فمناطق الريف الدمشقي ينقصها الكثير، بحسب وصفه.

قصة محمد وأبي غسان نموذج لوضع يواجه السوريين في كثير من الأحيان في تركيا، حيث يعاني معظم السوريين الكثير من المصاعب في تأمين سكن لهم في اسطنبول والمدن الأخرى، وخاصة بعد صدور بعض الممارسات الخاطئة من بعض السوريين بحق الأتراك، مما جعل بعض الأتراك يرفضون تأجير بيوتهم للسوريين، ناهيك عن حالات النصب التي يمارسها بعض السوريين على الأتراك، مما زاد من تردد الأتراك في مساعدة السوريين.

ترك تعليق

التعليق