وظيفة قد تسبب 8 إصابات وبراتب هزيل.. قصة "المياومين" في مخابز دمشق


تعويضاً لنقص العمال الموظفين الذي تشهده المخابز الآلية الحكومية في العاصمة دمشق، تلجأ "حكومة النظام" لتعيين عمال "مياومين" بعقود موسمية لمدة ثلاثة شهور، كان آخرها تعيين 640 عاملاً في مطلع الشهر الخامس من العام الحالي توزعوا على المخابز التي لا يتجاوز عدد العاملين فيها بين الثمانية واثني عشر عاملاً، وما زالت عملية تعيين العمال "المياومين" مُستمرة حتى اليوم، حيث يتم بين الفترة والأخرى تعيين عدد لا بأس به من العمال بعقود موسمية مؤقتة.

(ر، ش)، شاب يبلغ من العمر 35 عاماً، يعمل بعقد موسمي في إحدى المخابز في منطقة ابن النفيس، صوّر لـ "اقتصاد" حالة العمال "المياومين" في المخابز الآلية التابعة لوزارة التجارية الداخلية، حيث أكّد أن راتب العامل لا يتجاوز 26 ألف ليرة سورية شهرياً في وردية عمل تصل لأكثر من 12ساعة يومياً دون أيّة عطلة أسبوعية.

ويُردف الشاب أنّ العمال "المياومين" يفتقدون لميزات الموظفين الثابتين كالتعويضات والمكافآت، ويقتصر سقف الحوافز لديهم على 1400 ليرة شهرياً فقط.

وعن المخاطر المُحتملة قال الشاب أنّ الاحتكاك بالآلات بشكل دائم قد يُعرّض العامل للخطر، وفي حال إصابته نتيجة خطأ ما تقع على عاتقه نفقات العلاج، كما لا تضمن له إصابته ببتر الأصابع أو كسر الساعد بأكمله، ضماناً صحياً ثابتاً.

تمر طبيعة العمل بالمخابز الآلية في عدة مراحل، تنطلق من مستودع الطحين ونقل الأكياس التي تزن 50 كيلو غرام بشكل يدوي مما قد يُسبب مشكلات في العمود الفقري وديسكاً أو انقراص فقرات، وتليها في المرحلة الثانية "العجن" الذي يُعرّض العامل إلى الغبار مما قد يُسبب له حالات ربو تحسسي.

تليها مرحلة القطاعة الناثرة للضجيج والتي تُسبب نقص سمع مهني لدى العامل، إضافةً إلى الإصابات المحتملة التي يتعرض لها العمال وغالبيتها حالات بتر للإبهام أو الساعد بالكامل أو بتر أصابع وغير ذلك.   

أما مرحلة إدخال رقائق العجين إلى الفرن فهي تُعرّض كامل الجسم لإنهاك حروري، ويُسبب النظر لمكان الفرن وبيت النار "الساد الحروري" وحالات كثيرة يُصاب فيها العمال نتيجة تعرضهم بشكل مباشر لبيت النار.
       
أمّا في مرحلة خروج الأرغفة من بيت النار وعدّها ووضعها ضمن أكياس النايلون فهذه الحركة النمطية السريعة والمتكررة تُسبب التهاب الأوتار الذي يُسمى بمتلازمة العصب، وقد يحدث أحياناً ضموراً أو أكزيما.

اقتياد العمال الموظفين للخدمة العسكرية في صفوف "قوات الأسد" إلزامياً أو احتياطاً، وهجرة الشباب خارج البلاد هرباً من ظروف الحرب، أهم أسباب تسرب العمال من المخابز الآلية الحكومية وتقلص عددهم، بحسب ما قال لـ "اقتصاد" السيد (خ، أ)، أحد العمال المتقاعدين منذ عام.

وأوضح المصدر المذكور أنّ غالبية العمال بعقود موسمية لجؤوا للمخابز بعد تسريحهم من "جيش الدفاع الوطني" بسبب إصابات تعرضوا لها في المعارك.
 
ونوّه السيد (خ، أ) إلى أنّ دوائر النظام الرسمية وتعويضاً لنقص العمال لديها، ولما لهذا القطاع من أهمية في استمرار تعويم النظام قد لجأت منذ عامين لتوظيف الفتيات كعاملات في المخابز الآلية الحكومية.

وهذا ما أكّدته لـ "اقتصاد" السيدة (م، ق)، فاقدةً لزوجها وأم لثلاثة أطفال، حيث قالت إنّها لم تجد عملاً مُناسباً في العاصمة، الأمر الذي دفعها لتقديم طلب عمل في الشركة العامة للمخابز والمطاحن.

وأشارت أنها وبالرغم من الأجر الضئيل الذي لا يتناسب مع ساعات العمل إلّا أنًها تفتقد لكافة الخيارات البديلة أمام أرباب عملٍ ينظرون إليها بعين الاستضعاف.

وبين غياب الإجراءات الوقائية كالكمامات والتهوية والإضاءة والقفازات الحرارية وواقيات السمع المهني، وبين شح الراتب ووعود "مسؤولي النظام"، يبقى العمال "المياومين" مُثابرين في عملهم مُستثمرين أقصى طاقاتهم هادفين منحهم التثبيت الوظيفي بأقرب فرصة، أو بتمديد عقود العمل إلى سنوية بالحد الأدنى.

ترك تعليق

التعليق