تحت ستار الإغاثة والتجنيد.. هل تسعى إيران لـ "تشييع" درعا والقنيطرة؟


تفيد الأنباء الواردة من محافظتي "درعا والقنيطرة" جنوب سوريا عن نشاط إيراني واسع لنشر "التشيّع"، إن كان عبر الذراع العسكري من خلال ضمّ الشباب لصفوف ميليشياتها، أو بالخفاء عبر "جمعيات" تتبع لها بحجة العمل الإغاثي.

وتحاول تلك الميلشيات إقناع أبناء المنطقة الجنوبية بالانضمام إلى صفوفها بعد إغرائهم بالعديد من الامتيازات ومن أهمها الحماية الأمنية من ملاحقة قوات النظام إضافة للرواتب الشهرية والتي تصل لنحو 200 دولار وربما أكثر.

ويخشى سكان تلك المناطق من نجاح المشروع الإيراني في نشر "التشيّع" الذي بدأ ينشط في مجالات "التعليم، والعسكرة، والاقتصاد، والثقافة".

جمعيات إغاثية مدعومة من إيران

وبدأ يطفو على السطح في مدن وبلدات درعا والقنيطرة، ظهور عدد من الجمعيات الإغاثية المدعومة إيرانياً، هدفها تسويق المشروع الإيراني تحت شعار مساعدة الفقراء والمحتاجين، الأمر الذي اعتبره مراقبون أنه بداية التبشير بالتشييع.

وقال الناشط الإعلامي "كميت أحمد"، أحد سكان المنطقة الجنوبية، إن إيران تحاول التغلغل في المجتمع عبر ذراع آخر وهو الذراع "المدني" من خلال الجمعيات التي بدأت بتأسيسها ومن أبرزها "جمعية الزهراء" التي تشكلت مؤخراً في مدينة درعا بعد زيارة قام بها "أبو الفضل الطبطبائي" ممثل خامنئي في سوريا، والذي اتفق مع وفد من المدينة على تشكيل الجمعية بحجة تقديم المساعدات لـ "ذوي الشهداء" ومساعدات إنسانية للأهالي.

وتابع بالقول لموقع "اقتصاد": "هناك جمعية أخرى اسمها (أحباب القائد الخالد) ومقرها في بلدة (اليادودة) بريف درعا الغربي والتي يترأسها (أبو بلال الزوباني) ونشاطها مشابه لنشاط (جمعية الزهراء)، وجميعها مدعومة من مكتب الخامنئي ومن المستشارية الإيرانية في دمشق، وتقدم مساعدات مالية للناس تصل في بعض الأحيان إلى حدود 35000 ليرة سورية شهرياً، إضافة لمساعدات غذائية ودوائية".

وهناك جمعية أخرى، بحسب "أحمد"، اسمها "تموز" برئاسة الدكتور "مازن حميدي" ممثل بشار الأسد للمصالحات في المنطقة الجنوبية، وهي تقدم معونات مادية وعينية للسكان، وتسعى بشكل مخفي لتشييع السكان، حسب المصدر.

مساعٍ إيرانية لتجنيد أبناء المنطقة الجنوبية

ويضيف "أحمد" أنه بالنسبة للنشاط التشييعي فهو نشاط غير ظاهر للعلن، ولم يتم رصد أي حالة "تشييع" منذ دخول قوات النظام والميليشيات الإيرانية وحزب الله، لافتاً في الوقت ذاته إلى وجود عمليات تجنيد كبيرة لصالح إيران.

وقال "أحمد": "هؤلاء المجندون من (السُنّة). ولكن في مراحل لاحقة من الممكن أن يتشيعوا، كون إيران تعمل على ضمّ أكبر عدد ممكن من أبناء الجنوب لصالح ميليشياتها المنتشرة في المنطقة مثل ميليشيا (أبو الفضل العباس)،  والفرقة الرابعة التي باتت تحت سطوة إيران، يضاف إلى ذلك ميلشيا (حزب الله) التي تنشط بشكل كبير في المنطقة والتي ضمت لصفوفها حتى الآن نحو 2500 شاب من أبناء المنطقة الجنوبية (درعا والقنيطرة)، وهم ينشطون على شكل مجموعات تمتد من بلدة (بيت جن) بأقصى الريف الشمالي الغربي للقنيطرة وصولاً لمنطقة (اللجاة) شرق درعا والموازية للحدود الإدارية لمحافظة السويداء".

200 دولار راتب شهري ومزايا أخرى

ويقدر العدد الكلي للمليشيات المتواجدة في الجنوب بنحو 8500 عنصر من جنسيات "سورية وإيرانية وعراقية ولبنانية"، موزعين على محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، بحسب مصادر مطلعة.

الصحفي السوري "سمير السعدي"، وأحد سكان ريف درعا، قدّر عدد المنتسبين في صفوف تلك الميليشيات بما يقارب 2000 شاب من أبناء المنطقة الجنوبية بعد أن تم اغرائهم بالامتيازات والرواتب المشجعة والتي تصل لحدود 200 دولار وأكثر حسب وضع الشخص وما يقدمه من خدمات، مبيناً في الوقت ذاته أن تلك الرواتب مغرية مقارنة برواتب قوات النظام التي لا تتجاوز ربما 70 دولار، إضافة لمنح المنتسبين لتلك الميليشيات صلاحيات واسعة فيما يخص سهولة الحركة والتنقل.

زيارات ظاهرها خدمي وباطنها تشييعي

وتشير مصادر محلية إلى أن النشاط الإيراني في موضوع التشيع ليس بجديد، بل كانت بداياته قبل عام 2006، وكان يتركز في تلك الفترة في بلدة "قرفة" مسقط رأس "رستم غزالة" والذي يعد من أكثر المقربين من نظام الأسد، والذي تقلد عدة مناصب أمنية وعسكرية في دمشق وحلب وبيروت.

 وفي هذا الصدد، قال "السعدي" لموقع "اقتصاد": "الإيرانيون أشادوا وقتها مسجداً في بلدة (قرفة) حمل اسم (مسجد الوحدة الإسلامية)، كما أن نشاطهم كان ملحوظاً في مدينتي (الشيخ مسكين، ونوى)، إلا أنه لم يلقَ أي تجاوب من قبل الأهالي".

وفي سعي منها للتغلغل بشكل كبير بين الأهالي في المنطقة الجنوبية، بدأت إيران بمحاولات التواصل مع العائلات الكبيرة والمعروفة في المحافظة مثل عائلة "المسالمة".

وقال "السعدي": "في إطار التمهيد للقبول بالمشروع الإيراني، بدأت إيران بالتواصل واجراء زيارات لعائلات معروفة، ومنها الزيارة التي أجراها المدعو (أبو الفضل الطبطائي) لوجهاء وشخصيات من (آل المسالمة) في درعا".

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2018، كان هناك زيارات أجرتها شخصيات شيعية لمدينة "الحارّة" وطُرح عرض على الأهالي تمثل بتقديم خدمات مثل صيانة الآبار وإعادة تأهيل المدارس والبنية التحتية، وكان هدف تلك الشخصيات هو التمهيد لتسلل الميليشيات الإيرانية للمدينة والسيطرة على "تل الحارّة" الاستراتيجي، ولكن الروس وبخطوة استباقية منهم أرسلوا شرطة عسكرية لهذا التل منعاً للتمدد الإيراني هناك، بحسب "السعدي".

تحذيرات من نجاح المشروع الإيراني في نشر "التشيّع"

وعلى الرغم من عدم رصد أي حالات "تشيّع" بين سكان المنطقة الجنوبية حتى اليوم، إلا أن الصحفي "سمير السعدي" حذّر من أن يكون هناك حالات "تشييع" مستقبلاً وذلك لعدة أسباب، من أبرزها أن الناس تريد أن تحافظ على نفسها وأملاكها، كما أنه يجب ألا ننسى أن هناك قرى بدرعا يقطنها بالأصل سكان شيعة بنسبة 30% تقريباً، مثل قرى وبلدات "غباغب، وبصرى الشام، وموثبين"، ومن المحتمل أن يكون هناك تأثير من تلك العائلات على المحيط الموجودة فيه.

 

ترك تعليق

التعليق