كيف تستطيع سوريا إعادة بناء احتياطي نقدي جديد بالعملة الصعبة..؟
- بواسطة اقتصاد --
- 08 ايلول 2025 --
- 0 تعليقات
قال الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الله قزاز، إنه حسب البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن الاحتياطيات الأجنبية لدى سوريا في عام 2010، قُدرّت بحوالي /17/ مليار دولار، ومع بدء الثورة السورية في عام 2011، بدأت تلك الاحتياطيات في التراجع بشكل ملحوظ نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، موضحاً أنه مع تصاعد أعمال العنف والإجرام التي انتهجها النظام البائد خلال سنوات الثورة، تأثرت هذه الاحتياطيات بشكل كبير، ما أدى إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد السوري بشكل عام.
وأضاف قزاز لصحيفة "الحرية" الرسمية، أن الاحتياطيات انخفضت بشكل كبير، إذ قدرت بحلول عام 2016 بحوالي /5/ إلى /6/ مليارات دولار، في حين قدرت في العام 2018 بحوالي مليار دولار فقط، مشيراً إلى أنه مع سقوط النظام البائد صدرت عدة تقارير بينت بأن المجرم بشار الأسد سرق حوالي /250/ مليون دولار من خزائن مصرف سوريا المركزي والتي من المؤكد أنها كانت الاحتياطي النقدي الأجنبي الكامل لسوريا، حسب وصف الخبير.
ورأى قزاز أن الانخفاض في الاحتياطيات الأجنبية خلال سنوات الثورة يعزى للعديد من العوامل، أهمها الإنفاق العسكري من قبل النظام البائد على عملياته العسكرية العدوانية ضد الشعب السوري، بالإضافة إلى أثر العقوبات الاقتصادية الدولية، وتوقف التصدير وبالتالي نضوب موارد القطع الأجنبي، وتراجع الإيرادات من النفط حيث خرجت آبار النفط عن سيطرة النظام البائد، وكذلك انعدام الاستثمارات، وبالتالي لم يعد هناك أي مصدر داعم للاحتياطيات الأجنبية.
وبالنسبة لبناء الاحتياطيات الأجنبية في سوريا بعد انتصار الثورة، بيّن قزاز أن ذلك يتطلب استراتيجيات واضحة وتعاوناً دولياً، حيث يجب التركيز على البدء بالإنتاج وتحسين جودة المنتجات السورية وزيادة الصادرات إلى الأسواق الدولية، ما يسهم في زيادة الإيرادات بالعملات الأجنبية (التركيز على قطاع الإنتاج السلعي أكثر من قطاع الخدمات كالمصارف وشركات التأمين والفنادق..)، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تحسين بيئة الأعمال وتقديم حوافز للمستثمرين (تخفيض الضرائب على الأعمال التجارية على الأقل في السنوات الثلاث القادمة، وتسهيل الحصول على رخص إنشاء الشركات، وتسهيل السحوبات المصرفية وعدم تقييد السحوبات على المستثمرين الجدد، وإقامة مدن صناعية عصرية مزودة بكافة الخدمات).
وتابع أن استعادة السياحة كمصدر رئيسي للإيرادات يمكن أن تسهم بشكل كبير في زيادة الاحتياطيات الأجنبية، وتعزيز الزراعة والصناعة يمكن أن يزيد من الإنتاج المحلي ويقلل الاعتماد على المستوردات، وإعادة بناء العلاقات مع الدول العربية والأجنبية يمكن أن يسهم في تسهيل التجارة والاستثمار، والأهم من ذلك كله هو المنح والهبات التي يمكن أن يحصل عليها مصرف سوريا المركزي من الدول الشقيقة والصديقة والتي تساهم بشكل مباشر في تنمية الاحتياطيات النقدية الأجنبية دون أن تؤثر على القرار الاقتصادي السيادي لسوريا.
وبخصوص العقبات التي تواجه بناء الاحتياطيات، أوضح قزاز لصحيفة "الحرية" أنّ استمرار الأوضاع الأمنية غير المستقرة قد يعيق جهود التنمية، ويقلل من ثقة المستثمرين في الاقتصاد، بالإضافة إلى أن بقاء بعض العقوبات المفروضة على سوريا قد يعرقل الوصول إلى الأسواق الدولية، ويعقّد العمليات التجارية المتبادلة بين سوريا والدول الأخرى، وكذلك تحتاج سوريا إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية المتضررة، وهو ما يتطلب وقتاً وموارد مالية كبيرة (تقدر بحوالي /400/ مليار دولار حسب تقرير للبنك الدولي صدر عام 2017).
وعن كيفية مساهمة الاحتياطيات الأجنبية في إعادة الإعمار، نوّه قزاز أنه يمكن استخدام جزء من الاحتياطيات المتراكمة لتمويل مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، ما يساعد على استعادة الاقتصاد، مشيراً إلى أنه مع وجود احتياطيات قوية، يمكن للحكومة السورية أن تستثمر في القطاعات الحيوية التي تدعم النمو الاقتصادي (مثلاً تأهيل المناطق السياحية، ودعم المشاريع الزراعية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم مشاريع البنية التحتية)، ومن خلال زيادة المستوردات اللازمة لتلبية احتياجات السكان، فإنّ ذلك سيسهم في تحسين مستويات المعيشة.
وعن آلية استثمار الأصول الأجنبية المملوكة لمصرف سوريا المركزي وتحقيق العوائد منها (المجمدة والتي من المقرر استعادتها والمستقبلية المتوقع بناؤها وتراكمها)، أكد قزاز أنّ ذلك يتطلب استراتيجية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والسياسية الخاصة بسوريا، حيث يمكن استثمار الاحتياطيات النقدية الأجنبية في سندات حكومية لدول أو سندات شركات ذات تصنيف ائتماني جيد، ما يوفر عوائد ثابتة، كذلك يمكن الاستثمار في أسواق الأسهم الدولية ما يوفر فرصاً لعوائد أعلى، ويمكن لمصرف سوريا المركزي التعاون مع صناديق الاستثمار العالمية لإدارة الأصول بشكل احترافي، ما يسهم في تحقيق عوائد نقدية أجنبية جيدة، أو تخصيص جزء من الاحتياطيات للاستثمار في مشاريع تنموية ومشاريع البنية التحتية الأساسية مثل النقل والطاقة والذي يمكن أن يؤدي إلى عوائد مستدامة ويعزز من الاقتصاد بشكل عام، والاستثمار في الذهب والمعادن الثمينة كوسيلة للتحوط ضد التغيرات الاقتصادية العالمية، وابتكار أدوات مالية جديدة مثل السندات والصكوك الإسلامية.

التعليق