كيف طلّق جميل الأسد زوجتيه من قبره؟.. قصة يرويها شاهد عيان لـ "اقتصاد"


في نهاية العام 2004، انشغل الناس بدفن جميل الأسد، وانشغل الأبناء وزوجته، أمل نعماني، بالإرث الذي تركه، وبرزت على السطح مباشرة فكرة أن آل الأسد لا يورثون من لا يحمل اسمهم.

القصة التالية سردها محام وكيل منشق، بالتفاصيل، لـ "اقتصاد"، وتحكي جانباً من صراع عائلة جميل الأسد، على تركته، بعد وفاته.

آل الأسد لا يورثون من لا يحمل كنيتهم

في اليوم الثالث بعد دفن "جميل الأسد"، اجتمع ابناه "فواز ومنذر" بمحاميهما (ت . ط)، وطلبا منه حرمان زوجتي والدهما، "أمل نعمان" (وهي دكتورة من عائلة سنية بانياسية)، و"سوسن سلطون" من (عشيرة الحيدرية)، من الإرث، باعتبارهما من خارج العائلة ولا تنتميان للـ "الكلازية".

 ولكن المحامي قال حينها: "هذا غير ممكن لأن الزوجيتين على ذمة والدكما، ويجب الحصول على وثيقة حصر إرث رسمية من المحكمة لا تتضمنهما".

أحضر فواز ومنذر ليلاً وبالقوة كلاً من القاضي الشرعي في القرداحة، "طربوش طربوش"، وكاتب المحكمة الشرعية "محمد الراعي"، وطلبا منهما إعداد وثيقتين أصليتين تتضمنا طلاق "أمل وسوسن" بالإرادة المنفردة من قبل والدهما بتاريخ سابق على الوفاة.

وبعد أن أعد القاضي والكاتب الوثيقتين (تحت التهديد)، ذهب فواز ومنذر ومعهما أربعة من الشبيحة إلى قبر والدهما، وفتحا القبر، وكشفا عن الجثة، وأخذا بصمات والدهما على وثيقتي الطلاق، وسلماهما للقاضي على أن تسجل الوثيقتين في السجلات بشكل أصولي بتاريخ يعود لعام 2000م.

وثائق حصر إرث متناقضة

وفي اليوم التالي تمكن المحامي "ت ط" من استخراج وثيقة حصر إرث لا وجود لـ "أمل نعماني و سوسن سلطون" فيها، بناء على وثيقتي الطلاق، وتجاوز القاضي طربوش عن النص القانوني بعدم نفاذ الطلاق إلا بعد تبليغ أصحاب العلاقة (المطلقات)، حيث نسي تزوير وثائق التبليغ قبل تصوير المحاضر من قبل محامي أمل نعماني "يوسف ع ح".
 
وكان محامي "أمل نعمان" (يوسف ع ح) قد استخرج ثاني يوم الوفاة وثيقة حصر إرث مزورة أيضاً (قبل وثيقة فواز ومنذر بيومين)، وتنص على استحقاق "أمل" للإرث مع عدم وجود اسم الزوجة الثانية "سوسن سلطون" التي كانت غافلة عما يجري، (وهي تستحق ربع التركة لأنه ليس لديها أبناء) لأنها كانت تسكن وحيدة في بناء بالقرب من كازية الرمل الشمالي، بالطابق الرابع فوق منزل أهلها، بشقة اشتراها "جميل الأسد" وأسكنها فيها.

وفوراً، أقيمت عدة دعاوى شرعية من "أمل نعمان ومن أبناء جميل الأسد وبناته" بناء على وثيقتي الإرث المزورتين والمتناقضتين، لتقاسم الإرث كل حسب وثيقته، وتم توحيد القضايا بدعوى واحدة للنظر بها أمام المحكمة الشرعية باللاذقية.

ومن ثم تم نقل الدعوى إلى محافظة دمشق، حيث أحيلت إلى المحكمة الشرعية الثانية هناك بناء على تعليمات عليا سيادية.

قاض وكاتب ضحايا

توقفت دعوى الإرث بقرار من محكمة دمشق الشرعية، بانتظار الفصل من قبل محكمة "مجلس القضاء الأعلى" بدعوى التزوير الجنائية بوثائق الطلاق، التي تقدمت بها أمل نعمان أمامها (لأن أحد الأطراف المخاصمين قاض) على كل من "فواز ومنذر والقاضي طربوش طربوش وكاتب المحكمة محمد الراعي، والتي انتهت "بعد مماطلة لعدة أعوام"، بالحكم على كل من "القاضي والكاتب ومنذر جميل الأسد"، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، نفذها القاضي والكاتب بينما أقام منذر في أحد فنادق دمشق لفترة وجيزة، وعاد إلى اللاذقية بعدها ليتابع حياته بشكل عادي.

وأصدرت المحكمة الشرعية بدمشق بعدها عدداً من القرارات بوقف الدعوى الشرعية لأسباب واهية، بناء على تعليمات كانت تأتي من القصر الرئاسي بعدم السير بالدعوى.
 
وحتى نهاية عام 2012، كانت ماتزال الدعوى في بدايتها، وفي طور التبليغ للأطراف.

وفاة جميل تفتح باب جهنم

توفي جميل الأسد بتاريخ 16 / 12 / 2004، متأثرا بإصابته بمرض السرطان، وترك وراءه إرثاً خيالياً وعائلة مفككة وزوجتين.

مات في باريس بعد أسبوع من نقله إلى العاصمة الفرنسية للعلاج، ودفن بالقرب من قصره شمال اللاذقية، في حرم جامع الخلفاء الراشدين الذي بناه بالقرب من منزله ونصّب نفسه إماماً له.

ترك جميل الأسد إرثاً داخل سوريا، لم تتمكن الدوائر السورية من حصره بالكامل حينها، لوجود قسم كبير منه غير مثبت بالدوائر العقارية، ولعدم معرفة الأموال المنقولة.

توزع الإرث على عقارات وأموال نقدية هائلة وكميات كبيرة من الآثار المنهوبة وعدد غير محصور من السبائك الذهبية، بالإضافة إلى عدد من الشركات العملاقة، وأهمها شركة الساحل للتصدير والاستيراد والتخليص الجمركي، وهي متخصصة بفرض الاتاوات في معابر الحدود مع دول الجوار وعن دخول البضائع إلى مرفأي طرطوس واللاذقية.

بالإضافة إلى ذلك ترك عدداً كبيراً من العقارات في لبنان وفرنسا وبريطانيا، وأموالاً نقدية في المصارف الدولية وخصوصاً سويسرا، وجميعها بقيت دون إحصاء، وتكتم أبناؤه وزوجته أمل نعمان عليها لكي يحاول كل طرف أن يحتفظ بها لنفسه.

ترك جميل الأسد ثلاثة أبناء ذكور، هم "منذر وفواز وحيدرة" وزوجتين هما أمل نعماني من منطقة بانياس التابعة لمحافظة طرطوس، وسوسن سلطون من قرية سنجوان التابعة لمدينة اللاذقية.

وترك أيضاً أربعة بنات، فلك وعبير وابنتين من زوجته أمل نعماني.

ترك تعليق

التعليق