"الصدمة 2".. تنفيس إيجابي لصالح السوريين


لحظ كاتب هذه السطور تحسناً ملحوظاً في تعامل المصريين معه، حينما خرج إلى الشارع، صباح اليوم التالي لبث الحلقة الرابعة من برنامج "الصدمة 2"، التي سلطت الضوء على التعامل مع اللاجئين في بلدان عربية وغربية، وتحديداً منهم، اللاجئون السوريون.

من شهد الحلقة يدرك أن التعامل السيئ مع السوريين، الذي تمحورت حوله المشاهد في عدة بلدان عربية، ليس أمراً شائعاً على أرض الواقع. لكنه دون شك، أمر وارد، وربما يحصل، وإن بصورة أقل فجاجة من تلك التي صوّرها البرنامج.

سواء في مصر، أو في الأردن ولبنان، حيث تم تصوير مشاهد للحلقة، عبّر أصحاب المطاعم، من الممثلين، عما يدور حقيقةً، في أذهان، وربما، في أحاديث، شرائح واسعة من شعوب تلك البلدان، حيال تواجد السوريين في أوساطهم، الذين أثروا سلباً، دون أن يقصدوا، على فرص العمل وعلى الأجور وأسعار العقارات وسواها، في مناطق تمركزهم.

لذلك، ربما كان تلك المشاهد التمثيلية التي استفزت مصريين وأردنيين ولبنانيين، وحتى ألمان، رفضوا التعامل السيئ مع اللاجئين، ربما كانت تلك المشاهد تنفيساً إيجابياً لاحتقان موجود حقيقةً في أوساط بعض أبناء تلك البلدان، حيال اللاجئين.

في حالة مصر، لا تتلمس حالة الاحتقان تلك إلا نادراً، وفي مناطق بعينها. لكن، ربما في بلدٍ كـ"لبنان"، يكون الأمر مختلفاً.

وحتى في بلدٍ كألمانيا، تنشط فيه حركات جماهيرية ضخمة، مناوئة للاجئين. لذلك، كان تقديم التعامل السيئ مع اللاجئين، في أكثر صوره فجاجةً، تنفيساً لذلك الاحتقان الذي يندر أن يظهر كسلوك، إلا في حالات نادرة.

وهو تنفيس يجب العمل عليه بشكل متكرر، تجنباً لتفاقم حالات الاحتقان حيال اللاجئين، في بعض البلدان، حيث تسود قناعات تسطيحية، مفادها أن هؤلاء اللاجئين، أثروا سلباً على حياة ومعيشة سكان البلد الأصليين.

في مصر، تسود قناعة لدى غالبية من قابلناهم هنا، أن السوريّ أبدع فرص عمل ومشاريع، في بلدٍ يشكو شبابه من قلة تلك الفرص، حتى قبل قدوم هؤلاء السوريين، الأمر الذي يؤشر لحيوية السوريّ وفرادته على صعيد البحث عن لقمة العيش، بنشاط وهمة عالية. وهو أمر يقرّه معظم المصريين. لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن مناطق بعينها في مصر، تسود سكانها مشاعر سلبية حيال السوريين، تنحصر في المجال الشفهي، دون أن تتعداه إلى السلوك الواقعي.

وكلما تدهورت الأوضاع المعيشية في البلدان العربية، ومنها مصر، تستشعر بسهولة أن بعض الأفكار التبسيطية، التي لا تخلو من سذاجة، تُحمّل السوريين مسؤولية مزاحمة نظرائهم من أبناء البلد، على فرص العمل المحدودة أصلاً.

ومن هنا، تأتي إيجابية ما قدمه برنامج "الصدمة 2"، في حلقته الرابعة. إذ أظهر أصحاب تلك الأفكار التبسيطية، السلبية حيال اللاجئين، في أسوأ صورهم، حتى في أوساط أبناء بلدهم، الذين كانوا أبرز المنتفضين عليهم في ذلك البرنامج.

في نهاية المطاف، يجب العمل إعلامياً على هذه القضية. وهنا يجب على الفاعلين من السوريين، من نشطاء ورجال أعمال، أن يمتلكوا علاقات عامة مثمرة مع الوسائط الإعلامية في البلدان التي يكثر فيها السوريون، كي يقدموا من خلال تلك الوسائط وجهة نظرهم، ويبقوا على تواصل إيجابي مع جمهور تلك البلدان.

ترك تعليق

التعليق