الأناضول: المناطق الآمنة، أمل السوريين في تركيا نحو العودة


ما زال حلم العودة يراود المواطنين السوريين المقيمين في تركيا منذ بدء الحرب في بلادهم عام 2011، والتي تسببت في نزوح ملايين السوريين إلى أماكن أكثر أمنا، هربا من قصف قوات النظام.

ومع تشكل المناطق الآمنة شمالي سوريا بعد عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وتهيئة الأجواء الأمنية، وعودة البنية التحتية للخدمة، عاد مئات آلاف السوريين إلى تلك المناطق.

ودأبت تركيا على دعوة المجتمع الدولي إلى توفير مناطق آمنة في سوريا، تكون ملاذا آمنا يسمح بعودة السوريين، وهو ما عملت على تنفيذه أنقرة في شمالي سوريا.

وكذلك الأمر في محافظة إدلب التي إن تم تقديم الضمانات المناسبة لتحويلها إلى منطقة وقف إطلاق نار، فإن ملايين مستعدون للعودة لديارهم أيضا، وهو ما تسعى إليه تركيا.

القيادي في المعارضة السورية رئيس "المجلس التركماني" السابق سمير حافظ، قال إن "السوريين جميعهم يودون العودة إلى بلادهم، لكن كيف وأين ومع من؟".

** شروط العودة

وأضاف "حافظ" في حديثه للأناضول: "مهم أيضا معرفة الضامن، فإذا كان النظام ورموزه فاللاجئون لا يريدون العودة"، مؤكدا أن "السوريين الذين يريدون البقاء في تركيا قلائل جدا".

وعن الشروط التي تضمن عودة السوريين، قال حافظ "إنهم مهتمون أولا بتوفّر الأمن. يجب أن يكون مستتبا أكثر".

وتابع: "يجب أيضا أن تكون القوى الأمنية خارج المناطق السكنية، ومن المهم أيضا توحيد القضاء لضمان حقوق الناس".

وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أكد حافظ أنها "تحتاج فترات للعودة إلى ما كانت عليه سابقا"، مشيرا أن المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي من سيطرة تنظيمات "الدولة الإسلامية" و"ب ي د" الكردي، لا تشهد قصفا مثل دوما ومحيط دمشق.

وزاد: "البنية التحتية يجب أن تشمل الخدمات الصحية والعلاقات العامة والبلديات والخدمات وتوفير الطاقة والبريد، ويمكن أن تقوم بها تركيا".

فيما لفت "حافظ" إلى إمكانية عودة "أرقام لا يمكن الاستهانة بها" من السوريين إلى مناطق مختلفة، دون أهالي العاصمة دمشق التي تخضع لسيطرة النظام.

وأوضح: "يمكن لأهل جرابلس وعفرين والباب وإدلب العودة إليها"، مستدركا بتساؤل: "لكن أهالي دمشق وحمص وحلب إلى أين يرجعون؟".

** عودة واجبة طوعية

أما رئيس مركز جسور للدراسات محمد سرميني، فرأى أن "عودة اللاجئين والمهجرين ضرورية للمحافظة على المجتمع السوري وبنيته الداخلية".

واعتبر في حديث للأناضول أنها "واجبة تجاه جميع الأطراف الدولية الفاعلة لتمكين المجتمع السوري من ممارسة حياته الطبيعية، لكن ينبغي أن تكون طوعية، وتحافظ على حقوق اللاجئ وأسرته".

وعن الظروف والشروط التي تمكّن عودة السوريين، قال: "لقد خرجوا من بيوتهم ولجؤوا إلى دول الجوار لأسباب محددة، وبالتالي فإن العودة تستلزم زوال تلك الأسباب، وتحقيق ظروف تجعل الأمر طبيعيا".

وأهم هذه الأسباب والظروف، بحسب سرميني، "توفر الأمن واستقراره".

واستطرد: "وقف إطلاق النار المؤقت أو المهدد بالانهيار ضمن إطار زمني لا يسمح للاجئين بالتفكير بالعودة، لأنهم سيكونون معرضين لخطر التهجير مرة أخرى".

وزاد "سرميني" أنه يجب توفر الحد الأدنى للمتطلبات الحياتية، بما في ذلك عودة النشاطات الاقتصادية للعمل، وتوفر المواد والسلع الأساسية في الأسواق.

وعن رغبة السوريين في العودة أكد رئيس المركز أن "معظم اللاجئين يرغبون في ذلك".

وأوضح أنه "سوف تزيد رغبة السوريين في العودة إذا ما قامت الدول الضامنة والمجتمع الدولي ببعض الخطوات الإضافية".

وهذه الخطوات أوضحها بالقول: "الإعلان عن اتفاقات طويلة المدى بخصوص المناطق المحررة، بالشكل الذي يمنح مجتمع اللاجئين شعورا بعودة الاستقرار الأمني، وليس مجرد فترة أمان مؤقتة".

إضافة إلى "قيام المنظمات والدول المانحة بدعم مشاريع إعادة البناء، وخاصة تلك المرتبطة بالبنية التحتية، والتي تمنح أي منطقة شريانا للحياة، وتساعد كل القطاعات على العودة إلى طبيعة عملها".

وزاد سرميني في سرد الخطوات: "قيام المنظمات والدول المانحة بدعم المشاريع التنموية الصغيرة، والتي تساعد الأفراد على افتتاح مشاريع مدرة للدخل".

وكذلك "تقديم مساعدات تشجيعية للعائدين، نظرا لأن عودة اللاجئين مع عائلاتهم إلى أرضهم، واستئنافهم حياتهم يتطلب تكاليف كثيرة".

وكانت ممثلة المفوضية الأممية العليا لشؤون اللاجئين في تركيا كاثرينا لومب، قالت في 11 مايو / أيار الماضي، إن تركيا تعد الدولة التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين في العالم.

وتتواصل عودة أعداد من المواطنين السوريين في تركيا إلى مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون".

تجدر الإشارة أن أكثر من 60 ألف سوري من أصل ثلاثة ملايين ونصف المليون، عادوا إلى بلادهم من تركيا عبر معبر "أونجو بينار" الحدودي بكليس منذ 1 يناير / كانون الثاني 2015.

ترك تعليق

التعليق