الحرب التجارية الأمريكية الصينية.. "مصيدة توكيديدس"


بدأ المجتمع الدولي في هذا العام يهتم كثيراً بالتصعيد الأمريكي الصيني في العلاقات الاقتصادية، حيث يخشى من الوقوع في الحرب التجارية بين هذين الاقتصادين العملاقين الذين يملكان نسبة ما يزيد عن 39% من قيمة الاقتصاد العلمي؛ مما ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية عالمية، وقد يتطور الأمر إلى مواجهات عسكرية؛ وعندها ستقف الكرة الأرضية على كفّ عفريت ينذر بخراب العالم..!

وفي هذا المقال سنتناول الحرب التجارية الأمريكية الصينية من الجوانب الآتية:

أولاً ـ موقع الاقتصاد الأمريكي والصيني عالمياً.
ثانياً ـ مستقبل الاقتصاد الصيني والأمريكي على المدى المنظور.
ثالثاً ـ "مصيدة توكيديدس" وحتمية الصدام الأمريكي الصيني.
رابعاً ـ أهداف الحرب التجارية الأمريكية على الصين.
خامساً ـ أدوات الحرب التجارية على الصين.
سادساً ـ آثار الحرب التجارية على العالم عموماً والعرب خصوصاً.

ولنبدأ بالمقصود:

أولاً ـ موقع الاقتصاد الأمريكي والصيني عالمياً:

أ ـ الاقتصاد الأمريكي:

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصاد الأوّل في العالم وفي معظم المقاييس الاقتصادية، فقد أصدرت مؤسسة فوكس إيكونوميكس المتخصصة بالأبحاث الاقتصادية وتوقعاتها لأكبر اقتصادات العالم لعام 2018م، ويشمل معدّل نمو الناتج المحلي وقيمة الناتج المحلي الاسمي التقرير الآتي:

 الترتيب                                معدل النمو                                قيمة النمو بالتريليون دولار
     
1    الولايات المتحدة                 2.4%                                                 20.25      
 2    الصين                               6.4%                                                 13.09      
 3    اليابان                               1.2%                                                 4.99      
 4    ألمانيا                                 2%                                                  3.99      

ثم كان ترتيب الدول كالآتي: الهند ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ البرازيل ـ إيطاليا ـ كندا ـ روسيا...

ويمثل الاقتصاد الأمريكي ما يزيد عن 24.3% من قيمة الاقتصاد العالمي.

وتمتاز أمريكا عن غيرها من الدول العالمية بالميزات الآتية:

1.    تملك 30% من أسهم الاستثمار العالمي.
2.    تملك 4 مصارف من أصل 7 مصارف عالمية كبرى.
3.    الدولار أساس التبادل العالمي.
4.    95% من عائدات وسائل الإعلام تخص أمريكا.
5.    75% من مبيعات الأسلحة في العالم من نصيب أمريكا.
6.    تترأس أمريكا أكثر المؤسسات العالمية.
7.    تمتلك السيطرة البحرية العالمية وقادرة على فرض الحظر البحري.
8.    الأولى في العالم في الأبحاث والمخترعات: فقيمة الإنفاق على الأبحاث والتطوير السنوية تزيد عن 476.5 مليار دولار، وهي أعلى قيمة في العالم.

لهذا نجد من الطبيعي أن تقود أمريكا الاقتصاد العالمي، وأن تؤثر على مسيرته سلباً وإيجاباً، ولا يخفى على المتابع للسياسة الأمريكية أنها دوماً تصب في خدمة مصالحها ولو أضرت بالاقتصاد العالمي، وحروبها الاقتصادية هي من سياساتها المعتادة والمعتمدة؛ لذا ليس غريباً  محاربتها للاقتصاد الإيراني والتركي في هذه الأيام، حيث شارف الريال الإيراني على الانهيار، والليرة التركية ما زالت تنخفض أمام الدولار، ومحاربة الاقتصاد الروسي التي ما زالت مستمرة، والآن الحرب التجارية مع الصين..

ب ـ الاقتصاد الصيني:

منذ عام 1978م بدأت الصين ثورتها الاقتصادية من خلال الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة التي اتجهت نحو اقتصاديات السوق، وبدأ النمو بمعدل 9.4% وما زال النمو قريباً من هذا المعدل في أكثر السنوات.

ومنذ عام 1982م إلى عام 2002م تضاعف الناتج الكلي للفرد بنسبة 5 أضعاف.

ولمعرفة قوة هذا التقدّم وسرعته نشير إلى أنّ الاحتياطي النقدي الصيني عام 1980م كان سدس الاحتياطي النقدي الأمريكي، ليزيد عام 2014م بنسبة 28 ضعفاً عن الاحتياطي النقدي الأمريكي، وكان الناتج المحلي الإجمالي الصيني بالدولار عام 1980م 7% من الناتج الأمريكي، ليصبح 60% من الناتج الأمريكي عام 2014م.

وأصبحت الآن الصين ـ ومن دون منازع ـ الاقتصاد الثاني في العالم، إذ تأتي بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ويمثل اقتصاد الصين نسبة 14.8% من الاقتصاد العالمي.

والجدير بالذكر أنّ النهضة الصينية متكاملة، فلم تقتصر على جانب دون آخر؛ بل نهضتها زراعية وخدمية وصناعية، مدنية وعسكرية..

ثانياً ـ مستقبل الاقتصاد الصيني والأمريكي على المدى المنظور:

من خلال الدراسة الاستقرائية للاقتصادين الأمريكي والصيني نسجل الملاحظات الآتية:

1 ـ إنّ الاقتصاد الأمريكي بات تقدّمه بطيئاً قياساً على الاقتصاد الصيني، إذ معدل النمو قريب من 2% في معظم السنوات، وأصبح الدّين الأمريكي المتزايد يثقل حركة التقدم الاقتصادي، حيث بلغ الدين الأمريكي 21.299 تريليون دولار، وهو موزّع بين دين خارجي وآخر داخلي.

2 ـ إنّ الصين ومن خلال خططها الطموحة تحقق معدلات نمو مرتفعة على الصعيد العالمي، وهي الأولى عالمياً وفي معظم السنوات، وتنفق سنوياً ما يزيد عن 370 مليار دولار على البحث العلمي والتطوير، وتأتي في المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة، بينما تنفق اليابان 170 مليار دولار، وألمانيا 109 دولار، وفرنسا 60 دولار، وروسيا 39 مليار دولار.

والحقيقة أنّ الصين تتبع جميع السبل للتقدم، سواء أكان الأمر مشروعاً وفق القانون الدولي أم كان غير مشروع، لذلك الاتهامات الأمريكية للصين في معظمها صحيح، خصوصاً من سرقة الصين للحقوق الفكرية وبراءات الاختراع والتكنولوجيا والصناعات المقلّدة؛ إذ يكفي أنّ نشير أنّ أكبر دولة مصدّرة في العالم للسلع المقلّدة هي الصين، وإنّ نسبة 77% من هذه السلع المقلّدة تصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

3 ـ حسب دراسة برايس ووتر هاوس (Price Waterhouse Cooper) فإن الصين ستكون عام 2050م في المركز رقم واحد عالمياً والهند رقم 2 وأمريكا رقم 3 ؛ بل هناك تنبؤات من بعض الاقتصاديين العالميين تشير أنّ الصين ستتفوّق تماماً على الاقتصاد الأمريكي في جميع مناحيه عام 2041م على أبعد تقدير.

وإنّ الواقع الاقتصادي لأمريكا والصين يشير إلى مصداقية هذه التنبؤات، وهذا الأمر هو مصدر قلق كبير للولايات المتحدة الأمريكية.

ثالثاً ـ "مصيدة توكيديدس" وحتمية الصّدام الأمريكي الصيني:

قد كانت أسبرطة دولة متقدّمة وتتمتع بنفوذ كبير، وكانت أثينا دولة ضعيفة، لكنّ الطموح الأثيني جعلها تحقق التقدّم الكبير وعلى الأصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية.. وبدأت تنافس بشكل حقيقي النفوذ الأسبرطي.. فبدأت أسبرطة تخشى صعود أثينا وطغيانها المستقبلي على أسبرطة؛ هذا الأمر جعل أسبرطة تقوم بحرب استباقية تمّ من خلالها القضاء على أثينا.

وهذا هو تعبير عن "مصيدة توكيديدس" التي تشير إلى أن بزوغ قوة جديدة يبث الخوف في قلب القوة القديمة، مما يتسبب في نشوب حرب. إذ قال المؤرخ اليوناني القديم توكيديدس: "ما جعل الحرب حتمية كان تنامي قوة أثينا والخوف الذي سببه في أسبرطة".

وعلى أرض الواقع الآن الصين تمثل "أثينا" فهي القوة الصاعدة بقوة سريعة، وأمريكا هي "أسبرطة" التي تخاف من صعود الصين وبالتالي ضياع دورها الريادي في العالم.

وكلتا الدولتان تدرك هذه الحقيقة؛ لذلك نجد من الطبيعي أنّ السفير الصيني تسوي تيان كاي، لدى الولايات المتحدة، في 6 نيسان عام 2016م، قال: "الرغبة في تعدّي تلك المصيدة (مصيدة توكيديدس) جعل الصين تولي علاقاتها بالولايات المتحدة أولوية قصوى". وأردف أنّ الصين لديها الثقة والقدرة لتجاوزها.

والمتابع للأحداث الأخيرة ومنذ آذار 2018م يدرك أنّ الأحداث بين أمريكا والصين تسير باتجاه تصعيدي، مما ينذر في المستقبل الوقوع في براثن "مصيدة توكيديدس"...!

رابعاً ـ أهداف الحرب التجارية الأمريكية على الصين:

إنّ السّاسة الأمريكيين يهدفون من الحرب التجارية على الصين تحقيق نوعين من الأهداف:

1 ـ الأوّل مرحلي:

وهذا الهدف المرحلي هو ما يبرره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حربه الحالية على الصين ويتمثل بتحقيق الأمور الآتية:

 أ ـ الحد من العجز التجاري بين أمريكا والصين: فالميزان التجاري الأمريكي يعاني من العجز مع الصين، ففي عام 2017م كانت قيمة العجز مع الصين 375 مليار دولار؛ لهذا طلب وزير الخزانة الأمريكي من نائب الرئيس الصيني خفض هذا العجز من خلال زيادة مشتريات الصين من أمريكا في قطاع الزراعة والطاقة، وعلى هذا الأساس وافقت الصين على شراء منتجات زراعية ومنتجات طاقة أمريكية بقيمة نحو 70 مليار دولار، لكنّ هذا لا يكفي لسدّ العجز؛ بل لابدّ من فتح الصين لأسواقها أمام الخدمات الأمريكية، وهذا أمر حساس سياسياً وإيديولوجياً بالنسبة للصين.

ب ـ الحد من سرقة الصين لحقوق الملكية الفكرية في مجال التكنولوجيا: وقد تعهد نائب الرئيس الصيني لأمريكا بتعزيز حقوق الملكية الفكرية من خلال تعديل قانون براءة الاختراع. لكن تطبيق هذه القوانين صعب في الصين، وكذلك لم تذكر الصين في استراتيجية الصين الصناعية "صنع في الصين 2025" مشكلة الملكية الفكرية، وذلك لتنافس الصين وأمريكا على مسألة التفوق التكنولوجي.

ج ـ الحد من الدين الخارجي مع الصين: يهدف ترامب إلى تخفيض الدين الخارجي الأمريكي من خلال تخفيض النفقات العسكرية الخارجية، وتقليل العجز التجاري، والصين هي أكبر بلد يملك سندات خزينة أمريكية، حيث بلغت قيمة السندات الأمريكية التي تملكها الصين 1.261 تريليون دولار، وهي تمثل 20% من قيمة الدين الخارجي الأمريكي، والحد من هذا الدين هو وسيلة هامة من أجل تجريد الصين من سلاح اقتصادي قوي قد تستخدمه ضدّ أمريكا.

قال الباحث الاقتصادي الأمريكي "ماكس كايزر": "الصين تبيع ديونها لمدّة عشر سنوات بسعر أقل من السعر الحقيقي من أجل ضرب الاقتصاد الأمريكي... ولذلك من خلال تقليل حجم الديون ستصبح أمريكا هدفاً أصغر للصين، ويتقلص ضعفها الاقتصادي مقابل الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الناتجة عن إغراق سندات الدين الأمريكية التي تبلغ قيمتها عدة تريليونات". ويضيف: "السندات قنبلة نووية اقتصادية، فإذا سحبت المفتاح وقررت التخلص من السندات سيكون لذلك تأثير كبير على سوق المال في أمريكا، وسيؤدي إلى صدمة تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي".

د ـ السياسة الصناعية في الصين: هذه السياسة تهدف إلى نمو القطاع الصناعي الصيني بعيداً عن المعايير الدولية والقانونية، ومسألة صناعة الصين المقلّدة للصناعات الأخرى تدل على ذلك بوضوح؛ لذا لا بدّ من التأثير على سياسة الصين الصناعية..

هـ ـ جلب الاستثمارات الأجنبية إلى أمريكا:
 
ذكر ترامب في تغريدة على تويتر  في السادس من آب الحالي: "التعريفات الجمركية التي فرضها تعمل بشكل جيد جداً.. وأنّ كلّ دول العالم تريد أن تأخذ الثروات إلى خارج الولايات المتحدة على حساب مصالحنا، فلنفرض عليهم الضرائب، إذا كانوا لا يريدون أن يخضعوا للضرائب الأمريكية، فليصنعوا منتجاتهم في الولايات المتحدة، ما يعني المزيد من الوظائف والثروات لنا".

فتلك هي الأمور المرحلية التي جعلت ترامب يبدأ الحرب التجارية على الصين.

ـ الثاني استراتيجي:

وهذا الهدف الاستراتيجي هو محور السياسة الأمريكية، ولا يرتبط بترامب أو غيره؛ لأنّه أمر استراتيجي يمشي على ضوءه السّاسة الأمريكيون من مختلف الأحزاب، وهذا الهدف الاستراتيجي هو: إزاحة أية قوة صاعدة تهدّد هيمنة الأمريكان على قيادة العالم واستغلاله. وهو منبثق من "مصيدة توكيديدس" التي أشرنا إليها.

وبالنسبة لأمريكا فقد اختزل بول وولفوتيز (نائب وزير دفاع سابق ورئيس البنك الدولي) سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجية ضماناً لاستمرار نفوذ وسيطرة أمريكا بقوله: "هدفنا الأول هو منع ظهور منافس جديد لنا، وهذا تفكير سائد بسبب استراتيجية الدفاع الإقليمية الجديدة، وهي ما تتطلب منا أن نحاول أن نمنع أي سلطة عدائية من السيطرة على منطقة موارد تكون كافية لتوليد سلطة عالمية.. تتضمن هذه المناطق أوروبا الغربية وشرق آسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق وجنوب غرب آسيا".

خامساً ـ أدوات الحرب التجارية على الصين:

في أي حرب اقتصادية أو حرب تجارية يمكن استخدام العديد من القيود والأدوات، ومن أهمها:

1.    الرسوم الجمركية.
2.    قيود كمية: كتحديد كمية الواردات من دولة ما.
3.    قيود صحية.
4.    قيود تتعلق بالمواصفات.
5.    قيود تتعلق بالاستثمارات.
6.    رفع سعر الفائدة: وتمارسه أمريكا منذ عدّة سنوات، وذكر رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو تشارلز ايفانز أنه سيكون هناك زيادة أو زيادتان في أسعار الفائدة عام 2018م.

وبالنسبة لترامب اعتمد إلى الآن على الرسوم الجمركية بشكل جوهري في حربه مع الصين، إذ إلى الآن تمّ فرض رسوم جمركية على ما قيمته 50 مليار دولار تخص ما يقرب من 1300 سلعة صينية، وبنسبة رسوم تتراوح ما بين 5% إلى 25% حسب نوع السلع المستهدفة، وهذه الرسوم دخلت حيّز التنفيذ. وردّت الصين على هذه الإجراءات بالمثل، حيث فرضت رسوم جمركية على وارداتها من أمريكا وبمبلغ تصل قيمته إلى 50 مليار دولار.

ويهدّد ترامب برسوم جمركية مستقبلية تصل إلى 500 مليار دولار، وهذا إذا ما تمّ تطبيقه فينذر بحرب تجارية حقيقية بين البلدين العملاقين.

سادساً ـ آثار الحرب التجارية على العالم عموماً والعرب خصوصاً:

1 ـ على الصعيد العالمي:

الأصل في العلاقات الاقتصادية هو الانفتاح الاقتصادي، حيث حرية الاقتصاد وبالتالي حرية التجارة العالمية التي تأتي بالنفع على الاقتصاد العالمي، ولعل من أهم فوائد هذا الانفتاح:

•    رفع مستويات المنافسة.
•    تحفيز الابتكار والاستثمار.
•    زيادة كفاءة استخدام الموارد.
•    الحد من زيادة أسعار السلع والخدمات.
•    رفع معلات النمو.
•    زيادة رفاهية الاستهلاك.

ومن الطبيعي أن الانغلاق الاقتصادي، وبالتالي الحرب التجارية ستترك آثاراً كارثية على الاقتصاد العالمي ككل، فما من بلد إلا وسيتأثر بالحرب التجارية، وضابط هذا التأثر هو حركة الصادرات والواردات لهذا البلد.

وعلى العموم يمكن للحرب التجارية أن تعود بالنتائج الكارثية العالمية الآتية:

•    انهيار منظمة التجارة العالمية.
•    انهيار نظام الدولار نفسه.
•    زيادة التضخم بسبب تضخم سعر الواردات.
•    انخفاض معدّل التجارة العالمية الذي يقود إلى انخفاض معدّل نمو الاقتصاد العالمي.
•    ظهور أزمة مالية عالمية على غرار الأزمة المالية العالمية عام 2008م والتي لا زالت بعض الدول لم تتعاف من آثارها.
•    ظهور الكساد العالمي: وهذه طامّة اقتصادية كبرى تضرب الاقتصاد العالمي، وذلك على غرار أزمة الكساد العالمي لعام 1929م التي أصابت الاقتصاد العالمي، والتي هدّدت النظام الرأسمالي كواقع ومنهج.
•    ظهور البطالة المرتبطة بالكساد العالمي.
•    الخوف من تطور الحرب الاقتصادية إلى حرب عسكرية، خصوصاً وأنّ قطبي الصراع هما الصين وأمريكا، وهما من أقوى الدول العسكرية في العالم، وهما ـ كذلك ـ بلدان نوويان...!

2 ـ على صعيد العالم العربي:

 يرتبط تأثير الحرب الاقتصادية على الوطن العربي من خلال صادراته ووارداته، فحسب التقرير الاقتصادي العربي الموّحد لعام 2017م فقد بلغت قيمة التجارة الخارجية العربية 1592 مليار دولار، منها 796.4 مليار صادرات و795.8 واردات، وإنّ نسبة البترول  58.7% من إجمالي الصادرات.

وتأتي الخطورة على الوطن العربي عندما تشتد الحرب التجارية، وبالتالي ينخفض مستوى النمو العالمي، وفي هذه الحالة سيكون الضرر من الأوجه الآتية:

•    تراجع الطلب على النفط العربي: وهذا سيؤدي إلى انخفاض سعر النفط، وهذا يؤثر على موازنات الدول، وبالتالي الصناعة والتجارة وانخفاض الدخول..

•    تراجع صادرات الصلب والحديد للدول العربية وخاصة مصر التي تصدّر ما قيمته 100 مليون دولار سنوياً إلى أمريكا، ولم يصدر قرار أمريكي من إعفاء مصر من الرسوم الجمركية الأمريكية إلى الآن.

•    تأثير على دخل قناة السويس بسبب الانخفاض الذي سيحدث في التجارة الدولية.

•    تأثيرات سعر الفائدة: سوف تتجه الدول إلى رفع سعر الفائدة؛ لكي تحافظ على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، ولتمنع خروج الاستثمارات المحلية إلى السوق الأمريكية بحثاً عن عائد مرتفع (حيث سعر الفائدة مرتفع)، أما الدول العربية بالأصل سعر الفائدة فيها مرتفع وهي تحتاج لإجراء عكسي كي تخفّض تكاليف الإنتاج المرتفعة التي تحول دون منافسة المنتجات المحلّية في السوق المحلّية أو الدولية.

•    هناك فرصة للدول العربية كي تستفيد من الحرب التجارية بين أمريكا والصين وذلك لتعزيز صادراتها من السلع التي تحتاجها تلك البلدان وخاصة صناعة البتروكيماويات، فالصين ـ مثلاً ـ فرضت عقوبات على الصناعات البتروكيماوية الأمريكية، وبالتالي هناك فرصة للدول العربية لزيادة صادراتها إلى الصين، ومن ثمّ تطوير الإنتاجية في هذا القطاع... ولكن هناك من ينافس الدول العربية في هذا المجال ككوريا الجنوبية؛ لذلك لابد من تحرّك عربي جاد وموّحد... لكن من يراقب تحركات واستعدادات الدول العربية لمواجهة الحرب التجارية يجدها شبه غائبة، فالجامعة العربية ليس لها صوت على الرغم أنّ أهم مؤسساتها هو مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومنظمة التعاون الخليجي غائبة؛ بل ومتصارعة...!

والدول العربية على الصعيد الفردي هي أعجز من التأثير في الحركة الاقتصادية العالمية.

ترك تعليق

التعليق