كيف يعيش السوريون في السعودية؟.. تفاصيل يرصدها "اقتصاد"


في حديث مع أحد الأصدقاء المقيمين في السعودية والذي يعمل في إحدى الشركات في مدينة "جدة" منذ سنوات عديدة، قبل أحداث الثورة السورية، وحين الاستفسار حول أوضاعه وأحواله والمعيشة هناك، بدأ الحديث حول سوء الاتصال بيننا  للمكالمة الصوتية عبر تطبيق "الواتس اب" – المحجوب هناك عن الاتصالات الصوتية مما يضطرهم إلى استخدام  برنامج "بروكسي" لتجاوز الحجب- حيث كان الصوت متقطعاً، فانتقلنا بسبب ذلك إلى المحادثة كتابة، وبيّن لي أن السبب في ذلك يعود إلى كون اشتراكه قديم في شبكة الانترنت من نوع المفتوح.

كانت السلطات السعودية قد رفعت تكلفة الاشتراك بالانترنيت أكثر من ١٠٠%، (من ١٤٠ إلى ٢٦٠ريال سعودي).

 وعلق الصديق قائلاً :"واذا مو عاجبك افصل، وانا اشتراكي قديم او مفتوح، الان صار في استخدام عادي وافلام..".

 وأضاف: "والله  مش موضوع شكوى بس غير الرسوم اللي فرضت والضرائب انعكست على الأسعار فعلاً شيء مبالغ فيه، بالإضافة لشح الوظائف".

كان ذلك المدخل الذي قاد إلى جملة من التساؤلات والاستفسارات تبين سوء الأوضاع للمقيمين "الأجانب" بشكل عام في السعودية.  فلا وجود لأي تمييز أو تساهل أو معاملة خاصة مع السوريين مقارنة ببقية الجنسيات الأخرى الموجودة هناك - باستثناء الزيارات- فتكاليف الإقامة والحياة غير متكافئة مع عائدات العمل هناك بشكل عام.

وعند السؤال عن السبب في صعوبات المعيشة والمشكلات الاقتصادية في السعودية هل يعود ذلك إلى تفضيل تطبيق الدولة السعودية سياسة تشغيل السعوديين "ما يعرف بالسعودة"؟، أم أن السبب "بدهم يطالعوا خسائر اللي اندفع لترامب"، وحرب اليمن؟، كانت إجابته، بأن المشكلة "قرارات متتالية ورا بعض، أنظمة و ضرائب متلاحقة"، وأكثر من ١٦ ألف منشاة في جدة وحدها فقط قد أقفلت بسبب الخسائر.

وعند السؤال حول وضعه الوظيفي وعن وضع شركته التي يعمل بها؟، كان الجواب بأن نسبة انخفاض العمالة عندهم ٦٠%، وتم إقصاء ٤٠% من الموظفين، وأكثر من ٣٠٠٠ موظف تم فصلهم، في عام ٢٠١٨، "واحنا على باب الله"، بالنسبة لنا اتخذوا اجراءات حيث تم تخيض الرواتب بنسبة ٢٥%.

وفي سؤاله عن سبب ذلك؟، فكانت الاجابة، الإجراءات، والخسائر، وانخفاض المبيعات بنسبة ٦٠%، وزيادة المصاريف، والانكماش الاقتصادي "اللي صاير بالبلد".

وعند السؤال عن سبب هذا الانكماش هل هي حرب اليمن؟، يجيب، هي حرب اليمن وبالاضافة لحصار قطر، وخروج رؤوس الأموال بسبب الاعتقالات وخروج "غير السعوديين" بسبب الرسوم العالية التي فرضت عليهم.

وكمثال يتحدث عن شركته التي يعمل بها: "احنا ننتج طوب احمر وجبس وحديد وسيراميك. كانت قطر واليمن بالنسبة لنا سوق رئيسي، بالذات بعد كأس العالم تبع قطر".

سألناه: "يعني كنتم موردين لهم باللوازم؟"، أجاب: "كان عندنا 3 خطوط إنتاج مخصصة لقطر بقوة عمالة ٧٠٠ موظف توقفت، وخطين إنتاج لليمن كمان توقفت، تبع اليمن بقوة عمالة ٣٠٠ عامل.، بالإضافة لفاتورة ترامب، والكلام اللي انت عارفه".

وعند السؤال حول الإقامات كيف يتم العمل بها وتكاليفها؟، قال لنا: "حول الإقامات تم تحميل الموظف كافة الرسوم الحكومية، ولو أنها غير قانونية، يعني الرسوم الحكومية لابد أن تدفع وتتحملها الشركة، لكن يتم اقتطاعها من الرواتب على شكل خصومات". ويضيف: "طبعاً ممكن تروح تشتكي، بس راح تأخذ استمارة (٦) بالآخر". وما هي هذه الاستمارة؟، "هي استمارة من الشركة تعني الطرد من العمل (يعني تفنيش). وما تكلفهم شيء، بس بدك تدور على شغل ثاني". "الشركة ممكن تعملك خروج نهائي من البلد، وتبلغ عنك وترحلك".

وهنا كان السؤال: "حتى إذا الشركة ما كانت هي مدخلتك، وماهي عاملة كفالة لك؟". أجاب: "حتى لو لا، كمان تقدر تعمل لك خروج نهائي، زمان كان ما تقدر الا في حالة انك جاي عليهم، بس الان عادي".

وعند السؤال حول تكلفة الإقامة للشخص؟، وهل تختلف من جنسية لأخرى؟، قال: "لو تعاطفوا معاك واعطوك نقل كفالة راح تكلفك بحدود ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ دولار، و ومع الاولاد راح تزيد معاك كتير في السنه، لأنه على كل ولد راح تدفع شهرياً ١٠٠ دولار تقريباً، وهذا الكلام مطبق على الجميع بمن فيهم السوريين المقيمين، ولكن يختلف اللي داخل زيارة".

وعند السؤال كيف يختلف "الداخل زيارة"؟ أجاب: "في بداية الثورة والأزمة السورية كان اللي عنده قريب في سوريا يبعت له طلب زيارة ومع زيادة الوضع سوءاً وتوقيف الخطوط، صار يجددوا لهم الزيارة كل سنة".

"وهل الداخل زيارة لا يدفع رسوم؟". قال: "لا يدفع، لكن في المقابل ما له شيء، يعني ما يقدر يفتح حساب بالبنك، وشغل ما يشتغل، وعلاج ما في.. يعني على حسابه، أو على حساب اللي زائره، أو يشتغل شغل اسود (عمل غير نظامي)، وأغلبهم عمال مقاولات، واللي جايب زوجته وأولاده. عايشين على حسابه.

والمفاجئ أيضاً عند السؤال: "ماذا يستفيد المقيم بكفالة؟"، كانت الإجابة: "لا شيء، ممنوع يتعالج بالمستشفيات الحكومية، فقط فيه يفتح حساب بالبنك، حتى لو مقيم ويدفع رسوم".

إذاً أين يتعالج المقيم؟، الجواب: "المقيم يضطر يعمل تأمين باي شركة تأمين صحي خاص وعلى حسابه، أو يدير باله على حاله".

وكم يكلف التأمين الخاص؟، "بحسب الشركة، وصارت أكثر الشركات تعمل تأمين لموظفيها، ولكن نحن بيعملوا النا تأمين صحي وبيخصموه من رواتبنا".

وكم يتحمل المؤمن من تكلفة العلاج والدواء؟، يعني نسبة كم؟. "نسبة ٢٠ % وهي نسبة (ستاندر) بكل العالم".

الإقامة والزيارة وأجور المنازل

في حالة اخرى، أجرينا حواراً مع سورية دخلت إلى السعودية منذ عام تقريباً بعد زواجها من سوري يعمل في شركة سعودية، ولكنه مقيم بإقامة سياحية منذ سنوات يجددها بشكل سنوي، وقام بإدخالها السعودية كزيارة بعد معاناة.
 
وهم الآن يستأجرون منزلاً مفروشاً بـ ( 13ألف ريال سعودي) في السنة، وذلك لأنه غالباً ما يتم الدفع سلف لمدة عام، أو 6 أشهر، ونادراً ما يوجد أجرة منزل بشكل شهري، ويوجد بيوت الجيد منها يقارب أجره 20 ألف ريال، ولا توجد مشكلة في جنسية المستأجر طالما يدفع الإيجار سلفاً.

ولكن بيّنت لنا محدثتنا أنه: "يلاحظ عنصرية في موضوع الوظائف من حيث المعاملة والرواتب أقل". فمثلاً هي خريجة أدب انكليزي في سوريا ومدرسة لعدة سنوات فيها، وهي الآن تعمل في مدرسة سعودية خاصة ويتم إعطاؤها راتباً شهرياً (3 آلاف ريال).

 وترى محدثتنا السورية أن لا علاقة للمخالفة في الإقامة أو غيرها، "لأن الكل هيك، اللي معه إقامة ولا لاء نفس الشي، وقد ما كان راتبك منيح بتحطهن على الاقامات والمعيشة، خاصة الي عندو اولاد بيكلفوه كتير والمدارس بتكلفوا كتير".

التدريس والمدارس

صرحت لنا محدثتنا حول مدرستها: "مثلاً مدرستنا قسطها بالسنة (16 ألف ريال)، ويتم إعطاء أسئلة الاختبار للطلاب والكل ينجح، ومن دخل زيارة إلى السعودية، لا يستطيع وضع أولاده في مدارس حكومية، وتبقى رواتب المدارس الحكومية أفضل بكثير ولكن لا يوظف فيها غير السعوديين".

وحول الإقامات أيضاً

تقول بأن زوجها مثلاً: "يعمل بعقد ينتهي خلال بضعة أشهر، ومجال عمله أصبح فقط للسعوديين، ولم يبق غيره مع عدد قليل جداً من غير السعوديين في هذا المجال، وعند انتهاء العقد إذا لم يجددوا له، لن يستطيع تجديد الإقامة، إلا إذا وجد شركة أخرى يعمل بها، تكفل إقامة.

وعن إقامتها تضيف: "ما عملت اقامة لأنه ما بتطلعي، لان من زمان ما بقى عطوا اقامة للسوريين، ولا باي طريقة ولا بواسطة، وحتى لو صار معي اقامة بصير بدو يدفع زوجي رسوم اكتر".

أما الزيارة فرسومها أقل، "وكل 3 أشهر بندفع 100ريال وتجديدها أسهل على النت بيصير، بينما لو اقامة بدفع كل شهر 100 ريال وكل سنة رح يزيد، والمعيشة نوعاً ما مقبولة، بالنسبة للأكل ماشي حال، والرواتب ما في فرق بين راتب السوري عن باقي الجنسيات، متلو متل أي واحد اجنبي".- يعتبر كل مقيم او ساكن في السعودية من غير السعوديين اجنبي بغض النظر عن جنسية سواء كان عربياً او غيره-".

وحول كفاية الرواتب ترى أنه "كل شخص حسب شغله وقد ما كان راتبه منيح آخر الشي بيحطه إيجار بيت واقامات".

الصحة والعلاج

وفي إحدى تنقلاتي كنت قد التقيت بحالة أخرى لسوري مقيم في السعودية، ولكنه يقوم بالعلاج من مرض السرطان في تركيا، رغم إقامته في السعودية، حيث يذهب بشكل أسبوعي للعلاج ويعود، لأنه يرى أن العلاج في السعودية مكلف جداً في حين التكلفة أقل بكثير في تركيا.

وتقول محدثتنا أن التامين الخاص في السعودية يشمل العلاج الكيماوي للسرطان على الرغم من أنه مكلف جداً، فمثلا زوجة عمها تعالجت من السرطان بالتأمين ورغم أن المبلغ كان كبيراً جداً إلا أن التأمين دفع كامل المبلغ، ولولا ذلك ما استطاعت أن تتعالج، حيث قامت نفس الشركة التي يعمل بها عمها بإجراءات الكفالة والاقامة والتأمين له ولزوجته واولاده.

وأضافت: زوجي عمل تأمين صحي خاص إلي، وانا حامل، واذا كان خالص التأمين وقت الولادة بولد بالخاص بس بياخدوا مصاري كتير".

وحول تكاليف الولادة تقول: "حسب المشفى. في المشافي الخاصة قد تصل إلى ( 5000 ريال سعودي)، بينما الولادة في المشافي الحكومية مجانية ولكنها فقط للسعوديين. وعلى السوريين وغيرهم من "الأجانب" أن يتعالجوا في القطاع الخاص.

ترك تعليق

التعليق