في ظلال "الغضبة" الروسية...حكومة الأسد "تُكوّع" عن صفقة الطائرات الأوكرانية

لأن السياسة تحكم الاقتصاد، في عُرف نظام الأسد، وليس العكس. ولأن المصلحة الوطنية يمكن التضحية بها فداءً لكرسي الحكم، في أدبيات حكومة الأسد. قررت الأخيرة مراعاة الغضبة الروسية من سلطة "كييف" الجديدة.

فقبل ثورة أوكرانيا، التي أطاحت بالحكومة الموالية للروس في "كييف"، كانت حكومة الأسد في طريقها لتنفيذ سلسلة صفقات مع أوكرانيا، أبرزها صفقة شراء عشر طائرات ركاب "أنتونوف"، وُقّع عقدها في العام الماضي بالفعل، وصدّع الإعلام الموالي رؤوسنا بأنها ستحقق نقلة نوعية في أداء مؤسسة الطيران السورية.

كما طُرحت صفقات أخرى للدراسة، منها استيراد دجاج أوكراني مجمد، رغم تحذيرات مختصين من أن يكون هذا الدجاج يحمل آثاراً من التلوث الإشعاعي الناجم عن كارثة تفجر مفاعل تشرنوبل، في نهاية القرن الماضي.

وها قد بدأت حكومة الأسد "تُكوّع". فأوكرانيا لم تعد ضمن الفلك الروسي، ولأن رضا الكرملين غالٍ في نظر الأسد، قررت حكومته فسخ عقد صفقة الطائرات الأوكرانية.

هذا القرار ما يزال في طور الدراسة، والذريعة: أن العقد الموقّع العام الماضي لا ينص على أي ضمانات تحفظ حقوق الجانب السوري، وهو ما يشكل عائقاً أمام سعي مؤسسة الطيران السورية لتمويل الصفقة بقرض مصرفي.

غياب تلك الضمانات، لم ينتبه إليه مسؤولو حكومة الأسد، إلا اليوم، بعد أشهر عديدة على توقيع العقد....أليس من المفروض أن تُدرس هكذا صفقات جيداً قبل عَقدِها؟، وأبرز ما يجب أن يُدرس فيها، هو مصدر تمويلها؟!

هذا يطرح تساؤل "ساذج": هل كان مسؤولو حكومة الأسد جاهلين ببديهيات دراسة الجدوى الاقتصادية والملاءة المالية للصفقات...واستيقظو اليوم فقط؟!...أم أن القضية متعلقة بتغير الموقف الروسي من كييف العاصمة، بعد الثورة على الحكومة الموالية للكرملين هناك؟

بكل الأحوال، هذا دليل آخر، لكل من يُكابر، على أن سوريا، بثرواتها واقتصادها وماليتها، وحتى بشعبها وجغرافيتها، رهنٌ لمصالح الأسد وعلاقاته الخارجية التي تحمي كرسي الحكم تحته، في عُرف رجلٍ وأسرةٍ وثُلةٍ، كانوا وما يزالون مستعدين لفعل أي شيء للبقاء في أمكنتهم، وتوريثها، من بعدهم، لأولادهم.

ترك تعليق

التعليق