"مزة بساتين"...خطوة نحو تغيير ديمغرافية دمشق


ترتقب العاصمة دمشق، بعد أقل من شهرين، خطوة عملية باتجاه تغيير ديمغرافيتها، حسب مراقبين. إذ أن منطقة "مزة بساتين"، ستتعرض للهدم، بحجة إنشاء منطقة تنظيمية جديدة، وسيتعرض سكانها للتهجير، وسط وعود بتعويض شهري لا يغطي تكاليف استئجار شقة بدمشق، في وقت تتمدد فيه مظاهر "الاستيطان" الإيراني، بصورة واضحة.

واعتباراً من 13/9/2015، ستبدأ محافظة دمشق بعمليات الهدم وإخلاء الإشغالات جميعها دون استثناء، بعد أن وزع موظفو المحافظة قبل أيام، إنذارات إخلاء على القاطنين في المنطقة، الذين رفض بعضهم استلام الإنذارات وسط استياء عارم، ومخاوف من مستقبل مجهول، واتهام للنظام بأنه يريد الانتقام من منطقة شكلت مهداً للحراك الثوري ضده في بدايات الثورة عام 2011.

وكان بشار الأسد أصدر عام 2012 مرسوماً تشريعياً قضى بهدم منطقة مزة بساتين في دمشق، وإحداث منطقة تنظيمية جديدة على أنقاض هذا الحي، وذلك على غرار تنظيم "كفرسوسة"، حسب ما يردد الإعلام الرسمي للنظام.

وحسب تقرير أعدته "زمان الوصل"، يقول "أبو فادي"، وهو أحد سكان حي المصطفى التابع لحي مزة بساتين، إنه رفض استلام إنذار الإخلاء الذي وزعه قبل أيام موظفو المحافظة على القاطنين في هذه المنطقة. ويضيف: "أين سنذهب.. لايوجد مكان آخر ننزح إليه.. مناطق العاصمة مملوءة بالنازحين والإيجارات لاطاقة لنا عليها".

في هذه الأثناء، أكد مدير التنظيم والتخطيط العمراني في محافظة دمشق، جمال يوسف، أن عمليات الهدم والإخلاء ستبدأ في مطلع أيلول القادم. ووجه كلامه لسكان المنطقة المستائين، عبر صحيفة "الثورة" الخاضعة للنظام، بأن الاستنكاف من قبل القاطنين في المنطقة المستهدفة عن استلام إنذارات الإخلاء لن يفيدهم بشيء، منوهاً إلى أن المشروع قائم، ولن يؤخره أي شيء، حسب وصفه.

وبهذا الصدد، لا ترى "نور الشامي" وهي عضو "تنسيقية المزة" وإحدى سكان هذا الحي، أن هذا القرار عائد لرغبة النظام في إعادة تنظيم العاصمة عمرانياً كما يدعي، وتتساءل، في حديث لـ "زمان الوصل"، عن سبب عدم اشتمال هذا المرسوم لحي المزة 86 المجاور لهم وهو من أكبر العشش العشوائية في دمشق؟، وتخلص "الشامي" إلى التشكيك في صدقية كلام النظام، معتبرة أن القرار يحمل طابعاً طائفياً وانتقامياً، الهدف منه هو تغيير ديموغرافية المنطقة التي بات النشاط الاستيطاني للوافدين الإيرانيين فيها ملحوظاً للجميع، كما لا يخفى على أحد تموضع المؤسسات الدبلوماسية والثقافية الإيرانية في منطقة المزة بشكل كبير، فهي تحتوي سفارتين إيرانيتين واحدة منها قيد الإنشاء إضافة لمركز ثقافي ناهيك عن ازدياد شراء العقارات في هذه المنطقة بشكل كبير من قبل مسؤولين وعسكريين إيرانيين.

 منطقة المزة بساتين بأحيائها "الفاروق" و"المصطفى" كانت قبل 3 أعوام مهداً ومنطلقاً لثوار المزة، كما أن لبساتين الصبار فيها الممتدة إلى تخوم داريا ومعضمية الشام ذكريات مع ثوار هاتين المنطقتين، حيث نفذ خلالها الثوار عمليات نوعية ضد قوات النظام قبل أن يتمكن النظام من إخماد جذوتها عبر التشديد الأمني والمجازر التي ارتكبها بحق أبنائها، انتقاماً من هذه المنطقة، ولاتزال مجزرة شباط 2012 التي راح ضحيتها العشرات من شبابها خالدة في أذهان من عايشها.

وكان النظام قد وعد بتعويض شهري للمتضررين من المشروع، لا يتجاوز 25 ألف ليرة، كبدل إيجار، ولمدة سنة واحدة، علماً أن مدة إنجاز المشروع قد تمتد 5 سنوات، ناهيك عن أن أقل شقة بدمشق لا يقل إيجارها الشهري عن 60 ألف ليرة، نظراً لاكتظاظ العاصمة بالنازحين المهجرين من مناطق مختلفة.

ويروي شهود عيان عن مشاهدة العشرات من آليات النظام التابعة لمؤسسة الإنشاءات العسكرية (الجهة المنفذة للمشروع التنظيمي) باتت تتجهز على أطراف الحي تمهيداً للبدء بأعمال الهدم. وتتابع "نور الشامي" إن النظام لم يوضح آلية البدائل لنحو 120 ألف ممن سيتم تشريدهم من حي "مزة بساتين"، فمديرية التخطيط العمراني اكتفت بالوعود بتعويضات مالية شهرية كبديل عن الإيجار لمدة سنة واحدة حسب وعودهم، فيما لم يتم توضيح مصير هؤلاء المهجرين ما بعد هذه السنة رغم أن المشروع التنظيمي سيحتاج -حسب المخطط الزمني- نحو 5 سنوات لاكتماله.

وهكذا أصبح عشرات الآلاف من سكان منطقة "مزة بساتين"، أمام مستقبل مجهول، ناهيك عن عشرات آلاف النازحين المقيمين في هذه المنطقة، في ظل ندرة عقارية، وارتفاع خيالي في الإيجارات الشهرية بدمشق.

ترك تعليق

التعليق